محمد قدو الأفندي - خاص ترك برس

لم تكن العلاقات العربية العربية بهذا الوضوح والشفافية في مسألة العلاقات مع الجمهورية السورية لأسباب عدة من أهمها أنها أنهت عهدا من الظلم والوحشية في تعامل نظام دكتاتوري مع أبناء الشعب السوري عهدا بعد عهد فلم يكن الأسد الأب أقل ضراوة وقسوة من عهد الأسد الابن الذي استمد قسوته وطغيانه من أبيه واعتمد على الكثير من الأعوان الإقليمين والدوليين الذين أذاقوا الأمرين للشعب السوري.

الشيء الثاني والذي يفوق أهميته أو يتوازى مع المصيبة التي حلت بالشعب السوري هو غلق البوابة التي أطلت منها القوى الإقليمية وحتى الدولية في سوريا أولا وبالتالي في شؤون الدول المجاورة لسوريا وأبلت ما أبلت من مأساة وكوارث في المنطقة ظنا منها أنها استطاعت أن تؤسس لها موضع قدم للتحكم في مصير عدة دول عربية.

إن انتهاء عهد الأسد في سوريا يعني انتهاء فصول من الظلام الدامس الذي لف العلاقات العربية مع دولة مركزية كسوريا ودخول فصل جديد في سماء دول الشرق الأوسط بصورة عامة والدول العربية على وجه الخصوص لأن العقبة الأسدية كانت عقدة أمام مهندسي السياسة في الدول العربية والشرق أوسطية.

لم تكن العلاقات السياسية بين الدول العربية مع سوريا هي المعضلة الوحيدة بل إن الكثير من المحافل الدولية التي كانت تعنى بالشرق الوسط تظهر عليها علامات الضعف في الأداء والنتائج كانت بسبب الإملاءات التي تفرضها الدول التي تدخلت بصورة مباشرة في الشأن السوري.

أما العلاقات الاقتصادية أو التكامل الاقتصادي العربي فكانت أيضا تعاني من شلل حقيقي جراء التأثير السلبي للعلاقات السياسية بين الدول العربية بسبب ارتباط سوريا وحتى لبنان واليمن في أمور تبعد تلك العلاقات عن المنصة الخاصة والأولية في حركة المصالح العربية وبمعنى أدق أن مهمة القائمين على تلك الدول المذكورة لم تكن إلا للحفاظ على تربعهم على منصة الظلم بكل الأحوال.

إن عودة العلاقات وفتح الدول العربية لسفاراتها في دمشق ما هو إلا اعتراف بنهاية عهد التفكك العربي مثلما هو اعتراف مباشر بنهاية عهد التدخلات الإقليمية عبر البوابة السورية.

إن تعزيز التضامن العربي بعد تغيير نظام الأسد ودخول سوريا لمرحلة جديدة في الشأن الداخلي والعلاقات الدولية والعربية العربية أصبح مطلبا وطنيا وقوميا حيث عبر الكثير من الدول على خصوصية وحدة الأراضي السورية وقد عبروا عن تلك المهمة عبر وسائل الإعلام أو عن طريق رسائل مباشرة للقيادة السورية الجديدة.

المملكة المغربية وفي خطوة دبلوماسية رائدة، أعلن الملك محمد السادس في خطاب موجه إلى القمة العربية الرابعة والثلاثين والتي انعقدت في بغداد، أعلن عن إعادة فتح السفارة المغربية في العاصمة السورية دمشق بعد إغلاقها منذ عام 2012.

وجاء هذا القرار بحسب الخطاب الملكي تعبيرا عن موقف المغرب الثابت الداعم لوحدة سوريا الترابية وسيادتها الوطنية وتضامنا مع تطلعات الشعب السوري الشقيق في تحقيق الحرية والأمن والاستقرار.

وأكد الملك محمد السادس في الخطاب نفسه أن هذه المبادرة تأتي تجسيدا للإرادة المغربية في دعم المسار السياسي السوري وفتح آفاق جديدة لتعزيز العلاقات الثنائية التاريخية بين الرباط ودمشق (وبهذا يشير إلى العلاقات السياسية والدبلوماسية بين حكومتي البلدين) والذي يخدم مصلحة الشعبين وبدوره يعزز التضامن العربي في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة.

إن الخطاب التاريخي الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس إلى القمة العربية مبينا بوضوح دلائل إعادة فتح السفارة المغربية في دمشق بعد سنين طوال من إغلاقها، هو بالتأكيد يعبر عن وجدان الشعب العربي عموما وتطلعاته ونظرته المستقبلية لاستمرار حركة التضامن العربي وفتح آفاق مستقبلية لبعض الأبواب التي غلقت بصورة جزئية التي تغذي المصالح الاقتصادية والتنموية في البلدان العربية والشرق أوسطية.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس