
ترك برس
أعلنت رئاسة الأركان التركية بالأمس، 17 كانون الثاني/ ديسمبر 2015، بدء عملية كبيرة ضد عناصر حزب العمال الكردستاني "بي كي كي" في ولايات جنوب شرقي البلاد وخاصة ديار بكر وشيرناق.
وكانت عناصر حزب العمال الكردستاني المُسلحة استولت على مناطق في ولايتي ديار بكر وشيرناق وأعلنتها مناطق مُستقلة ذاتيًا، إلا أن الجيش التركي تدخل في نفس اليوم، وقضى على هذه المحاولات التي وُصفت بـ"الفاشلة والمستحيلة" من قبل بعض الساسة والمحللين.
وتعيش منطقة جنوب شرق تركيا حالة من التوتر منذ انقلاب حزب العمال الكردستاني بي كي كي على عملية السلام التي كانت جارية بين الحكومة وبين زعيمه الحزب "عبد الله أوجلان"، إلا أن بي كي كي لم يكمل مسيرة السلام مع الحكومة التركية وقلب الطاولة في وجهها وشرع في تموز/ يوليو المنصرم، باستهداف عدد كبير من عناصر الشرطة والجيش ومشاريع التطوير بالمدن الواقعة جنوب شرقي الأناضول.
وحسب الباحث السياسي "ميديام يانيك"، المنسق العام لمركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في إسطنبول والذي يتطرق إلى الموضوع في مقال تحليلي بعنوان "لماذا انقلب حزب العمال الكردستاني على عملية السلام، فإن السبين الرئيسين اللذين دفعا حزب العمال الكردستاني إلى الانقلاب على عملية السلام هي كالآتي:
ـ الاستقلال الأخير الذي ناله الأكراد في شمال العراق ويحاولون أن ينالوه في شمال سوريا، كما شجع بي كي كي على إدارة ظهره للحكومة التركية وجود الدعم الوفير المُقدم من جميع القوى العالمية.
ـ زيادة كسب تعاطف الرأي العام العالمي عن طريق إعادة الحرب مع تركيا وزيادة الحرب مع داعش: رأى حزب العمال الكردستاني في الحرب ضد داعش فرصة سياسية عظيمة لكسب شرعية عالمية أكبر تمكنه من تحقيق أحلامها في الاستقلال، وللحرب ضد داعش كان لا بد من زيادة محاور الحرب ودواعيها فبدأ حزب العمال الكردستاني باتهام الحكومة التركية بأنها حكومة إسلامية متطرفة داعمة لداعش في حربها وجرائمها ضد الأبرياء، عن طريق هذه الحرب الإعلامية تصور حزب العمال الكردستاني بأن الدعم العالمي سيزيد لصالحه وسيزيد الضغط العالمي على تركيا ليتمكن من تحقيق مكاسب سياسية تصل إلى الحكم الذاتي.
وفي مقاله "الحرب على بي كي كي"، يؤكد المختص في قضايا الإرهاب "علي نهاد أوزجان" الأسباب التي يقدمها يانيق لإيضاح سبب انقلاب بي كي كي على عملية السلام، لكنه يرى أن "بي كي كي ظن أن عملية الاستقلال الذاتي ستكون سهلة كما تمت في شمالي العراق وسوريا، يبدو أن بي كي كي ومُحرضيه على إعلان الاستقلال لم يعوا الهيكلية العامة لتركيا وكيانها السياسي بعد".
ويوضح أوزجان أن "ما يميز تركيا عن العراق وسوريا، هو وجود جيش "وطني" متماسك تحت شعار حماية الوطن من كافة جهاته مهما كلف الثمن، وقد تمكنت تركيا من تأسيس جيشها الوطني القوي الذي انتمائه الوحيد للوطن وهدفه الوحيد الدفاع عن الوطن منذ تأسيسه عام 1923 ، ويعود الفضل في تأسيس ذلك الجيش إلى النظام الديمقراطي الذي يحكم تركيا، ذلك النظام الذي ترتكز دعائمه إلى خيار الشعب الذي يسعى لإيصال سياسيين ذوي انتماء وطني لإحقاق المصالح الوطنية والمحافظة عليها، على النقيض من الأنظمة الدكتاتورية المنشأة من قبل الاستعمار والتي عادةً ما تتكون من طائفة أو حزب أقلية لا يمثل الشعب بشكل عام".
ويؤكد أوزجان أن "تماسك أجهزة الدولة الأمنية سيحول دون نجاح بي كي كي في تحقيق مآربه "التخريبية، لأنه غفل عن قوة تركيا التي لا تضاهيها أي قوة في منطقة الشرق الأوسط"، ويشير أوزجان إلى أن "تركيا ليست مثل سوريا أو العراق، حيث أن سوريا والعراق كانتا تحت حكم دكتاتوري مرتبط بفرد أو حزب أو طائفة بعينها، وما إن خرجت قوى معارضة لنظام هذا الحكم تفكك دون إبداء مقاومة وطنية كاملة".
ومن جانبه، يذكر الكاتب السياسي "محمد تاييز" أن "ما يجعل الجيش التركي جيش قويًا هو الدعم الشعبي العام الذي يلقاه من كافة أطياف الشعب التركي الممتعضة بشكل كبير من الإرهاب الذي يمارسه بي كي كي، والأيام القادمة ستكون كفيلة بكشف النتائج الإيجابية التي سيحققها الجيش التركي في حربه ضد بي كي كي".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!