ترك برس

على الرغم من وجود كل من تركيا وجمهورية أفريقيا الجنوبية في قارتين مختلفتين، إلا أنّهما يحظيان بمكانة مهمة لبعضهما في السياسة العالمية. حيث تتميز تركيا بموقع جغرافي مهم جدا، أما جمهورية أفريقيا الجنوبية فهي أكثر البلدان تقدمًا في القارة الأفريقية.

تُعدّ جمهورية أفريقيا الجنوبية مركزا استراتيجيا لتركيا لتطوير علاقاتها مع دول جنوب الصحراء الكبرى، ومن جانب آخر تلعب تركيا دورا كبيرا في تطوير علاقات أفريقيا الجنوبية مع دول آسيا الوسطى ودول أوروبا الشرقية.

وكما أن أفريقيا الجنوبية هي أكبر شريك تجاري لتركيا في منطقة دول جنوب الصحراء الكبرى، فإن تركيا شريك تجاري لأفريقيا الجنوبية في دول أوروبا الشرقية كذلك.

علاقات الدولة العثمانية مع أفريقيا الجنوبية

تعود علاقات تركيا مع أفريقيا الجنوبية إلى القرن 19. ففي الفترة ما بين القرنين 17 و18 شهدت أفريقيا الجنوبية قدوم المسلمين من بلدان آسيا الشرقية كعبيد من قبل بريطانيا وهولندا، وبعد فترة ابتعد المسلمون عن دين الإسلام في هذا البلد وأصبحت أحوالهم سببا في ظهور عدة اختلافات في مواضع دينية. ولذلك أرسلت الخلافة العثمانية إلى أفريقيا الجنوبية في عام 1862 العالم الإسلامي المعروف أبو بكر أفندي بهدف المساهمة في تعليم المسلمين هناك.

وكان لأبي بكر أفندي  دور هام في تطوير العلاقات التاريخية العثمانية مع هذا البلد كثيرا، كما ساهم في تعليم المسلمين الإسلام عن طريق افتتاح عدة مدارس دينية هناك حيث درسهم اللغة العربية والعلوم الإسلامية. وفي عام 1869 ألّف أبو بكر أفندي كتابا باللغة الأفريقية فيها مواضيع عن الإرشاد الديني في الإسلام. ساعد هذا الكتاب في تطوير المجتمع الأفريقي في المجال الاجتماعي والثقافي والديني، وقد تُرجِم إلى الإنجليزية أيضا.

وبفضل أعمال أبي بكر أفندي تشكلت الهوية العثمانية هناك. ولذلك رأى المسلمون في أفريقيا الجنوبية أن الدولة العثمانية زعيمة للعالم الإسلامي. وبمناسبة مشروع إنشاء سكة حديد الحجاز، أرسلوا إلى الدولة العثمانية 366 ألفًا و551 من العملة الإنجليزية ما بين أعوام 1900-1907.

و بالاضافة  لولاء وإخلاص مسلمي أفريقيا الجنوبية للدولة العثمانية، فقد كانوا يحتفلون بأعياد ميلاد السلاطين العثمانيين هناك، وكانوا يذكرون أسماءهم ويدعون لهم في خطبة الجمعة.

وفي حرب ليبيا التي حدثت عام 1911، قدم مسلمو أفريقيا الجنوبية للجيش العثماني الدعم المادي، كما أرسلوا له 17 ألف و634 ليرة و875 عملة إنجليزية في حرب الاستقلال التي جرت بين عامي 1919-1922.

واهتمت الدولة العثمانية أيضًا بالعلاقات الدبلوماسية لحماية السكان المسلمين في هذا البلد. حيث تم افتتاح أول قنصلية فخرية في عام 1861. ولكن مع تأسيس الجمهورية التركية عام 1923 ظهرت فجوة في العلاقات  بين تركيا وجمهورية أفريقيا الجنوبية.

علاقات تركيا و إفريقيا الجنوبية بعد الحرب الباردة

مع انتهاء الحرب الباردة في عام 1990 انتعشت علاقات تركيا مع أفريقيا الجنوبية من جديد. وركّز رئيس الجمهورية الثامن تورغوت أوزال منذ قدومه على التوجه المتعدد أكثر من التوجه المنفرد، كما ظهرت تغييرات في السياسة الخارجية لتركيا في هذه الفترة. واهتم أوزال بعلاقات تركيا مع أفريقيا الجنوبية كثيرا، ممّا لعب دورا هاما في تطويرها.

وألقى افتتاح حكومة أفريقيا الجنوبية "مركز تجارة أفريقيا" في إسطنبول بظلاله على تطور العلاقات الاقتصادية والتجارية مع تركيا.

لكن ظهور مشاكل بين حكومة تورغوت أوزال وحكومة نيلسون مانديلا تسبب في تدهور العلاقات بين البلدين.

علاقات تركيا وأفريقيا الجنوبية في فترة حزب العدالة و التنمية

مع وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في عام 2002، انتعشت العلاقات التركية مع أفريقيا الجنوبية من جديد. وفي تاريخ 3-5 آذار/ مارس عام 2005، قام رئيس الوزراء التركي في تلك الفترة رجب طيب أردوغان بزيارة رسمية إلى أفريقيا الجنوبية، ليكون أول رئيس تركي يزور بلدًا أفريقيًا. وعقب هذه الزيارة تطورت العلاقات بين البلدين بشكل أكبر.

وفي فترة حزب العدالة أيضًا تغلبت أفريقيا الجنوبية على الأزمات السياسية التي ظهرت في السابق مع حكومة نيلسون مانديلا، ما انعكس بقوة على تطور العلاقات السياسية والتجارية والاقتصادية.

وفي عام 2003 قام مساعد رئيس دولة افريقيا الجنوبية في تلك الفترة جاكوب زورنا بزيارة رسمية إلى تركيا. وكانت هذه الزيارة اول زيارة رفيعة المستوى إلى تركيا من جمهورية أفريقيا الجنوبية.

وفي حين كان حجم التجارة بين تركيا وأفريقيا الجنوبية في عام 1999 275 مليون دولارًا، وفي عام 2014 وصل هذا الرقم إلى 2 مليار دولار.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!