د. نذير الحكيم - حبر برس 

منذ وقت قصير كانت كلمة بيرقدار توحي بكنية لشخص أو دالة على عائلة. وهي كلمة تركية ومعناها بالعربية “حامل الراية” وهي رتبة عسكرية في الجيش العثماني، شاءت الأقدار بعد شحذ الهمم والاستثمار بالعقول ووجود إرادة سياسية ووطنية داعمة للبحث العلمي أن تتحول هذه الكلمة لاسم طائرة حربية كسرت قواعد القوة العسكرية وغيرت بالنمط التقليدي للتسليح في المنطقة، وصارت محور تجاذبات ومفاوضات دولية، فدخولها أي معركة يغير حسابات النصر والهزيمة بدرجة كبيرة.

إن روسيا تخشى بشكل أساسي من تغير قواعد الاشتباك، مما سيضعها في حرج حال تزايد خساراتها الاقتصادية أو تقييد قدراتها الميدانية في كل جوانب الصراع في المنطقة. حيث كانت الهستيريا الروسية عالية من استخدام أوكرانيا للطائرة الهجومية بيرقدار. وتقدمت بشكاوي للأوروبيين وتحديداً ألمانيا من أن استخدام هذه الطائرة هو انتهاك لحزمة مينسك للسلام. هذا الانزعاج الروسي عبرت عنه المواقع والقنوات الروسية بشكل صريح.

إن المواصفات الفنية والتعبوية للطائرة المسيرة بيرقدار تبين أنها طائرة عالية الدقة حيث تمتاز بالمراقبة والاستطلاع والهجوم، وتعتبر من أنواع الطائرات المهاجمة المقاتلة، حيث تستطيع الطيران على ارتفاع عشرون  ألفا إلى 27 ألف قدم) نحو ثمانية آلاف متر ، وسرعتها، 155 ميلا بالساعة أي 250 كلم بالساعة، 135 عقدة وهذا ما يجعلها قادرة على المناورة العالية وقادرة على أن  تحمل معدات تقدر بوزن 150 كيلوغراما، وتستطيع التعامل مع ما تحمله من ذخائر وصواريخ (ذكية محلية الصنع من نوع “MAM-L ve  MAM-C’yi”) ومع الأهداف الأرضية، بالإضافة الى أنها مصدر استطلاع آني ومباشر من الجو، مزود بإحداثيات رياضية للأهداف المرصودة من الجو ، ومرتبطة بغرف القيادة والسيطرة (غرف العمليات) وقدرتها على الطيران حتى 25 ساعة متواصلة. أما المدى المجدي لها فيبلغ ثمانية كيلو مترات دون نسبة خطأ تذكر.

في ظل إعطاء الاهتمام الكبير بالبحوث العلمية والتصنيع الحربي من الممكن ان يرى العالم جيلاً جديدا ومتطوراً من الطائرات المسيرة تفوق مواصفاتها الفنية قدرة الكشف الراداري وأي تشويش الكتروني معادي ومناورة عالية مع الرمي بزوايا أدق. وسرعة فائقة في جمع وتحليل المعطيات الاستطلاعية ومعالجتها.

لذا تستطيع طائرة بيرقدار اليوم أن تقول كلمتها في المعركة. على سبيل المثال ألقى استخدامها في كراباغ ثقله وكان لها كلمة الحسم في منطقة تعتبر من أكثر المناطق أهمية للدولة التركية.

إن تطور الصناعة العسكرية التركية الذي يعتمد أخر ما توصلت إليه التكنولوجيا في هذا المجال سيضع الروس أمام خيارين: إمّا التعاون والتنسيق مع تركيا لمعالجة كل الملفات والنزاعات الإقليمية. أو اعتماد أسلوب تنافسي ومحاولة التصلب. والخيار الأخير سيكون مرهقا للروس في الوقت الذي يعانون فيه عقوبات اقتصادية، وعلاقات سياسية سيئة مع الدول الغربية ودول الجوار الأوروبي.

يحتاج الروس لمساعدة تركيا في الوصول الى حل في سوريا يضمن لها تطبيق قراءة مرضية للقرار ٢٢٥٤ وبذات الوقت يخشون في حال عدم تعاون تركيا.

الروس اليوم في حرج شديد أمام الرأي العام لعدم تحقيق اهداف الحملة الروسية في سوريا كما روج لها الاعلام الروسي.

أما إيران فهي تعاني من خسارة حلفائها للانتخابات في العراق، إضافة إلى عودة طالبان من جديد للحكم في أفغانستان المجاورة لها. وتكسر صورتها الحاملة للواء المقاومة من خلال حليفها حزب الله في لبنان الذين يترنح تحت وقع ضربات اقتصادية وسياسية ومشاكل داخلية مع مكونات المجتمع اللبناني.

كل ذلك في الوقت الذي تعاني فيه ايران من عجزها عن تحقيق أي تقدم في الملف السوري حيث باتت تدرك صعوبة تقبل الشعب السوري لدورها ليس عند المعارضين السوريين فقط بل عند المؤيدين أيضا.

وعود على ذي بدء يجمع المحللين على انه مازال في جعبة الاتراك الكثير من الأوراق لرميها في الوقت المناسب ليس أقواها الصناعات العسكرية ولا أضعفها التزام الاتراك بحماية المظلومين ومساعدة دول المنطقة على النهوض.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس