جلال سلمي - خاص ترك برس

أصبحت تركيا مُرتبطة وسياستها بشكل كبير مع القضية السورية ومستقبلها وذلك باختصار لأن تركيا منذ انطلاق الثورة السورية اعتبرت الثورة عادلة ودعمتها إنسانيًا وماديًا بحكم مجاورتها لها  وبأن أي تطورات ستطرأ عليها سواء إيجابية أو سلبية ستؤثر عليها بشكل مباشر، وبعد تعقد القضية السورية وازدياد عدد العناصر اللاعبة بها أصبحت تركيا أمام طمع توسع جيوسياسي وأمام أداة إرهابية الأمر الذي زاد من حاجة تركيا للا بالارتباط بشكل أكبر وأوسع بالقضية السورية لإرسائها بشكل إيجابي يخدم مصالحها ويقلل أكبر خسائر ممكنة للثورة ولمصالحها.

في الفترة الأخيرة أصبحت القضية السورية على رأس حسابات السياسة الخارجية التركية، ويوضح الكاتب السياسي التركي المُقرب من حزب العدالة والتنمية علي بيرام أوغلو ذلك من خلال تطرقه إلى موضوع السياسة الخارجية التركية الخاصة بسوريا في مقال تقييمي بعنوان "السياسة الخارجية التركية وسوريا" نُشر بتاريخ 21 تشرين الأول/ أكتوبر 2015 في صحيفة يني شفق، ويشير بيرام أوغلو بأنه "قبل أسبوع اجتمع وبعض أصدقائه في مؤتمر تقييمي للسياسة الخارجية التركية مع مسؤول رفيع المستوى من وزارة الخارجية التركية في إسطنبول، وكان الموضوع الأساسي للمؤتمر غير المنشور إعلاميًا سوريا".

ويُفيد بيرام أوغلو في مقاله المُلخص للمؤتمر بأنه "عندما تصبح القضية هي القضية السورية فإن مسألة الدولة الكردية المُحتملة والاضطرابات العرقية والمذهبية والهجرة القسرية والعلاقات التركية مع روسيا وإيران و"إسرائيل" والغرب تُصبح قضايا مُتفرعة من ذلك الموضوع، وليس هناك أي سر بما يخص خطط تركيا السياسية تجاه سوريا والتطورات الجارية بها".

وحسب ما يورده بيرام أوغلو أيضًا؛ فإن حيوية التحرك في المنطقة ودخول عناصر جديدة للعبة بشكل مستمر ودائم وتغير التوازانات الخاصة باللعبة بشكل سريع جدًا يجعل السياسة التركية تتغير بشكل تكتيكي مستمر لتفادي هذه التغيرات وللتماثل معها بالشكل التي تحتاج، وحسب بيرام أوغلو وحسب المؤتمر الصحفي المُغلق فإن هناك 3 أهداف استراتيجية لتركيا لا يمكن أن تتنازل عنهم مهما تغيرت موازين اللعبة؛

1ـ القضاء على داعش وإبعادها عن الحدود.

2ـ القضاء على خطط حزبي العمال الكردستاني "بي كي كي" والاتحاد الديمقراطي "بي يي دي" وخططهما القاضية بتأسيس دولة كردية مستقلة في المنطقة.

3ـ إيجاد حلول مناسبة لإيقاف تدفق اللاجئين من خلال تأمين لهم منطقة عازلة داخل سوريا.

4ـ الهدف الرابع وهو الأهم بالنسبة للساسة الأتراك وهو الحفاظ على وحدة سوريا وسلامتها وإنجاح ثورتها العادلة مهما كلف الأمر، وينبع هذا الهدف من النسيج التاريخي والثقافي الذي يربط الشعبين السوري والتركي.

ويورد بيرام أوغلو من خلال مقاله بأن "المسؤول الرفيع في وزارة الخارجية التركية يرى بأن داعش من أكثر العناصر التي تخدم إيران في المنطقة من خلال ماتقوم به من هجوم على المناطق المحررة التي يسيطر عليها الجيش الحر وتُعيق عملية تقدمه في مناطق أخرى، وهذا ما يجعل أولوية دفتر حسابات تركيا الخاص بسوريا هو القضاء على "الجرثومة الداعشية" التي تعرقل تقدم الجيش الحر وعمله في التحرير.

أما بخصوص النظام الأسدي فحسب مقال بيرام أغلو يبين المسؤول رفيع المستوى بأن "تركيا لن تخضع للتدخل الروسي ولسياسته غير العادلة بل ستعمل على التصدي عليه من خلال زيادة الدعم الخاص بالنظام السوري من خلال الاتفاق مع الدول العربية النشطة في المنطقة وعلى رأسها المملكة السعودية العربية وقطر من أجل تحقيق دعم يؤثر في قلب الموازين لصالح الجيش الحر بغض النظر عن حجم التدخل الروسي، نعلم بأن النظام السوري يسيطر على 14% فقط من حجم سوريا الكُلي، وتصريح الأسد بأنه "لن يستطيع حماية سوريا بشكل كامل بعد اليوم، وبأنه يفضل حماية بعض المناطق الاستراتيجية" أرعب إيران ودفع روسيا للدخول بشكل مباشر في اللعبة.

وفي نهاية المقال يؤكد بيرام أوغلو بأن "السياسة الخارجية التركية ستكون نهائية بما يخص إقامة الدولة الكردية في شمال سوريا، لن تسمح تركيا إطلاقًا لقيام هذه الدولة مهما كلف الأمر لأن ذلك يقضي على وحدة سوريا في المقام الأول ويشكل خطرًا استراتيجيًا على أمن وتركيا واستقرارها الاستراتيجي، السياسة الخارجية التركية ستبقى ذات استراتيجياتها ولكن ستغير من تكتيكاتها في المرحلة الحالية".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!