ترك برس

يعد علي إحسان كاراغاتش، من آخر الحرفيين المتقنين لمهنة صبغ خيوط السجاد والبسط في وسط الأناضول. تدرب لفترة من الوقت على المهنة ثم أتقنها وغدت مصدر رزقه، وصبغ في ورشته بأكسراي ملايين الأطنان من الخيوط خلال 52 عاما.

التحق كاراغاتش بأحد المعلمين القدماء في الصباغة في ولاية نيغدة وسط تركيا، كمتدرب  بعد إنهائه للمرحلة الدراسية الابتدائية. وفتح كاراغاتش، مصبغة خاصة به في أكسراي وسط تركيا، بعد إتقانه للمهنة وتأديته لواجبه الوطني في الخدمة العسكرية، ليواصل عمله بهذه المهنة التي أحبها ولم يتركها طوال حياته. 

وعلى الرغم من تقدمه في العمر، إلا إنه يواصل عمله بصبغ خيوط السجاد والبسط إلى اليوم بغلي المراجل بنفس حماس اليوم الأول الذي بدأ بممارستها قبل 52 عاما. ويعد اليوم أفضل "أسطى" في هذه المهنة.

وفي حديث لوكالة الأناضول، يؤكد كاراغاتش أنه لا يوجد أحد يعمل بصبغ الخيوط في وسط الأناضول غيره، وقال: "تأتيني  خيوط الصوف من جميع أنحاء تركيا، لعدم وجود أسطى غيري في وسط الأناضول يقوم بهذا العمل. سأبذل ما بوسعي كي لا تنقرض هذه المهنة طالما لا زلت واقفا على قدمي. تتميز هذه الصبغة بأنها صحية أكثر وتعطي ألوانا أكثر جمالًا، لا تفقد جمالها لو استخدمت لمدة طويلة وأصبحت قديمة".

يصنع كاراغاتش الأصباغ بنفسه من جذور و قشور النباتات التي يجمعها من الجبال، ويقول: "أتقنت مهنة صبغ الخيوط خلال فترة عملي الطويلة لمدة 52 عاما، عدا فترة التدريب وخدمتي العسكرية. أقوم بطحن قشور وجذور بعض النباتات والأعشاب التي أجمعها من الطبيعة مثل الخوخ، والبلوط، والجوز، والبصل، ثم احولها إلى صبغة جذرية، وباستطاعتي أن أستخرج حوالي 100 لون من 5 أو 6 ألوان رئيسية".

ويتابع قائلًا: "أصبغ خيوط الصوف برميها داخل المرجل المغلي، وأتركها تغلي لمدة تتراوح بين 3 و4 ساعات. أمزج وأصبغ الخيوط بالألوان حسب طلب ورش ومصانع السجاد والبسط في عدة مدن تركية مثل ديار بكر، وقيصري، وسيواس، وأرضروم، وقارص، ونيغدة وبيتليس. وبعد نسجها بأنوال النسيج تتحول إلى سجاد وبسط. كان عملنا في الماضي أفضل من اليوم، فقد كان لدي 15 عاملًا في الورشة، ولم يبقَ لدي أي عامل بعد أن تراجع العمل".

تساعد زوجة كاراغاتش "حقيّة" زوجها في عملها وقت الحاجة لأنّه لا يوجد لديه أي عامل. ويقول: "تساعدني زوجتي في عملي منذ عشرة أعوام، وقد أغلقت ورشتي لمدة ثلاثة أشهر بسبب تفشي فيروس كورونا، وفتحته عندما رفع الحظر عمّن عمرهم فوق 65 عاما. وما إن فتحته حتى تلقيت طلبات من إزمير، وقونية، وقيصري".

تقول حقيّة كاراغاتش: "كان لدى زوجي العديد من العمال، وقد ذهب معظمهم للعمل في إنجلترا بعد انخفاض الطلبيات، مما اضطرني لمساعدة زوجي عند تلقيه طلبيات. يعد زوجي الأسطى الأخير في هذا القطاع بتركيا، وقد صبغت في هذه الورشة أطنانا من الخيوط، وفيها جمع زوجي الليل والنهار في أثناء عمله فترة شبابه، حتى في عطلة نهاية الأسبوع ولم يعطل إلا يوما واحدا. لم يكن يعرف حتى في أي صف يدرس أولادنا، وقد درسوا، وتزوجوا، وذهبوا".

وتتابع قائلة: "بسبب كثافة العمل، لم يعد اليوم لهذه المهنة أهمية كبيرة، فقد انتقلت هذه المهنة إلى الصين التي تقوم بأعمال كبيرة في هذا المجال. نعمل حاليا بجهود قليلة وربح قليل، ولم يعد هناك أسطى في هذه المهنة في نيغدة ولا في أوشاك ونيفشهير. ولكن الزبائن ما زالوا يأتوننا من إسطنبول، وديار بكر، وقارص بطلبيات. سأبقى أساعد زوجي بقدر ما أستطيع".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!