مصطفى قرة علي اوغلو – صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

لقاء غُل – أردوغان: في الحالة الطبيعية لا يعد "الجدال الداخلي لدى حزب الشعب الجمهوري" في أنقرة على سبيل المثال خبرًا ذا أهمية تذكر. ولكن أن يمر موضوع يتعلق باثنين من أعضاء حزب العدالة والتنمية فإنه يعد خبرًا هامًا!

التقى الرئيس رجب طيب أردوغان مع عبد الله غُل رئيس الجمهورية السابق عقب تصريحات بولنت أرينتش التي أزعجته. وفيما بعد اجتمع غُل مع أرينتش وكل من نهات أرجون، وسعد الله أرجين، وحسين تشيليك الوزراء السابقين المقربين منه، ومما لا شك فيه أن خبرًا كهذا يعد فريدًا من نوعه.

لا نعلم ما الذي تضمنه اللقاء الأول بين الجانبين والذي استمر قرابة ثلاث ساعات في القصر الجمهوري. ولكن المعطيات المتعلقة باللقاء الثاني أوضحت لنا بعض الأمور حوله.

نذكر من تلك الوقائع:

- قيام رئيس الجمهورية أردوغان بالدعوة لهذا اللقاء، وتلبية غُل للدعوة. وقد تم ذلك من خلال اتصال هاتفي جرى بينهما ويعتقد أنهما خططا له سابقًا خلال حفل زفاف في إسطنبول بسبب التطورات الأخيرة.

- في اليوم التالي اجتمع غُل مع أرينتش وبقية الوزراء الثلاثة. ومعروف أن لقاءات عديدة جرت من وقتٍ لآخر بين غُل وكل من وزير الصناعة السابق نهات أرجون ووزير العدل السابق سعد الله أرجين.

- ليس سرًا ذهاب غُل إلى أنقرة وعودته منها من حين لآخر من أجل إجراء لقاءات خاصة. ولا بد من الإشارة إلى أن كل هذه اللقاءات لم تكن ضمن نطاق "العملية السياسية".

- أشير أيضًا إلى إنزعاج غُل من النقاشات الأخيرة. ويبدو أن هذا الانزعاج المشترك تمت مشاركته في القصر، وفي تعليق على اللقاء صرح بأنه "جرى في أجواء إيجابية".

- أكد غُل في لقائه مع الوزراء السابقين على التطورات المحورية السورية في موضوع السياسة الخارجية وعملية محاربة الإرهاب؛ وفي هذا السياق أشار إلى ضرورة مراعاة هؤلاء الذين قاموا بأدوار مهمة داخل الحزب بشكل خاص مصلحة تركيا بدرجة أكبر.

- وخلال اللقاءات، احتلت الانتقادات الموجهة إلى بعض الوزراء السابقين في الجرائد والتلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي مركز الصدارة، على غرار ما جرى مع أرينتش، وتم التوافق أيضًا على "ضرورة خلق بيئة سليمة" بهذا الشأن.

- وتم التأكيد على أن الادعاءات حول حزب العدالة والتنمية بخصوص "عملية سياسية جديدة" جذرية لا أساس لها.

- يعد استخدام أرينتش تعبير "نحن كلنا أعضاء حزب واحد" عند مغادرته الاجتماع الذي جرى مع غُل وجهة نظر هامة.

وخلال الأيام القادمة ستتوجه الأنظار إلى "الكلام والصياغة" في الإعلام والسياسة.

التوتر الأمريكي - التركي

أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية هدف خطاب أردوغان الأخير. وبالطبع فهذا الأمر ليس مفاجئًا. لأن الولايات المتحدة الأمريكية تعرف أن حزب العمال الكردستاني هو الذي أسس حزب الاتحاد الديمقراطي ويقوم بإدارته من مواقع الحزب في جبال قنديل؛ بالإضافة إلى صمتها بشأن الاتفاق الروسي مع إيران. وعند قوله كلمة تركيا فإنه يرجعها إلى من "لا يعلم"!

وبعد خطابه قدم صالح مسلم رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي تصريحًا إلى إذاعة صوت أمريكا أوضح فيه أن الحزب لن يعبر إلى غربي نهر الفرات.

ومن الواضح أن ذلك تم بناءً على تعليمات من الولايات المتحدة الأمريكية.

وبجميع الأحوال فإن حزب الاتحاد الديمقراطي الذي أعلن عن كانتون ممتد إلى الغرب أكثر أخذ بالتقدم من عفرين إلى شرقي الفرات. بالإضافة إلى الدعم الجوي الروسي...

ومما لا شك فيه أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تتخلى عن تركيا؛ ولكن من الواضح أنها تحتاج إلى حزب الاتحاد الديمقراطي على شكل مشاة على الأرض في سوريا.

المحادثات التركية - الإسرائيلية

بالنسبة إلى الشروط الثلاثة التي وضعتها تركيا بعد الاعتداء الإسرائيلي على سفينة "مافي مرمرة"، نفذت إسرائيل شرط "الاعتذار"، وبقيت عقبات صغيرة في موضوع التعويض، في حين توقفت عند "رفع الحصار المفروض على غزة". وتجري محادثات روما هذه على الرغم من ثقل الحصار. في الواقع يعد هذا اللقاء روتينيًا، ولكن بالنسبة إلى السياسة الإسرائيلية يعني وجود استثمار استثنائي له. ولهذا السبب تم تسريب الأخبار بهدف استنزاف السلطة من خلال خلق إدراك حول من يقوم بـ "تحضير الرأي العام" ومن "يقدم التنازل".  

وخلال المحادثات التي جرت في اليوم السابق أزيلت العقبات المتعلقة بموضوع التعويض. أما فيما يتعلق برفع الحصار طرحت بعض الخيارات الأخرى. ومنها "أن ترسو السفن التركية في ميناء غزة بشكل مباشر أو في أحد الموانئ الإسرائيلية مثل يافا".  

ولكن لا يوجد ضمن هذه الخيارات ما يتعلق بـ "إغلاق مكاتب حماس في تركيا" كما ادعى الإعلام الإسرائيلي.

ويظهر من خلال تزامن هذه اللقاءات مع زيارة وفد من مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية إلى رئيس الجمهورية أردوغان أنها قاربت على النهاية.

عن الكاتب

مصطفى قرة علي أوغلو

كاتب في صحيفة قرار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس