مراد يتكين – صحيفة راديكال – ترجمة وتحرير ترك برس

يمكننا السؤال بالشكل التالي أيضاً: أي الموضوعين يستأثر باهتمامكم أكثر ؛ كون أوباما قد أخرج تركيا من قائمة الحلفاء السياسيين والعسكريين وتقدمه بطلبات أخرى لأردوغان أم الأحداث الجارية في أغري والمتوافقة زمنيا مع بداية الحملة الانتخابية؟

أقرّ أن استعمال البابا فرنسيس لكلمة مجزرة مهم في سياق حديثه عن التهجير الأرمني في الذكرى المئوية لتلك الأحداث التي حدثت في شهر نيسان من عام 1915.

علماً أن سلف فرنسيس البابا جون باول رجح استعمال جملة " يتم تقييمها على أنها مجزرة" في سياق حديثه عن نفس الموضوع عند توقيع اتفاقية مع الباطريارك الأرمني كاركين.

وبنفس الطريقة فقد تهرب سلف أوباما جورج بوش الإبن من استخدام كلمة مجزرة لتفادي المشاكل السياسية التي يمكن أن يحدثها مثل هذا التصرف وذلك من خلال استخدامه لتعبير “Meds Yeghern” باللغة الأرمنية والذي يعني المصيبة الكبيرة.

وقد كان الفاتيكان قد أوحى قبل أيام أن البابا لن يستخدم كلمة مجزرة ولن يضع الحق على تركيا بشكل مباشر, على سبيل المثال فقد عبر موقع www.cruxnow.com الذي يعد أحد الأصوات المعبرة عن الصوت الكاثوليكي في العالم عن اعتقاده بأن البابا بعد اجتماعه مع الأساقفة الأرمن في 9 نيسان سيستعمل لغة تميل إلى الاعتدال وخاصة بعد التوتر الديني الذي يشهده الشرق الأوسط وبهدف عدم اجتذاب ردات الفعل السلبية ضد المسيحية.

ولنتذكر أن نفس الموقع قد تحدث عن الدور المعتدل الذي يمكن لتركيا أن تلعبه في العالم الإسلامي, وتحدث أيضاً أن الجهات التي يمكن لها أن تهدد العالم المسيحي هي القاعدة وداعش.

وطبعا كان هدف الرئيس الأرمني الأساسي أن يدفع الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى استخدام كلمة مجزرة ولكن ليس باللغة الأرمنية وإنما باللغة الانكليزية هذه المرة, وبهذا فإن الولايات المتحدة ستكون طرفاً في هذا الموضوع وفي الوقت ذاته سيتم فتح موضوع التعويضات مرة أخرى.

وفي حين أن البابا قام بهذا التصريح الذي لم يجلب الفائدة لأرمينيا, هل تعتقدون أن باراك أوباما في 24 نيسان سيقوم بخطوة تعرض شراكته مع تركيا على الأقل في قاعدة أنجرليك ومركز الرادار في ملاطيا وسورية والعراق وأفغانستان للخطر؟

أم أنه سيطلب طلبات سياسية وعسكرية جديدة من رئيس الجمهورية طيب أردوغان؟ ربما يكون لها علاقة بقاعدة أنجرليك أو بالموضوع الروسي. سنرى ذلك.

المسألة الأرمنية هي إحدى المسائل التي يجب على تركيا أن تتركها في الماضي وتتخطاها إلى المستقبل , ولذلك فإن النقاش مهم حول هذه المسألة .

ولكن من جانب آخر فإن أردوغان على حق أيضاً فتركيا تقترب من الانتخابات التي تعد الأكثر حساسية منذ عام 1950 . وتعد المسألة الكردية أكثر مواضيع هذه الانتخابات حساسية.

وفي هذه الأيام التي  كانت التوازنات الانتخابية فيها تسير بين تخطي حزب HDP للحد الأدنى المطلوب من الأصوات وبين فتح الطريق أمام أردوغان ليصل إلى النظام الرئاسي الذي يطمح إليه. ساهمت الأخبار الواردة من أغري في 11 نيسان في قلق الجميع.

ومنذ الأمس أصبح موضوع النقاش الانتخابي بين الحكومة متمثلة بأعلى المستويات من رئيس الجمهورية إلى رئيس الوزراء وبين حزب HDP ماذا حدث في أغري بتاريخ 11 شباط؟

وقد جاءت أخبار الاشتباكات والموت من أغري بعد أن صرح أحد اهم القادة القديمين في PKK بانهم لا يريدون الحرب مع تركيا بعد الآن, وأن الأحداث التي يمكن لها أن تحدث في أثناء الانتخبات ليس لهم علاقة بها وقد وضع الألمان كشهود على كلامه.

***

صرحت قيادة الأركان بأن مسلحي PKK قاموا بمهاجمة الجنود. وقد سبق رئيس الجمهورية رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء داود أوغلو في الحديث عن أن من قام بهذا الهجوم هو PKK وذلك للتأثير على الناخبين ودفعهم إلى التصويت لصالح HDP في الانتخابات.

ولم يجانب نائب رئيس الوزراء يالجين أكدوغان الصواب عندما صرح بأن إدخال مسلحين إلى الأماكن المأهولة لا يعد تحييداً للصراع المسلح, ولكن PKK يتجول بأسلحته في المدن منذ سنتين فالحادثة ليست وليدة اللحظة.

أما من وجهة نظر صلاح الدين دمير تاش رئيس حزب HDP فإنه لا يوجد صدامات مسلحة أو ما شابهها. هناك عملية تحاول الحكومة أن تظهرها على أنها صدام مسلح. وقد دعا دميرتاش قائد حزب الشعب الجمهوري كمال كيليجدار أوغلو وقائد حزب الحركة القومية دولت باهشالي إلى زيارة أغري معه للوقوف على حقيقة الأحداث الأخيرة (وهذا تطور جديد ومهم).

***

علماً أن الحزبين يعرفان أن حزب العدالة والتنمية وحزب HDP يحاولان أن يكسبا هذه الانتخبات من خلال إدارة الأزمة الكردية, وهما أيضاً يريدان أن يكونا في الواجهة.

وقد كان الملتقى الذي أقامه حزب الشعب الجمهوري في منطقة كارتال في اسطنبول من أفضل الملتقيات الذي نظمها الحزب منذ 15 – 20 سنة حيث ترك كليجدار أوغلو الحديث عن حزب العدالة والتنمية وعن أردوغان وأخذ بالحديث عن وعوده الانتخابية الخاصة.

أما بهشلي فإنه متأكد من أنه سيكسب الأصوات الانتخابية التي خسرها لصالح حزب العدالة والتنمية في الماضي مرة أخرى, ولا ينوي الدخول في منافسة مع حزب العدالة والتنمية في موضوع العداء مع حزب HDP.

***

ولكن لنسأل مرة أخرى: ماذا حدث في أغري؟

لأن الجواب على هذا السؤال لن يوضح عاقبة الحوار بين حكومة العدالة والتنمية مع PKK حول المسألة الكردية فحسب وإنما سيحدد أيضاً فيما إذا كان الانتخابات ستجري في مناخ حر وعادل و ستحدد أيضاً شكل تركيا المستقبلي. 

عن الكاتب

مراد يتكين

كاتب في صحيفة راديكال


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس