بولنت إرانداتش - صحيفة تقويم - ترجمة وتحرير ترك برس

تلعب القوى العالمية لعبة الشطرنج فيما بينها على طول وعرض شرق البحر الأبيض المتوسط، فالتواجد العسكري البحري فيه لا يقتصر على الأزمة السورية، بل هي فقط الغطاء؛ حيث تكمن حقيقة هذا التواجد في الممرات المائية ومخزون النفط والغاز الذي يكفي لأكثر من 100 سنة قادمة، ولهذا كان الأسطول السادس للبحرية الأمريكية يصول ويجول في تلك المناطق، ولهذا أيضا نرى اليوم روسيا وهي تنتشر على طول الساحل السوري.

ولحكم ولبسط السيطرة في هذا العالم توجد 3 نظريات:

1-   السيطرة البرية (نظرية هالفورد): وتنقسم إلى "القلب" وهي مناطق شرق أوروبا وسوريا، ومناطق " الهلال الداخلي" وهي من البلقان وحتى الصين، فمن يستطيع السيطرة على مناطق "القلب" سيسيطر على مناطق "الهلال الداخلي والخارجي".

2-   السيطرة البحرية (نظرية الفريد ماهان): فمن أجل إحكام السيطرة على البحر الأبيض يجب إحكام السيطرة على البحر الأوراسي وخط مياه البحر الأبيض- البحر الأحمر- البحر الأسود- المحيط الهندي وخط إسطنبول- مضيق جناق قلعة- أيدين.

3-   السيطرة الجوية (نظرية هوسي هستاكالين): وهذه النظرية توجد كجزء أصيل في كل النظريات العالمية، وفيها تركيا التي تتمتع بسيطرة برية وجوية يمكن أن تصل بها للعالمية كما يمني الطيب أردوغان نفسه، لكنها لا زالت تكتفي بالدور الإقليمي.

كان للرئيس المصري مرسي رؤية وبصيرة مبكرة على هذه الحقائق، فكان لا بد من التعجيل في التخلص منه لكيلا تصبح له قوة يمكن أن تؤثر على حساباتهم في البحر الأبيض المتوسط، كما كانت لأردوغان نظرة مشابهة في 2007؛ الأمر الذي استدعى القوى العالمية للتدخل لمحاولة إيقافه عند حده وما تزال هذه المحاولات جارية حتى الآن، وكان الفيتو أحد تلك الأدوات.

تواجه مياه شرق البحر الأبيض المتوسط مصير الخليج العربي، وكان ذلك في بدايات عام 2007 عندما أعلنت إسرائيل عن احتياطات الطاقة والتي تشترك في مياهها الإقليمية كل من تركيا وقبرص و لبنان وسوريا وغزة وإسرائيل، ومن حينها ولعبة الشطرنج البحرية على قدم وساق، وكان لتركيا دورها المتصاعد في هذه اللعبة، وحتى تصل تركيا لدورها المنشود يجب عليها التواجد بقوة في كل المياه الإقليمية حول العالم.

منذ 10 سنوات والقوات البحرية التركية في تطور متصاعد في البنية والمصادر بخطتها الاستراتيجية الأساسية، فقد أصبحت احدى دول العالم ذات التطور الصناعي البحري وما تحت البحار، حتى أصبحت سفنها البحرية تذهب إلى الصومال وجيبوتي. كما ويجب الانتباه لخطوط الغاز والنفط التي تعبر هذه المناطق البحرية، وتسعى تركيا لتطوير أسلحتها البرية والجوية والبحرية في الوقت التي ما تزال فيه تحت الضغوط من كل جانب.

النتيجة: تسعى اليوم كل القوى العالمية إلى غرس علمها ثابتا في البحر الأبيض المتوسط كما حصل في البحر الأحمر على المستوى العالمي والمحلي بسبب مصادر الطاقة والمعابر والممرات البحرية، وتريد تركيا أن يكون لسلاحها البحري دور فعال في هذه الزحام. ثم يخرج علينا من لا يعقل ليتكلم بالكلام الفارغ عن أوهام الحكم والسلطة.

عن الكاتب

بولنت إرانداتش

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس