ترك برس

منذ تأسيس الإمبراطورية العثمانية بشكل رسمي ومُنظم في زمن السلطان العثماني الثاني أورهان عام 1321 في مدينة بورصة، أصبحت الأكشا أو الأكجا العملة الرسمية للإمبراطورية العثمانية. واستمرت الأكجا عملة رسمية للإمبراطورية العثمانية حتى تاريخ 5 كانون الثاني/ يناير 1843 حيث أمر السلطان العثماني في ذلك العهد عبد المجيد بتحويل العملة العثمانية من الأكجا إلى الليرة وأصبحت تسمى العملة العثمانية بالليرة العثمانية.

واستمر استعمال الليرة العثمانية إلى ما بعد تاريخ تأسيس الجمهورية التركية، 1923، حيث استمر استعمالها كعملة تداول رسمية للدولة إلى تاريخ 30 يناير 1925، إذ بعد هذا التاريخ تم إصدار قانون العملة النقدية  الجمهوري رقم 701 والذي على إثره أصبحت الليرة العثمانية ليرة تركية من خلال ضرب رمز علم تركيا وصورة أتاتورك عليها.

وعلى الرغم من تغير الرموز والرسومات الموجودة على الليرة التركية مرارًا وتكرارًا إلا أن الليرة التركية احتفظت ببعض الرموز والصور إلى يومنا هذا، من خلال هذا التقرير نسعى لإعطاء نبذة تعريفية عن أصحاب الصور الموجودة على العملة التركية بأنواعها.

تم صك العملة التركية المُستخدمة اليوم بتاريخ 1 يناير 2009 من قبل حكومة حزب العدالة والتنمية مع الإبقاء على الرسومات الموجودة بها ويمكن تعريف أصحاب الرسومات الموجودة على العملة التركية بالشكل التالي:

1ـ مصطفى كمال أتاتورك:

وُلد مصطفى كمال أتاتورك بتاريخ 19 أيار/ مايو 1881 في مدينة سالونيك اليونانية بين أحضان عائلة عثمانية مسلمة. كان أبوه أحد الضباط العثمانيين وعمل على إلحاقه بالمدرسة العسكرية منذ نعومة أظافره. اشترك في الكثير من الحروب التي خاضتها الدولة العثمانية وكانت له بطولات واضحة وجديرة بالذكر في معركة مضيق البوسفور التي تمت عام 1915.

بعد احتلال إسطنبول عام 1918 من قبل الإنجليز ضاق بهم ذرعًا، وخلال هذه الفترة قام السلطان العثماني الأخير بتوليته حاكمًا للولايات الستة الكبرى في بلاد الأناضول لحماية المواطنين العثمانين المسيحيين الذي يتعرضون للتهجير والقتل في الأناضول، وبعد ذهابه للأناضول لتنفيذ مهمته كضابط ألتقى عام 1919 بالعديد من الضباط العثمانيين وخطط معهم للبدء بإشعال فتيل حرب التحرير ضد جميع القوات المُحتلة لبلاد الأناضول وخاض حرب وطوس ضد المحتل وبتاريخ 24 تموز/ يوليو 1923 وقع اتفاقية لوزان مع قوات الاحتلال وبموجب هذه الاتفاقية نالت تركيا استقلالها الكامل وتم إعلان تركيا كجمهورية في 29 تشرين الأول/ أكتوبر من نفس العام تم إعلان تركيا كجمهورية تركية وأُعلن مصطفى كمال أتاتورك كمؤسس وأول رئيس لها. وتكريمًا لدوره في ذلك إلى يومنا هذا تُطبع صورته الشخصية على جميع أنواع العملة التركية بلا استثناء.

2ـ أيدين ساييلي:

وُلد البروفسور آيدين ساييلي بتاريخ 2 مايو 1913 في إسطنبول. تلقّى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في مدينتي إسطنبول وأنقرة، وبعد النجاح الباهر الذي حققه في المرحلة الثانوية قررت وزارة التربية والتعليم التركية في عام 1933 إرساله إلى جامعة هارفرد في الولايات الأمريكية المُتحدة لدراسة التاريخ والفلسفة التاريخية. وبعد نشاطه وجده في الدراسة تابعه البروفسور الأمريكي جورج سارتون، حتى وصل بعد نشاط جاد إلى مرحلة الدكتوراة وأنهى مرحلة الدكتوراة برسالة بحثية اختارها له جورج سارتون تحت عنوان "النظريات العلمية في العالم الإسلامي". وتُعد هذه الرسالة أول دكتوراة علمية في مجال التاريخ العلمي أو الفلسفي. وبعد رجوعه إلى تركيا لعب دورًا كبيرًا في تجميع الوثائق والمصادر التاريخية التركية ويُعد رأس الهرم المُجمع للتاريخ التركي وكتكريم له قامت الحكومة التركية عام 2009 بوضع صورته على عملة الخمس ليرات.

3ـ جاهد عَرف:

وُلد البروفسور جاهد عرف بتاريخ 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 1910 في مدينة سالونيك اليونانية بين أحضان أسرة عثمانية تركية، تلقى علومه الابتدائية والإعدادية والثانوية في إسطنبول، وبعد ذلك ذهب لجامعة "أكول نورمال سوبريار" في فرنسا وبعد إتمامه درجة البكالوريوس والماجستير في مجال الرياضيات عاد إلى تركيا وعمل في جامعة غالاطا ساراي التركية العريقة لفترة، ومن ثم ذهب لجامعة غوتغان في ألمانيا للحصول على درجة الدكتوراة، وبعد إتمامه لمرحلة الدكتوارة عاد إلى إسطنبول وعمل في جامعة إسطنبول إلى تاريخ 1962، ليبدأ حينها العمل في كلية روبرت للعلوم العامة. وفي عام 1964 أصبح أول رئيس لمؤسسة تركيا للأبحاث التكنولوجية والعلمية "توبيتاك"، وبعد ذلك أصبح أستاذًا في قسم الرياضيات التابع لجامعة الشرق الأوسط التقنية حتّى وفاته في تاريخ 26 كانون الأول/ ديسمبر1997. لعب عرف دورًا كبيرًا في تطوير علم الجبر وربطه بعلم الهندسة بشكل وثيق. وكتكريم لدوره قامت الحكومة التركية عام 1997 بوضع صورته على العشر ليرات التركية.

4ـ كاظم كارابكر:

وُلد الضابط العثماني كاظم كارابكر بتاريخ 23 تموز/ يوليو 1882 في إسطنبول، أبوه هو الضابط محمد الأمين القائد في قوات الدرك العثمانية. عمل أبوه على إلحاقه بالمدرسة الحربية عام 1902، وتخرج منها برتبة ضابط سلاح بري عام 1905. شارك في الكثير من الحروب العثمانية وأثبت جدارته في أكثر من حرب، وكان أحد أهم الضباط الذين وقفوا بجانب مصطفى كمال أتاتورك في حرب التحرير.

بعد تأسيس الجمهورية التركية تزعم رئاسة البرلمان التركي الخامس وأسس حزب محبي التقدم عام 1924 كأول حزب معارض في تاريخ الجمهورية التركية. قامت الحكومة التركية عام 2009 بوضع صورة كاظم كارابكر على صوة العشرين ليرة كتكريم لدوره الهام في حرب التحرير وفي الحياة السياسية التركية.

5ـ فاطمة عليا توبوز:

وُلدت فاطمة عليا توبوز بتاريخ 9 تشرين الأول/ أكتوبر 1862 في إسطنبول بين أحضان أسرة عثمانية تركية مسلمة. وعلى الرغم من عدم أخذها دروسًا وعلومًا خاصة في مجال الآداب والتاريخ إلا أنها استطاعت تطوير نفسها من خلال السماع للدروس التي كانت تُلقن لأخيها الكبير علي سعادة. تزوجت وهي في السابعة عشر بالضابط العثماني فائق بيك عام 1877.

استطاعت فاطمة علية تعلم اللغة الفرنسية من خلال استماعها ومشاهدتها لدروس أخيها الأكبر، وبعد الزواج عملت في مجال الترجمة وعلم بها صديق والدها أحمد مدحت باشا الذي كان يعمل مدير تحرير لمجلة ترجمة الحقائق الأدبية فقدم لها فرصة عمل لترجمة رواية "فولونتا" للأديب الفرنسي جورجس أوهنيت، وبعد ملاحظة الرونق الأدبي العريق الخاص بالسيدة فاطمة اختارها السيد مدحت باشا لمساعدته في كتابة رواية "الخيال والحقيقة" وكانت أول رواية تشارك في كتابتها. واستمرت في مجال الكتابة إلى أن انجزت 10 روايات مميزة. وقد واصلت العمل في مجال كتابة الروايات إلى أن توفيت بتاريخ 13 تموز/ يوليو 1936. وُضعت صورتها على الخمسين ليرة التركية لإنصافها كأول كاتبة روايات في العالم الإسلامي.

6ـ بوهاري زادا مصطفى:

موسيقار ومُلحن عثماني مشهور. وُلد في عام 1640 في إسطنبول، له الكثير من الآثار الروحانية التي كان يلحنها ويلقيها أمام السلاطين العثمانيين في القرن السابع عشر. توُفّي عام 1712. وضعت الحكومة التركية صورته على المئة ليرة التركية لتخليد اسمه كأول موسيقار وملحن عثماني مُبدع.

7ـ يونس إمرِه:

وُلد الشاعر والفليسوف والمُفكر العثماني التركي المشهور والمُبدع يونس إمرِه عام 1240 في مدينة إيسكي شهير. عاش يونس إمرِه في أوائل سنوات تأسيس الدولة العثمانية، وكانت الدولة العثمانية في تلك الفترة حديثة الولادة وضعيفة القوة وكانت عُرضة دائمة للنهب المغولي، كما كان هناك اقتتال مذهبي وسياسي داخلي مُدنها. وفي ظل هذه الحروب كتب يونس إمرِه عام 1307 كتابه الداعي إلى التوحد والبعد عن المذهبية بعنون "رسائل النصح". ترك يونس إمرِه أكثر من 12 أثر أدبي وفكري وعلمي وفلسفي. وُضعت صورته على المئتي ليرة التركية كتخليد لاسمه المغمور بالأدب والعلم والفلسلفة والتفكر والتأمل.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!