طولو غومشتكين - صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

يقترب موعد الإنتخابات والأحزاب في تركيا ما زالت تغُصّ في مشاكلها المتزايدة. فبدل تركيز الأحزاب من أجل الخروج بأفكار خلّاقة لزيادة الأصوات التي تُصوت لها، فإن تفكيرهم ينحصر على مُحاولة تجاوز الحد الإدنى المقبول لتمثيل الحزب (حد الإنتخاب) والحصول على المقاعد. في المقابل نرى الصمود الغير عادي لحزب العدالة والتنمية المُسيطر بكل قوة على كل الأدوار والمراكز، فحسب التجارب التاريخية السابقة علمنا أنه من المستحيل أن يستمر حزب بعد 13 عام من السيطرة الكاملة على كُل أنواع السلطة التي من الممكن الإقتراع عليها بمثل هذه القوة إلا في حالات نادرة، فبعد مثل هذه المُدة وحسب لغة الإرقام فإن نسبة أصواته في الوضع والمُعدل الطبيعي لأي حزب تكون قد نزلت بنسبة 45%، ولكن رغم كل هذا نراه ثابت ويُحاول الحصول على المزيد.

في إنتخابات حُزيران من هذا العام سنرى قافة العدالة والتنمية تقتحم الإنتخابات بقيادة رئيس الجمهورية بشكل أكثر إبهارا من سابقاتها، فكل المعلومات لا تؤشّر إلا الى ذالك. ولهاذا اصبح التوجه العام بعد الإقرار من الكل سواء بالسرأو بالعلن نحو محاولة معرفة كيف يمكن أن يكون شكل توزيع المقاعد بين الأحزاب المختلفة.

كما يعلم الكُل فإن الأكراد الذين يُمثلون كثافة سكانية في جنوب الأنضول كانت أصواتهم بالمُعظم تذهب لحزب العدالة والتنية الذي يؤدي دور سياسي مُميز في محاولة إستقطاب الكُتل الكردية. دُخول حزب الشعوب الديمُقراطية أو حتى التشكيلات السابقة له الى خط المواجهة في تلك المقاعد جعل جزء من الإصوات تُغير وجهتها السابقة الى صندوق الحزب الكردي حزب الشعوب الديمقراطية، لكن هذا التحول لم يُعطي حزب الشُعوب الديمقراطية أكثرمن نسبة تُراوح حول 7%.

في الإنتخابات السابقة التي إنتصر بها أردوغان إنتصارا ساحقا، كان أبز ما حملته الإنتخابات الرئاسية هو تطوّر ملحوظ في النسبة التي حققها المُرشح من حزب الشعوب الديمقراطية السيد صاح الدين دميرتاش، فقد تجاوز الحزب النسبة المعتادة ليصل الى ما يُقارب 10% بسبب كمية الأصوات التي حصل عليها من غير المُنتخبين المعتادين نظرا للظرف الخاصة التي عايشها الإقتراع السابق. هذا النجاح الذي صنعوه دفعهم ليدخلوا المعركة الإنتخابية في المجلس البرلماني. في بداية الأمر عارضت النُّخب اليسارية وقيادات الحزب الجمهوري هذة الفكرة وعتبرتها إنتحار؛ لأنه وحسب إعتقادهم ستؤدي الى خسارة المقاعد لصالح حزب العدالة والتنمية بسب عدم نجاحهم في تعدي الحد الإنتخابي، فقادتهم هذه التساؤلات إلى الإرتباك والتخبط في بادئ الأمر. لكن عندما رأوا نتائج أستطلاعات الرئي تُظهر نسبة 8-9% لحزب الشُعوب الديمقراطي، بدأوا بالتحضير والتجهيز من أجل العمل على تخطي الحد الإنتخابي والوصول الى نتائج مُرضية.

قد يستطيع حزب الشعوب الديمقراطية تجاوز الحد الإنتخابي وقد يفشل، لكن المشكلة تكمن في أن الحقيقة الثابتة لم تتغير، فحقيقة أن حزب العدالة والتنمية هو المُسيطر ستبقى حاضرة رغم كل الجهود المبذولة لتغيير هذا الواقع. ففي مُحاولات تغيير الواقع نراهم يعملون على تشتيت أردوغان عندما يعمد المُثقفون الى إثارة المُشكلة الكردية وإستخدامها كسلاح لضرب إيدلوجيا حزب العدالة والتنمية في المناطق الكردية. لكنهم نسوا وتناسوا أن أول من وقف بكل شجاعة وإقدام وتصدر عملية الحل الجذري مع الأكراد هو فقط حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان.

حينما أُشاهد محاولات حزب الشعوب الديمقراطية في كسب الأصوات بكل الإستراتيجيات المُتاحة له، أتذكّر الترغويرا في فرنسا من القرن السابع عشر الميلادي، فقد كان الفرنسيين يُقلّدون الإمبراطورية العُثمانية في المظاهر الخارجية من لباس وحريم سلطان وغيرها من المظاهر التي كانوا يحاولون عيشها، مرة بتجريبها وأخرى برسمها أو حتى تمثيلها على المسارح العامة وفي القُصور الملكية. فمحاولات حزب الشعوب الديمقراطية في صُنع المجد تُشبه محاولات الفرنسيين عندما أقنعوا أنفسهم بأنهم يصنعون التاريخ ويُسطّرونه عندما يعيشون تاريخ وأمجاد غيرهم.

عن الكاتب

طولو غومشتكين

كاتبة في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس