إبراهيم كيراس – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس

لقد مر شهر ... وربما تتذكرون ذلك المقال الذي كتبته وتحدثت فيه عن الأيام التي قضيتها في القدس ومدن فلسطينية أخرى. وقد سنحت لي الفرصة لزيارة هذه الأماكن التي تقع تحت الاحتلال الاسرائيلي والتي تحمل آثار أجدادنا كما هو الحال في العديد من المناطق في العالم لأول مرة بفضل الفعاليات التي لا تقدر بثمن والتي تنظمها مؤسسة التعاون والنهضة التركية ( TIKA)  ولم أستطع الحديث باستفاضة عن تلك الأيام لبعض الأسباب. وقد رأيت أن أتطرق إلى هذا الموضوع كلما أتيحت لي الفرصة وأن أشارك مشاهداتي حولها بوسائل مختلفة. ولكنني لم أكن أتوقع أن يكون تاريخ 23 نسيان من المناسبات التي تجعلتي أتحدث عن تلك الزيارة:

أكثر نقطة حساسة بالنسبة لنا في القضية الفلسطينية هي سلب شعب وطنه الذي يعيش فيه منذ آلاف السنين وتركه بلا وطن...

كما تعلمون فإنه من جانب توجد إسرائيل التي تتوسع باستمرار منذ عام 1948. ومن جانب آخر يوجد الفلسطينيون الذين جُعلوا أقلية في بلدهم ثم أصبحوا يواجهون خطر خسارة ذلك الوطن نهائياً...

وقد بدأت إسرائيل بعد حرب 1967 المخجلة بالنسبة للعرب البحث عن الوسائل التي تتيح لها البقاء الأبدي في المناطق التي احتلتها بشكل مؤقت سابقاً. ولذلك فقد بدأت بسياسة التوطين وبناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية التي احتلتها.

وعلى العكس من القرارات التي اتخذها المجتمع الدولي عبر الأمم المتحدة والتي تقضي بانسحاب إسرائيل من المناطق التي احتلتها بعد عام 1976 فقد تابعت اسرائيل التوسع وبناء المستوطنات الجديدة. أي أن الإدارة الإسرائيلية لم تعر القرارات الدولية أهمية في أي وقت من الأوقات؛ ولم تصغ إلى قرارات الأمم المتحدة.

لا تزال مستمرة في تجاهلها

 وبالمناسبة فقد أعلنت تلك الدولة الصهيونية مدينة القدس كعاصمة أبدية لها. واليوم لا يؤذن للمسلمين الذين يعيشون في مدن فلسطينية كرام الله والخليل ونابلس وبيت لحم بزيارة المسجد الأقصى ولا بزيارة أقربائهم الذين يعيشون هناك. وتفصل بين تلك المناطق بجدار الفصل العنصري. أما غزة فهي منطقة تم عزلها تماماً. فلا يتم السماح بدخول أحد إلى غزة ولا بخروجه منها. فهي كالسجن الكبير.

أما إذا كنتم تسألون عن علاقة ذلك بتاريخ 23 نيسان فهي:

لو أن تركيا لم تنجح في حروبها الوطنية فعلى الغالب لم يكن وضعها ليكون أفضل من وضع فلسطين اليوم. وخاصة بنود معاهدة سفرس التي تمنح منطقة إيجة لليونانيين والتي كانت ستتيح المجال لترحيل الأتراك تماماً من منطقة تراكيا. وكانت التركيبة السكانية لإسطنبول التي كان يحتلها الانكليز ولمنطقة ساحل البحر المتوسط ولمنطقة الجنوب الشرقي ستتغير تماماً ولا شك. وبطبيعة الحال إذا نظرتم إلى بنود معاهدة سفرس سترون أن مثل هذا المشروع موجود في أذهانهم على الأقل.

ومن المعلوم للجميع ما قاموا به لتغيير التركيبة السكانية لمنطقة أيجة لصالح اليونانيين. ولو أنهم نجحوا في هذه العملية لكان من الممكن أن يفكروا في إعادة الأرمن الذين تم تهجيرهم أثناء الحرب. وعلى الغالب كان حال المسلمين في منطقة الأناضول ليكون أسوء حتى من حال المسلمين في فلسطين اليوم. وقد منع الحراك الوطني الذي بدأ في 23 نيسان مثل هذه الاحتمالات.

عن الكاتب

إبراهيم كيراس

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس