ترك برس

تناول مقال للكاتب والإعلامي المصري علي أبو هميلة، المشهد الدرامي التركي في موسمه الجديد الذي انطلق منتصف سبتمبر/أيلول، مسلطًا الضوء على عودة الدراما التاريخية عبر مسلسلي «المؤسس أورهان» و«سلطان الفتوحات محمد الفاتح» في مواجهة طوفان من الأعمال الاجتماعية ودراما العشائر التي تهيمن على الشاشات هذا العام.

يعرض الكاتب في مقاله بموقع الجزيرة مباشر تفاصيل انطلاق مسلسل «المؤسس أورهان» بوصفه امتدادًا لملحمة «أرطغرل» و«عثمان»، مع تغييرات في طاقم الممثلين ودلالات المرحلة التاريخية الجديدة التي يتناولها، كما يرصد أبرز المنافسين من الأعمال الاجتماعية مثل «هذا البحر سوف يفيض» و«خليفة» و«ورد وذنوب».

كما يشير إلى اشتداد المنافسة بين التاريخ والواقع الاجتماعي في الدراما التركية المعاصرة، حيث تحدد نسب المشاهدة مصير هذه الأعمال بين الاستمرار أو التوقف المبكر. وفيما يلي نص المقال:

يدخل «المؤسس أورهان» سباق الدراما التركية مرافقًا مسلسل «سلطان الفتوحات محمد الفاتح» ليكونا الثنائي التاريخي في مواجهة أكثر من خمسةٍ وثلاثين عملًا دراميًا اجتماعيًا تشكّل الدراما التركية في موسمها الجديد الذي بدأ منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي. شكّلت الدراما الاجتماعية ودراما العشائر في الولايات الشرقية في تركيا أهم ملامح هذا الموسم؛ فبين مجموعة الأعمال جاءت أربعة أعمال في تلك المجتمعات، منها القديم مثل «المشردون» و«المدينة البعيدة» اللذين يتناولان أحداث العشائر في ماردين حيث صراع القوة والثروة والثأر. وانضم إليهما هذا الموسم أعمال «هذا البحر سوف يفيض»، و«خليفة»، و«عيناك كالبحر الأسود». وتقع الأحداث الرئيسة للأعمال الثلاثة في ولايات طرابزون وشانلي أورفا وريزا، وجميعها تقع في منطقة البحر الأسود، بينما «هذا البحر سوف يفيض» و«خليفة» يتناولان العشائر وصراع النفوذ، أما العمل الدرامي «عيناك كالبحر الأسود» فيتناول النفوذ وصراع مافيا السلاح والمخدرات والتهريب، وهو ما يتم أيضًا في «المدينة البعيدة».

يدخل مسلسل «المؤسس أورهان» وهو الجزء الثالث في سلسلة بناء الدولة العثمانية بعد الأول «أرطغرل» الذي مثّل بدايات قبيلة القايي المؤسسة الأولى للدولة، واستمر خمسة مواسم درامية بمجموع 150 حلقة، وأعقبه «المؤسس عثمان» في ستة مواسم بلغت 194 حلقة درامية بمجموع أكثر من 500 ساعة درامية، وانتهى الموسم الماضي بالوقوف على أعتاب التوجه إلى بورصة للفتح. ويأتي «المؤسس أورهان» خليفة للأب عثمان ليستكمل السلسلة. ويقول محمد بوزداغ، الذي يقوم بإنتاج السلسلة: «على مدار 12 عامًا نروي قصة تأسيس الدولة، واستكملنا الرحلة من أرطغرل إلى عثمان، والآن نبدأ المؤسس أورهان، وهو عصر جديد وبداية جديدة برؤية مبتكرة».

تبدأ أحداث «المؤسس أورهان» بعد أحداث الجزء السادس من «عثمان» بتسع سنوات، وهي السنوات التي استكمل فيها أورهان بن عثمان بن أرطغرل بناء الدولة حتى يقف على أعتاب بورصة، أي أن الأحداث تبدأ مع معركة بورصة، وهي المعركة التي ربما تتناولها أحداث الموسم الأول من العمل الدرامي، بينما يستكمل مسلسل «سلطان الفتوحات» تثبيت الحكم في إسلامبول (إسطنبول) والاتجاه إلى قلعة بنطس الرومانية لفتحها، وهي الأحداث التي شهدتها الحلقات السبع التي أذيعت حتى الآن في الموسم الدرامي الثالث للعمل.

يدخل «المؤسس أورهان» سباق الدراما الصعب هذا الموسم بمجموعة ممثلين جدد على رأسهم مارت أوغلو، الذي جاء ليؤدي دور أورهان بعد خلاف مع ممثله السابق في مسلسل «المؤسس عثمان». يأتي مارت أوغلو محمّلًا بنجاح كبير من عمله الأخير «البراعم الحمراء» مؤديًا دور الشيخ جنيد، وريث شيخ الطرق الصوفية الذي يحمل رؤية مختلفة عن أبيه وعمه وجده، أكثر تنويرًا ومسايرة للعصر. ويتوقع كثيرون نجاحًا كبيرًا لمارت في رحلته مع «أورهان». ويشارك في العمل الممثل شكرو أوزيلديز، الذي سيكون البطل المواجه لأورهان في الجانب الصليبي، ومن الجدد أيضًا الممثلة المغربية محاسن المرابط في دور السلطانة نيلوفر زوجة أورهان، وقد حلت محل البطلة السابقة في الدور. ويشارك في العمل من نجوم «المؤسس عثمان» كل من يغيت أوتشان استكمالًا لدوره (بوران)، وشاغري شينسوي في دور جيركوتاي، وفاروق أران في دور علاء الدين الصدر الأعظم لشقيقه أورهان، وبيلغين شيمشيك في دور زوجته غونجا، إضافة إلى عدد من ممثلي «المؤسس عثمان».

مارت أوغلو، بطل «أورهان»، العمل التاريخي الثاني هذا الموسم، ومعه سيركان أوغلو، يدخلان منافسة كبيرة مع عدد من الأعمال الاجتماعية ودراما القبائل والعشائر التي استولت على الأغلبية من الأعمال الموجودة هذا الموسم، سواء المستمرة من المواسم السابقة أو الجديدة في موسمها الأول. وهما في مواجهة مع نجوم لهم جماهيرية كبيرة في تركيا والوطن العربي، ومن أبرز هؤلاء النجوم أولاش تونا، الذي يحقق نجاحًا غير مسبوق في مسلسله «هذا البحر سوف يفيض» في موسمه الأول وبعد مرور ثلاث حلقات فقط من العمل، ومراد يلدريم في عمله الجديد «ورد وذنوب»، والممثلات اللاتي يحققن نجاحًا كبيرًا مثل أيبوكي بوسات في مسلسلها الجديد «خليفة»، ودينيز بايسال بطلة «هذا البحر سوف يفيض».

لا يواجه مارت وسيركان الممثلين الأتراك وشعبيتهم في خمسةٍ وثلاثين عملًا آخر، لكنهما يواجهان الجمهور التركي الذي هو معيار الاستمرار الأول في بقاء الأعمال أو توقفها، فمعدل المشاهدة الأسبوعية وما يتبعه من إعلانات يتحكمان في ذلك. وقد شاهدنا الموسم الماضي توقف عمل كبير مثل «فاتح القدس» الذي اضطر منتجه لإنهائه قبل نهاية الأحداث، وحرم جمهور الأعمال التاريخية منه، وهو ما أثّر على عدد الأعمال التاريخية أيضًا هذا الموسم. كما أُنهي مسلسل «دين الروح» للممثل الكبير بولنت إينال، صاحب أعمال «السلطان عبد الحميد» و«جلال الدين الرومي»، بعد حلقته الرابعة من موسمه الجديد لهبوط معدلات المشاهدة، وهناك توقعات بخروج أعمال أخرى.

الملامح العامة للأعمال الدرامية المنافسة لمسلسل «أورهان» و«سلطان الفتوحات» تشمل «هذا البحر سوف يفيض»، و«خليفة»، و«عيناك كالبحر الأسود»، و«ورد وذنوب»، و«أنا ليمان»، و«خفقان»، و«أشرف» المستمر من مواسم سابقة ويحقق نجاحًا كبيرًا. وأعتقد أن «المشردون» ينهي أحداثه. وتسيطر الدراما الاجتماعية على معظم أعمال هذا الموسم، إلى جانب صراعات الطبقات في المجتمع التركي وفي أقاليمه. كما تبرز قضية مرحلة الثانوية العامة التي تدور أحداث «أنا ليمان» حولها بين جيلين: الآباء والأبناء.

التبنّي أيضًا من القضايا التي تظهر في عدة أعمال في دراما هذا الموسم، أهمها مسلسل «خفقان» في موسمه الأول، ويتناول قصة أم باعت ابنتها التوأم لإحدى العائلات الغنية حتى تتمكن من مواجهة أعباء ثلاثة أبناء آخرين، وتتصاعد الأحداث حين تمنح الابنة المتبنّاة أمها بالتبني قلبها لشقيقتها التوأم المريضة دون أن تدري. وفي العمل الدرامي «ورد وذنوب» يعيش رجل أعمال كبير حالة سعادة مع زوجته، لكنها تتعرض لمحاولة قتل بعد أن يكتشف أن لزوجته ابنة تتبناها أسرة متوسطة بمساعدة زوجته.

تشير توقعات جماهيرية ومؤشرات المشاهدة إلى أن أخطر الأعمال التي تواجه مسلسل «أورهان» من حيث الجماهير هو مسلسل «هذا البحر سوف يفيض»، الذي اقتربت معدلات مشاهدته من 10/9 في أولى حلقاته. يتناول العمل صراع قريتين في طرابزون على شاطئ البحر الأسود، حيث تسيطر قضية الثأر على الأحداث بين قريتي كوتشاري وفيرتينا، وقصة حب بين عادل كوتشاري وأسماء فيرتينا، وزواج سري، وضغط عائلة فيرتينا على أسماء، واختطاف ابنتها وبيعها لطبيب وطبيبة يونانيين. وتعود الفتاة إلى طرابزون بعد تخرجها في كلية الطب لتتعرف على أبويها الحقيقيين. إنه صراع كبير لا تزال الأحداث في بدايته، لكنه واحد من الأعمال المنافسة بقوة لـ«المؤسس أورهان» في موسمه الأول لاستكمال بناء الدولة العثمانية، وأيضًا لما يتمتع به «هذا البحر سوف يفيض» من نجوم أشرنا إلى بعضهم، وللحضور الطاغي لبطلته الشابة أفا يامان في دور «إيليني» الباحثة عن والديها. ولنا عودة مع الدراما التركية في موسمها الجديد، ولكننا ننتظر أيضًا أبطال «الفاتح» و«المؤسس عثمان» لنرى الجديد في الدراما التاريخية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!