ولاء خضير - خاص ترك برس

أي حديث عن تأجيل إنشاء "المنطقة الأمنة"، هة تصريح مباشر بسفك دماء السوريين الآمنين، ليس السوريون فحسب، بل التركمان، والأكراد، واليزيديون الهاربين من الموت!.

وفي ظل إصرار تركيا على بدء تنفيذها! ماذا ينتظر العالم!. وسط تصريح القيادة التركية أن "المنطقة الآمنة التي تسعى تركيا لإقامتها في شمال سوريا، ستُطبّق خلال أيام"، كثّف النظام السوري، بدعمٍ جوي روسي، ضرباته بمحاولات إحباط هذا المسعى، وبالعمل على تحقيق السيطرة الميدانية، في محيط هذه المنطقة.

لم يتأخر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي حظي بتأييد التحالف الأوروبي للرواية التركية عن إسقاط الطائرة الروسية أثناء اختراق مجالها الجوي، في تكرار إصراره على إقامة "منطقة إنسانية آمنة" في سوريا، بمساعدة حلفائه، تمتد من مدينة جرابلس في ريف حلب، إلى البحر المتوسط.

ففي حين يواصل المجتمع الدولي، وعلى رأسه مجلس الأمن فشله في وقف الحرب السورية، واحتواء أزمة اللاجئين المتفاقمة، وانتشار "قوارب الموت" الغارقة في البحر الأبيض المتوسط، ومشاهد جثث الأطفال المرمية على السواحل، حركت اهتمام الرأي العالمي بشكل مؤقت، إلا أنها فشلت في جمع دعم أخلاقي وسياسي كاف لإحداث تغيير على أرض الواقع.

وفي ذروة أزمة اسقاط الطائرة الروسية، تتضارب الأنباء أنه سبب الإسقاط ليس فقط لأن الطائرة اخترقت الأجواء التركية، وليس السبب حماية مدن وقرى التركمان من الضربات، فالنظام الأسدي كثف ضرباته تجاه التركمان العديد من المرات، بذريعة "محاربة داعش"، ولكن تركيا بإسقاطها الطائرة، توصل رسالة إصرارها على إنشاء "المنطقة الآمنة".

وتضع بوادر الصدام التركي الروسي في سوريا، مشروع "المنطقة الآمنة"، أمام ثلاثة احتمالات، أضعفها هو تخلّي أنقرة عن المشروع بسبب التدخل الروسي، بينما أقواها أن يتم تسريع تنفيذ المشروع، وربما توسيع نطاقه الجغرافي ليصل إلى الحدود الجنوبية التركية، مع محافظة اللاذقية السورية، حسب ما نشرته صحيفة "العربي الجديد".

تركيا اقترحت، وأصرت قبل عدة سنوات على أن الحل الوحيد الآن، هو إقامة "منطقة آمنة" للسوريين، مدركة أنه ليست هناك وصفة سحرية لإنهاء الحرب فورًا، لكن هناك طرق يمكنها إنقاذ حياة الأبرياء، وإجبار نظام الأسد على القدوم إلى طاولة التفاوض.

هذا الحل يتمثل بإنشاء "منطقة آمنة" في شمالي سوريا، مع منطقة حظر للطيران لحمايتها، في ظل استمرار نظام الأسد بارتكاب المجازر، واستخدام الأسلحة الكيميائية، والبراميل المتفجرة، إلى جانب توسع جرائم "تنظيم الدولة الإسلامية"، جعل مُقترح "المنطقة الآمنة"، أكثر أهمية من أي وقت مضى، وحتى تكون "المنطقة الآمنة" منطقة لجوء للشعب السوري داخل بلاده أولًا.

وأوضح رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، في مقابلة لقناة الجزيرة، أن رسم الخارطة لهذه "المنطقة الآمنة"، يجب أن يكون من قبل الأمم المتحدة، وكذلك يجب أن تحمي قوات التحالف أو قوات تابعة للأمم المتحدة هذه المناطق الآمنة،  فتركيا لا تستطيع المضي قدمًا في مسألة "المنطقة الآمنة"، من دون غطاء واضح أيضا من حلف شمال الأطلسي"ناتو"، التي هي عضو مؤسس فيه.

ودعا أوغلو لعدم الخلط بين "المنطقة الآمنة" التي تدعو إليها تركيا، والمنطقة العازلة العسكرية التي لم تطالب بها تركيا أبدًا، ومشيرًا إلى أن بلاده عرضت هذا الأمر في عام 2011م، ولو أنه تم تطبيق هذه المنطقة وقتها، لما تحول هذا العدد من السوريين إلى لاجئين.

موقف الأسد

يجدد نظام الأسد رفضه إقامة "منطقة امنة" بمحاذاة الحدود مع تركيا، بحسب ما جاء في بيان صادر عن وزارة خارجية النظام، معتبرة أن "المحاولات التركية لإقامة منطقة "عازلة"- على حد تعبيره- على الأراضي السورية، تشكل انتهاكًا سافرًا لمبادئ، وأهداف ميثاق الأمم المتحدة!.

ويرى محللون أن نظام الأسد يرفض إقامة منطقة آمنة، ليواصل استهداف المدن السورية، ليدمرها فوق سكانها، حيث يطال قصفه الجوي والصاروخي المناطق الحدودية مع تركيا، البعيدة كل البعد عن نقاط الاشتباكات، ووجود مسلحي قوات تنظيم "داعش".

الموقف الغربيّ

فرنسا صرحت دعمها لإقامة "المنطقة الآمنة"، أقصى شمالي سوريا، معلنة أن الرئيس فرانسوا هولاند يؤيد إقامة "المنطقة الآمنة لاستقبال النازحين وحمايتهم".

الولايات المتحدة الأمريكية تتحفظ على هذه الفكرة، وتنافش في اجتماعتها قرارها الأخير بها، مع تأييدها الموقف التركي لحل أزمة اللاجئين، ويرى محللون أن الموقف الأمريكي نابع من انزعاج "واشنطن"، بشأن مَن سيسيطر على الأرض، إذا تم طرد تنظيم "داعش".

لندن "لا تستبعد" فكرة إقامة منطقة عازلة لحماية النازحين بسبب النزاع على الحدود التركية السورية.

مما لا شك فيه أن هذا الشريط الآمن سيشكل ملاذا آمنًا لجميع اللاجئين السوريين، والأكراد، والتركمان، واليزيديين الهاربين من العنف، لهذا فإن المواطنين السوريين سيكونون بأمان، دون الخروج من أراضيهم، وهذا لا يعني أن تركيا تتخلى عن مسؤوليتها تجاه اللاجئين.

الأمر أنه سيخفف عن تركيا تحمّل أعباء استقبال المزيد من اللاجئين، مع إمكان عودة البعض منهم الموجودين في تركيا، إلى هذه المنطقة، إذا ما توفّر عنصر الأمان وتوفّرت الخدمات الأساسية.

وفي رسالة أعلن خلالها إصرار تركيا على الاستمرار بإنشاء "المنطقة الآمنة"، التي بدأ تنفيذها قبل أيام في شمال سوريا قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: "خلال الأيام القادمة.. سيتم تأمين منطقة البحرالمتوسط وخط جرابلس لحمايتها، وإن شاء الله الأيام المشرقة لإخوتنا السوريين قريبة".

عن الكاتب

ولاء خضير

كاتبة وصحفية فلسطينية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس