أمين بازارجي - صحيفة أقشام - ترجمة وتحرير ترك برس

ربما تلهينا نقاشات الانتخابات والشؤون الداخلية في هذه المرحلة، لكن الأيام الماضية كانت أياما هامة بالنسبة لنا، حيث اجتمع وزراء خارجية أمريكا وروسيا والسعودية وتركيا، من أجل مناقشة القضية السورية، وتفاصيل المرحلة الانتقالية، وموضوع اللاجئين، كما سيكون موضوع حزب الاتحاد الديمقراطي على أجندة النقاشات، وتؤكد تركيا من خلالها على أهمية أن يقرر الشعب السوري مصيره بنفسه.

هناك تطورات هامة تحصل في المنطقة ستؤثر عليها بصورة كبيرة، منها إعلان حزب الاتحاد الديمقراطي المدعوم أمريكيا، عن "كنتون" رابع في تل أبيض، ليفرض بذلك هيمنته في المنطقة رويدا رويدا، ويتقدم خطوات لتحقيق تشكيل جديد، خصوصا في تل أبيض، التي تعد منطقة للعرب والتركمان، وليست منطقة كردية، حيث تمركزت عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني في هذه المنطقة بعد طرد العرب والتركمان منها.

ومع أنّ هذه التطورات قد وصلت عبر تقارير للأمم المتحدة، إلا أنّ أمريكا وروسيا تستمران في دعم حزب الاتحاد الديمقراطي بالسلاح بذريعة انه يواجه داعش على الأرض، وهناك أدلة دامغة على وصول هذه الأسلحة لحزب العمال الكردستاني.

***

هل تذكرون الطائرة بدون طيار التي أسقطتها تركيا؟ مع أنّها صناعة روسية، إلا أنّ أحدا لم يعلن أنّ الطيارة تتبع له، لكن سمعنا مؤخرا أحاديث عن أنّ هذه الطائرة يملكها حزب الاتحاد الديمقراطي، وعند القول بأنّ حزب الاتحاد الديمقراطي هو ذراع حزب العمال الكردستاني، فهذا يعني أنّ الارهابيين أصبحوا يملكون طائرات بدون طيار، وهذه المعلومات كانت تملكها الاستخبارات اصلا منذ مدة ولم تفصح عنها.

قد يعتقد البعض بأنّ هذا الأمر "غير هام" وبأنّ ثمن الطائرات بدون طيران رخيص ويستطيع أي تنظيم مثل حزب العمال الكردستاني الحصول عليها، لكن هذا التطور هدفه تهديد تركيا، وهنا تكمن أهمية الموضوع، لأنّ طيران هذه الطائرة على الحدود التركية، يعني أنّ هناك قيادة مركزية  لهذا الأمر، وأنّ هناك متخصصون وتقنيون لإدارته والتحكم به.

أين يقع مركز القيادة هذا؟ ومن أسسه؟ ومن درّب وعلّم قيادته؟ هناك عدة دول قادرة على تأسيس هذا المركز وتعليم أفراده، وهكذا تستطيع تلك الدول أنْ تحلق بطائرات بدون طيار فوق تركيا لتحقيق أهدافها، وهي بعيدة عن القيادة المباشرة لها.

ولهذا فإنّ تركيا لا تحارب حزب العمال الكردستاني فحسب، لأنّ هذا الحزب هو مجرد قمة الجبل الجليدي الذي نراه، وفي قاع الجبل المخفي يوجد العديد من القوى والدول التي تدعم حزب العمال الكردستاني، فتركيا اليوم تتعرض لهجوم وخطر من دول وقوى، تستخدم العمال الكردستاني لتحقيق أهدافها!

***

وفي خضم كل ذلك، يستمر تحويل سوريا إلى "كانتونات"، وتحتل داعش بصورة غريبة مناطق عديدة في سوريا، ثم يظهر حزب الاتحاد الديمقراطي، ويحظى بالدعم اللازم ليتم إرساله إلى مناطق داعش ليسيطر عليها، وبعد ذلك يعلن عن أنه شكل "كنتون" جديد، وهذا ما حصل في كوباني وعفرين وغيرها، وأضيف مؤخرا إلى تلك القائمة منطقة تل أبيض.

لم يتبق الآن إلا منطقة جرابلس، وإذا ما خرجت داعش منها وتمركزت عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي فيها، ستكتمل سلسلة حلقات "الكنتونات"، وستظهر منطقة كردية جديدة، وستكون هذه المنطقة تحت سيطرة ونفوذ حزب العمال الكردستاني وجبل قنديل، وهكذا لن يكون هناك حاجة لجبل قنديل لتشكيل تهديد على تركيا، لأنه سيكون مجرد المقدمة لمنطقة كردية كاملة.

***

هذه التطورات ليست محدودة بحدود سوريا، لأننا نعيش في تركيا تطورات تتزامن تماما مع التطورات الحاصلة في الأراضي السورية، ولهذا أصبحنا نسمع صوتا مرتفعا أكثر في بعض محافظات تركيا ينادي "بالحكم الذاتي" و"الإدارة الذاتية".

سبب تزامن التطورات مع بعضها البعض، هي أنها جزء من مخطط واحد، وهذا المخطط يسعى لتوحيد "الكانتونات" السورية مع مناطق تركية، لتشكيل هيكل واحد، وتركيا فهمت هذا المخطط، وأفشلته داخل تركيا، وتسعى لإحباطه خارج حدودها أيضا.

ما نحن أمامه الآن هو مشروع كبير، ولهذا علينا أن نخرج من انتخابات 1 تشرين الثاني/ نوفمبر، بحكومة قوية قادرة على إفشال مخطط هذا المشروع.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس