أحمد عبد العزيز - الجزيرة مباشر

جاءت الانتخابات التركية لتثير ردود الفعل في جميع الاتجاهات وعلى الأصعدة كافة، وهو ما حدث بتفاعل العرب مع هذه الانتخابات، سواء المقيمون في تركيا أو من هم في بلدانهم، وكان الشعور الأولي مع هذه الانتخابات هو الفرحة.

السبب الآخر للفرحة هو فوز تحالف الجمهور وفي القلب منه حزب العدالة والتنمية بأغلبية مريحة تتجاوز الخمسين في المئة، وهذا مؤشر آخر على تمسّك الشعب التركي بالحزب ورئيسه، خاصة أن الفوز هذه المرة جاء وسط أجواء عصيبة ومنافس قوي هو تحالف الأمة المُعارض، ورغم كل الحشد واستطلاعات الرأي الموجَّهة أحيانا والممولة أحيانا أخرى لمحاولة التأثير في الرأي العام وتوجهاته،  فإن كل هذا فشل وعاد العدالة والتنمية متربعا على عرش البرلمان بتحالفاته مع أحزاب أخرى، ومنها الرفاه الجديد الذي كان لمقاعده دور كبير في تحقيق الأغلبية رغم قلتها.

أما السبب الثالث للفرحة فهو التجربة الديمقراطية الرائعة التي قدمتها تركيا والمشاركة التاريخية من الناخبين، ولم تحدث أي مشكلة أو حالة تزوير أو شراء أصوات، بل الأهم من هذا كله هو حياد مؤسسات الدولة رغم أن الحزب الحاكم ورئيسه مشاركان في الانتخابات، ولكن كانت هناك شفافية كبيرة في جميع مراحل العملية الانتخابية،  بداية من الترشح وعمل التحالفات وغيرهما دون أي مضايقة أو تشويه لمرشح، مرورا بالدعاية والتصويت، وانتهاء بفرز الأصوات الذي حدث دون مشكلة واحدة، حيث من المعروف أن المشكلات دائما تكون في لجان الفرز، كل هذا جعل منها انتخابات غير عادية ولا تقل عن الانتخابات الأمريكية، ولاقت فرحة كبيرة للعرب.

أما الحزن لدى العرب فسببه أن هذه الانتخابات نكأت جروح الماضي، حيث التجارب الانتخابية التي جرت بعد الربيع العربي، وخاصة التجربتين التونسية والمصرية، ففي التجربة المصرية توافرت كل مواصفات الانتخابات الناجحة، وكانت هناك شفافية غير عادية ومشاركة كبيرة ولافتة قياسا بالانتخابات السابقة، كما أنه أشرف عليها المجلس العسكري وقتها حيث كان يدير شؤون البلاد، والشيء نفسه حصل في تونس في انتخابات شفافة أتت بخليط وطني متجانس ما بين الإسلامي واليساري والليبرالي.

من هنا كان مبعث حزن أبناء الربيع العربي وهم ينظرون إلى هذه التجارب وممارسة ديمقراطية حقيقية، وكان هناك أمل كبير أن يظل الصندوق الانتخابي هو الفيصل والحَكَم، لكن جرى ما جرى سواء في مصر وانقلاب الثالث من يوليو/تموز عام 2013، أو ما حدث في تونس وانقلاب الخامس والعشرين من يوليو عام 2021، ومن هنا نكأت الانتخابات التركية الجروح العربية وذكريات الماضي الجميل والحزن على حلم لم يكتمل، وتبدو الصورة للمتابع من أبناء الربيع العربي وكأنه ينظر إلى هذه الانتخابات بعين بها لمعة الفرح وسعادة اللحظة، وعين أخرى تملؤها الدموع حزنا على تجربة لم تكتمل.

عن الكاتب

أحمد عبد العزيز

كاتب وصحفي مصري


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس