ترك برس

استقبلت تركيا عام 2016 باحتفالات عمّت أنحاء البلاد، إلا أن المناسبة كانت أقل متعة بالنسبة لملايين السوريين الذين يعيشون في البلاد بعد نزوحهم من صراع شارف على دخول عامه الخامس.

تغلب على أكثر من 2,4 مليون سوري يعيشون في تركيا الرغبة بانتهاء الحرب في بلادهم على الرغم من زيادة تعقيدها بدخول روسيا في الصراع وصعود تنظيم داعش في شمالي سوريا، وكل ما يملكونه هو الأمل بعد ما تركوا كل ما يملكون في وطنهم وهاجروا في رحلات شاقّة للوصول إلى الدول المجاورة لسوريا.

"موسى الأحمد"، والد لخمسة، لجأ إلى تركيا مع عائلته، يعيش في خيمة بمخيم مدينة أكتشاكاله المحاذية لسوريا جنوب تركيا. وهو من بين 28 ألف لاجئ آخر يعيشون في المخيم. يقول الأحمد إنّه ممتنّ لكرم الضيافة في تركيا ويحب البلد المضيف الذي يشترك بجذور ثقافية عميقة مع سوريا، التي حكمها العثمانيون في يوم من الأيام. لكنه يضيف: “ليس هناك مكان في العالم مثل الوطن”، متمنيًا أن يعود إلى بيته.

هاجر الأحمد إلى تركيا في عام 2012 من مدينة دير الزور في سوريا، التي تشهد قتالًا عنيفًا بين الثوار ونظام الأسد في هذه الأيام. وقادته رحلته إلى قرية قرب مدينة أكتشاكاله، لكن عدم وجود فرص للعمل أخذه إلى مدينة أخرى في الجنوب، حيث عمل في قطف الفواكه لسنوات قبل أن يستقر في مخيم للاجئين منذ أكثر من عام لحماية عائلته من برد الشتاء القارس الذي واجهته في خيمة مؤقتة.

يقول الأحمد في حديث وكالة إخلاص للأنباء: “أصبح لي أصدقاء أتراك هنا وتعلم أولادي التركية. تركيا هي بلدي الثاني ولكنها ليست مثل وطننا الحقيقي. نتمنى كلنا أن تنتهي الحرب في عام 2016 ونعود إلى حياتنا الماضية”. وحتى في حال انتهاء الحرب، فإن إعادة بناء سوريا التي تعرّضت عدد من مدنها لدمار هائل بفعل الغارات الجوية والاشتباكات قد تستغرق سنوات وربما عقود. وليس الأحمد متفائلًا في هذا الصدد، يقول: “إن البلد الآن مدمّرة، ولكن بإمكاننا مداواة جراحنا معًا وإعادة بنائها”.

يعيش “محمد سليم” في خيمة مؤقتة بولاية عثمانية جنوب تركيا قرب الحدود السورية، التي تستضيف 25 ألف لاجئ سوري في مخيم للاجئين وفي المدينة.سليم ينتمي هو وعدد كبير من اللاجئين إلى الشريحة الفقيرة التي لا تريد العيش في مخيمات اللاجئين، وقررت العيش في مخيمات تشيدها لنفسها أو في الأبنية المهجورة.

لا تعني السنة الجديدة تغييرًا لسليم، الذي يكافح هو وزوجته وأبناؤهم السبعة لتغطية نفقاتهم عبر العمل بوظائف غريبة. يقول: “من الصعب علي العيش بعيدًا عن بلادي. أتمنى أن يعود السلام إلى سوريا، وبالتالي إلينا كذلك. يبدو ذلك صعبًا الآن”.

تعيش أم كلثوم في بيت مكوّن من غرفة واحدة مع أطفالها الثلاثة في عثمانية. وتقول: “في تركيا أشعر كأنني في وطني، والناس هنا والجيران والجمعيات الخيرية يساعدوننا. ومع ذلك، أنا أحِنُّ إلى سوريا”.

رأس السنة الجديدة بالنسبة لأطفال سوريا كان عبارة عن هدايا جديدة من الجمعيات الخيرية، التي وزّعت عليهم ألعابًا وملابس. في ولاية إزمير غربي تركيا، التي يعيش فيها عدد من السوريين خاصة الراغبين بالوصول إلى الجزر اليونانية القريبة، وزّعت الجمعيات الخيرية هدايا للأطفال السوريين. وفي أماكن أخرى من إزمير، شوهد اللاجئون السوريون على شاطئ بحر إيجة ينتظرون القوارب لتأخذهم إلى اليونان على الجانب الآخر من بحر إيجة في ليلة رأس السنة وأول يوم من أيام السنة الجديدة.

يتوقع هؤلاء في عام 2016 أن يكون لهم بيت جديد في أوروبا حيث يوعدون بحياة أفضل إذا تم قبولهم. ولا يزال الأمل بالتأكيد أحد الأمور القليلة التي تبقيهم على قيد الحياة وتدفعهم للسعي. وفي كل أسبوع تقريبًا تتّجه أعداد من المهاجرين إلى الجزر اليونانية في قوارب، ويغرق عدد منهم في طريقهم، إما بسبب سوء الأحوال الجوية أو عيب في القوارب أو الازدحام.

ووفقًا لأحدث إحصائية رسمية فإن أكثر من 700 شخص ماتوا وهم يحاولون السفر إلى الجزر اليونانية من الساحل الغربي لتركيا، في حين أن أكثر من 800 ألف شخص وصلوا على قيد الحياة إلى اليونان، بوابة أوروبا لآلاف اللاجئين الذين لم يجدوا في تركيا مستقرًا.

وفي حين يمر رأس السنة بالسوريين وهم في مزاج حلو ومُرّ على حد سواء، فقد أمضت تركيا المناسبة باحتفالات وألعاب نارية في أنحاء البلاد.

استقبلت إسطنبول السنة الجديدة بالعواصف التي غطّت المدينة بغطاء أبيض سميك لأول مرة في ليلة رأس السنة منذ سنوات. حضر بعض الناس الاحتفالات في شارع الاستقلال وسط المدينة، الذي كان يمتلئ بالمحتفلين في السنوات السابقة. واجتذب احتفال موسيقي في منطقة أتيلير عددًا كبيرًا من الحضور الذين ظلوا حتى العد التنازلي للسنة الجديدة وسط استعراض مميز للألعاب النارية.

وانتشر حوالي 15 ألف رجل شرطة في أنحاء المدينة للاحتياط في حال حدوث أحداث عنف بين المحتفلين برأس السنة، والتي تكرر حدوثها في السنوات السابقة خاصة في شارع الاستقلال.

في العاصمة أنقرة، تركز الاحتفالات في غوفين بارك وميدان كيزيلاي. وذلك بعد أيام من اعتقال انتحاريين اثنين كانا ينويان إحداث تفجيرات في رأس السنة في أماكن مزدحمة من العاصمة، ولذلك كانت الشرطة منتشرة لتفتيش المشاركين في الاحتفالات.

أما في أنطاليا، المنتجع الصيفي الشهير، فقد رحّبت بالسنة الجديدة في جو بارد نسبيًا، إلا أن مجموعة من السبّاحين الذين يحتفلون في كل رأس سنة جديدة تجمّعت في شاطئ كونيالتي للسباحة بذكرى رأس السنة في درجة حرارة 1 مئوية.

أما في ولاية دياربكر جنوب شرقي تركيا، التي كانت تنبض بالحياة في الاحتفالات في السنوات السابقة، فقد فضّل الناس البقاء في البيوت في وقت تصارع فيه المدينة أعمال الإرهاب من قبل حزب العمال الكردستاني “بي كي كي”، الذي يشتبك عناصره مع قوات الأمن التركية منذ أيام. وسُمِعت أصوات إطلاق النار في حي “سور” التاريخي في المدينة، حيث كان مفروض حظر تجول. وانتشر رجال وحدات العمليات الخاصة التابعة للشرطة التركية في كل أنحاء المدينة للاحتياط في حال حدوث أي عمل إرهابي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!