جلال سلمي - خاص ترك برس

قاعدة ارتباط الاستقرار السياسي بالتطور الاقتصادي قاعدة عالمية تُقبل في جميع الدول حول العالم، لأنه لا يمكن للاستثمار الأجنبي والتطور التكنولوجي والصناعي وساحة التطور المعلوماتي والتقني وغيرها الكثير من المواضيع الداعمة لعملية التطور الاقتصادي أن تتم إن لم يتوفر لها سقف سياسي داعم ومُحرك ودافع.

وقد استطاعت الأوضاع في تركيا إثبات قاعدة عدم إمكانية التطور الاقتصادي في ظل وجود حالة غموض وعدم استقرار سياسي بها وذلك بعد إظهار إحصاءات اقتصادية تراجع نسبي في بعض القيم، ويتناول هذا الموضوع الباحث السياسي الاقتصادي يووز سمارجي في مقال سياسي له بعنوان "لا تطور اقتصادي بدون استقرار سياسي" نُشر في جريدة خبر ترك بتاريخ 21 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، ويشرع سمارجي في مقاله من خلال طرح المقدمة التالية: "ما رأيكم بالرجوع إلى الخلف قليلًا؟ قليلًا ليس كثيرًا، قبل 7 شهور كان الدولار في مستوى قريب من 2,30 وكان الهدف المُخطط لنسبة التضخم المالي 5% ولكن في شهري نيسان/ أبريل وأيار/ مايو أصبحت نسبة التضخم المالي 6,77 وهذا ليس كثير لأن تركيا أغلقت عام 2014 بنسبة تضخم مالي تُقدر بـ8,2%، وهذا يعني بأن نسبة  التضخم المالي لشهري أبريل ومايو ومن ثم نسبة التضخم المالي لشهر حزيران/ يونيو التي وصلت 7,4 بالمئة ولكن في جميع الأحوال تبقى هذه نسبة انخفاض يجب ربطها بقضية الاستقرار السياسي".

ويضيف سمارجي أن "رئيس البنك المركزي إردم باشجي قال بعد ذهابه لقصر رئاسة الجمهورية إبان الخلاف الذي نشب بينه وبين مستشاري أردوغان الاقتصاديين بما يخص نسبة الفائدة المُحددة بأن التضخم المالي يرتفع بارتفاع حالة عدم الاستقرار السياسي وعدم الانضباط المالي والسياسة المالية في ظل عدم وجود خطط مالية اقتصادية برلمانية وحالة عدم الاستقرار هذه تتطلب رفع نسبة الفائدة لتخفيض حجم السيولة في السوق وبالتالي إحداث حالة توازن مادي".

ويُشير سمارجي إلى أنه "من خلال السلسلة الرابطة بين الاستقرار السياسي والتطور الاقتصادي التي أوضحها باشجي نستخلص أن الاستقرار السياسي إذ انعدم فإنه يفسد الخطط المالية والاقتصادية المُنظمة وبالتالي يرفع من حجم التضخم ويخفض قوة الشراء الخاصة بالعملة ويخفض حجم الصادرات وغيرها الكثير من الأمور التي تؤثر على الاقتصاد سلبًا".

ويوضح سمارجي بأن "هذه النظرية أو القاعدة ليست خاصة بتركيا فقط بل هي عامة وموجودة في كل دولة ينعدم بها الاستقرار السياسي لأسباب عدة مثل خلو البلد من الحكومات البرلمانية أو في ظل وجود تهديد إرهابي أو في ظل حتى وجود عدم استقرار سياسي في الدول المجاورة التي تُمثل مُنحنى الطلب لصادرات الدولة، تركيا اليوم تعاني من فراغ سياسي في الحكومة والبرلمان ومن عدم استقرار سياسي في كل من سوريا والعراق وبعض الدول العربية التي كانت تمثل الكيانات الحيوية للطلب على صادراتها".

وفي مقال تقييمي آخر للباحث السياسي في معهد التفكير الاستراتيجي محسن قار بعنوان "الانتخابات والاستقرار السياسيفي تركيا" نُشر على الصفحة الرسمية للمعهد، يبين قار بأنه "لا يمكن تقييم الوضع الاقتصادي لتركيا على أنه في حالة سيئة للغاية بل هو في حالة عدم استقرار طفيفة ناتجة عن عدم الاستقرار السياسي الجزئي بداخل تركيا وعدم الاستقرار السياسي والأمني في بعض المناطق التي كانت بمثابة العُصب الأساسي للصادرات التركية، ولكن بإجراء الانتخابات البرلمانية وبتنويع وتكثيف العلاقات الاقتصادية التركية مع أطراف أخرى سيدخل الاقتصاد التركي مرحلة التعافي المرحلية، وقد أثبتت إحصاءات الربع الثاني من العام الحالي بأن هناك تطورًا في مجال الخدمات والصناعة وهناك عملية تعافي جزئية في معدلات التضخم المالي ومعدلات قيمة الليرة مقابل العملات الأجنبية الأخرى".

ويوضح قار بأن "التداخل السياسي الاقتصادي أمر لا بد منه وبأن كلا منهما مرتبط بالآخر وذلك لأنه على صعيد الاقتصاد الجزئي "مايكرو" لا يمكن لأحد على وجه المعمورة الإنتاج والاستهلاك بشكل طبيعي في حال وجود اضطراب سياسي، هذه النقطة الحساسة جعلت المواطن التركي يفكر مليًا في الإدلاء بصوته في الانتخابات المقبلة وجميع مراكز الإحصاء والكُتاب السياسيون والاقتصاديون يشيرون إلى هذه النقطة من خلال إحصاءاتهم وكتابتهم في الجرائد والصحف".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!