ترك برس

عام 1921، تعلن وزارة التربية والتعليم عن حاجتها لنشيد وطني، يعبّر عن الوطن، وشجاعة الجيش التركي، ويليق بالعلم ذي الهلال والنجمة، فتقرر الوزارة تنظيم مسابقة لاختيار أفضل شعر سيكتب في هذا المجال، وترصد مكافأة مادية لصاحب أفضل شعر.

وحظيت المسابقة باهتمام كبير من قبل الشعراء، ولاقت مشاركة واسعة من أرجاء تركيا جميعها، وبدأت القصائد المحملة بالمشاعر الوطنية بالتوافد، ولكن ما لفت الانتباه آنذاك هو عدم مشاركة شاعر بحجم "محمد عاكف أرصوي" المعروف بوطنيته في مثل هذه المسابقة، وعندما سئل عن سبب عدم مشاركته أجاب: "لا يمكن ان أقبل على كتابة نشيد وطني مقابل مكافأة مادية".

وبناء على إجابته، قام وزير التربية والتعليم "حمد الله صبحي تانري أوفير" بإعلان سبب رفض "أرصوي" للمشاركة في المسابقة من كرسي البرلمان، الأمر الذي أدى إلى تولّد قناعة لدى الكثيرين بأن ما من شاعر قادر على كتابة النشيد الوطني سوى "محمد عاكف أرصوي".

وعلى أساسه بدأ أصدقاء الشاعر بمحاولات لإقناعه بالمشاركة في المسابقة، ومن بينهم وزير التربية والتعليم "حمد الله تانري أوفير" واستطاعوا إقناعه بالمشاركة لكتابة النشيد الوطني، بعد أن عرضوا عليه التبرع بالمكافأة المالية في حال ربحت قصيدته لصالح جمعية خيرية.

وبالفعل بدأ "أرصوي" بكتابة النشيد الوطني بمشاعر وطنية جياشة، وصل به الأمر إلى أنه في كثير من الليالي وهو ملقى على فراشه ينظم رباعية في مخيلته، فيهرع من فراشه، لكتابتها على الفور.

دخلت في المسابقة 724 قصيدة، وفازت القصيدة التي كتبها "أرصوي" بالمرتبة الأولى، وربح المكافأة التي كان قدرها 500 ليرة تركية، وتبرع بها لصالح جمعية خيرية.

وكان أول من قرأ النشيد الوطني أمام البرلمان التركي آنذاك هو وزير التربية والتعليم، "تانري أوفير" فطُلِب منه إعادة قراءته للمرة الثانية، وبذلك يسمع النشيد الوطني وينال التصفيق مرتين على التوالي في الاجتماع نفسه، ويتم قبول شعر أرصوي كنشيد للاستقلال في 21 آذار/ مارس عام 1921.

وبهذا يسطّر الشاعر التركي الكبير حروف اسمه من ذهب في التاريخ التركي من خلال سبب رفضه في البدء لكتابة النشيد، ومن ثم من خلال الكلمات الوطنية الجياشة التي عبر فيها بشعره.

 

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!