ترك برس

اعتبرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن الخلاف الحاد الذي اندلع بين تركيا وفرنسا أخيرا، على خلفية الرسوم الكاريكاتورية المسيئة إلى النبي محمد ﷺ، وتصريحات الرئيسين الفرنسي والتركي، إنما يعكس حربا حضارية بين تركيا وباريس والاتحاد الأوروبي تغذي الصراع بين الطرفين.

ونشرت الصحيفة العبرية مقالا لمحلل شؤون الشرق الأوسط تسفي برئيل، كتب فيه إن الرئيس التركي دعا مواطنيه هذا الأسبوع إلى مقاطعة المنتجات من فرنسا ، بعد أيام من إعادة ماكرون لسفيره من أنقرة.

ومع أن فرنسا تصدر ما قيمته 6.8 مليار دولار من البضائع إلى تركيا ، مقابل 7.5 مليار دولار من الواردات من تركيا، وأن مقاطعة فرنسا ستضر بالصادرات التركية أكثر من الصادرات الفرنسية، فإنه عندما يتعلق الأمر بالاحترام، فإن المال ليس المشكلة.

ليس فقط السياسة الداخلية

ووفقا لبرئيل، من الممكن أن نعزو الجدل الأخير بين أردوغان وماكرون إلى الاستعدادات التي أجراها الأخير للانتخابات الرئاسية في أبريل 2022  التي من المتوقع أن ينافسه فيها  ماري لوبان، وكذلك حاجته إلى تعزيز صورته في فرنسا.

 ولكن برئيل يستدرك بالقول إن  العلاقة المريرة بين الرئيسين لها بنية تحتية سياسية لا علاقة لها بالاعتبارات السياسية الداخلية، إذ  يقود ماكرون الخط الأوروبي الثابت ضد التدخل العسكري التركي في ليبيا، ويرجع ذلك أساسًا إلى أن تركيا تدعم الحكومة الليبية المعترف بها ، مقارنة بفرنسا التي تعمل بمثابة العمود الفقري العسكري والسياسي للجنرال الانفصالي خليفة حفتر.

وأضاف أن فرنسا نددت وهاجمت تركيا بسبب تدخلها العسكري في سوريا،  وحربها على الأكراد السوريين ، بل ودعتها إلى سحب قواتها من أذربيجان ووقف هجومها على أهداف في أرمينيا ، في الصراع الحالي في منطقة ناغورنو كاراباخ في القوقاز.

وتابع أن فرنسا انحازت أيضا  كما انحازت إلى جانب ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى إلى جانب اليونان وقبرص بشأن قضية التنقيب عن الغاز التركي في البحر المتوسط، في المناطق التي تعتبرها أثينا جزءًا من أراضيها البحرية. حتى أن باريس تضغط لفرض عقوبات على تركيا إذا لم تجلس في مفاوضات مع اليونان.

ولفت إلى أن الرئيس أردوغان  يرى التنقيب عن الغاز، بالإضافة إلى التدخل العسكري في ليبيا وسوريا وأذربيجان،  على أنها مكونات أساسية لإستراتيجية مصممة لترسيخ مكانة تركيا كقوة عالمية ، وليس مجرد قوة إقليمية.

وأوضح أن تركيا تبني محورًا سياسيًا يهدف إلى تقليص مكانة التحالف العربي الموالي لأمريكا الذي بنته السعودية ، ولا تتورع عن مواجهة روسيا بشأن قضية ناغورنو كاراباخ ، أو حتى مع الولايات المتحدة ، بشأن الاستحواذ على نظام S-400 الروسي المضاد للطائرات.

ورأى المحلل الإسرائيلي أن الطموح السياسي لأردوغان ليس وحده هو السبب في الخلاف بينه وبين فرنسا بشكل خاص ، وأوروبا بشكل عام، إذ  كان هناك خلاف كبير بين الرئيس التركي وفرنسا حول الاعتراف بمزاعم الإبادة الجماعية للأرمن في عام 1915 ، ومحاولة إصدار قانون يعترف بمسؤولية الإمبراطورية العثمانية عن قتل حوالي 1.5 مليون أرمني.

ويضاف إلى ذلك أيضا تصريحات الرئيس السابق نيكولا ساركوزي ، الذي قال في عام 2007 إن "تركيا ليس لها مكان في أوروبا ، ومكانها في آسيا". وينظر إلى تصريحاته في تركيا على أنها موقف يوضح سبب معارضة فرنسا حتى يومنا هذا لانضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي.

ويذكر برئيل أن الانقسام الثقافي الذي يخيف أوروبا انعكس هذا الأسبوع في تبادل الاتهامات بين المتحدث باسم مكتب الرئاسة التركي فخر الدين ألتون ونائبة رئيس المفوضية الأوروبية مارغريت شناص.

ألقى ألتون باللوم على بعض الزعماء الأوروبيين في الهجوم على العقيدة الإسلامية، وردت شناص ،": "يؤسفني أن أخيب ظنك ، لكن هذا أسلوب حياتنا ، أسلوب الحياة الأوروبي ، الحرية في دستور الاتحاد الأوروبي". ولكن ألتوت لم يصمت، وكتب تغريدة على تويتر أرفقها بمقال يصف كيف تمنع أوروبا بالقوة وبشكل غير قانوني دخول اللاجئين إلى القارة. واضاف "نعم ، هذا هو أسلوب حياتك الآن".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!