
جلال سلمي - خاص ترك برس
اعتمدت تركيا على أساس التحرك المشترك مع الولايات الأمريكية المُتحدة، لإيجاد حلول جذرية للقضية السورية، وعلى الرغم من إبداء تركيا كافة استعداداتها الممكنة لخلق حالة من الالتئام بين مواقفها ومواقف الولايات الأمريكية المتحدة تجاه سورية، إلا أن هذه الاستعدادات لم تفِ بالغرض وباءت جميع محاولات تركيا لتنسيق جهودها مع الجهود الأمريكية بالفشل، حسب تقدير مراقبين.
وفي ظل التدهور الملحوظ للعلاقات الأمريكية التركية، عقب إعلان الولايات الأمريكية المُتحدة تأكيدها على أن حزب الاتحاد الديمقراطي هو حزب ثوري ديمقراطي وليس إرهابيًا، وفي ظل تفاقم حجم الخطر المحدق بالأمن الاستراتيجي التركي، بات من الواضح أن تركيا بحاجة إلى حلفاء أقوياء في المنطقة، لمساندتها في الوصول إلى تحقيق أهدافها في سورية.
وفي سياق متصل، أوضح الخبير في العلاقات الخارجية الأمريكية "ساردار تورجوت" أن صورة الأوضاع السورية أضحت واضحة وضوح الشمس في ضحاها، ولا تحتاج إلى تحليل معمق لاستيعابها، بل تحتاج إلى خطوات عملية لمعالجة تدهورها ضد المصالح التركية ومصالح الدول الأخرى في المنطقة، مشيرًا إلى أن الولايات المُتحدة الأمريكية وروسيا تسيران بناءً على مصالحهما ولا ينظران قيد أنملة تجاه مصالح المنطقة، لذا أصبحت تركيا في حالة ماسة للبحث عن حلفاء أقوياء في المنطقة.
ورأى تورجوت، في مقاله "نحن بحاجة إلى شركاء أقوياء"، المنشور في صحيفة "خبر ترك"، 17 شباط/ فبراير 2016، أن إنعاش تركيا لعلاقتها مع إسرائيل، كان أولى خطوات البحث عن حليف قوي و"جريء" في المنطقة، مشددًا على أن إسرائيل تُعد أقوى الدول سياسيًا في المنطقة، ولا يمكن لكائن من كان أن ينكر ذلك، وتحاول تركيا من خلال استرجاع روح النشاط إلى علاقتها معها إلى تحقيق بعض التحركات التي تخدم مصالحها في سورية، من خلال ضغط إسرائيل على بعض الدول والجهات الدولية التي يمكن لها أن توقع ما ترنو إليه تركيا.
ومن جانبه، بيّن الباحث السياسي "كمال أوزترك" أن الولايات الأمريكية المُتحدة تُدار من قبل اللوبيات وليس من قبل أوباما فقط، منوّهًا إلى أن اللوبيين الأرمني والإسرائيلي القويين داخل الكونغرس الأمريكي والإدارة الأمريكية ساهما بشكل كبير في تقويض التحركات الأمريكية الهادفة إلى إسقاط بشار الأسد منذ اليوم الأول لانطلاق الثورة السورية.
وأشار أوزترك في مقاله "اللوبي الإسرائيلي وقربه إلى المصالح التركية"، المنشور في صحيفة "يني شفق"، 18 فبراير 2016، إلى أن تركيا تعي قوة اللوبي الإسرائيلي داخل الإدارة الأمريكية، وتسعى من خلال تطوير علاقتها مع إسرائيل إلى الاستفادة من لوبيها في أمريكا، وهذه النقطة لا تخفى على أحد، ولكن هل ستتمكن تركيا من ربط إسرائيل بها بشكل قوي يجعل اللوبي الإسرائيلي يخدم مصالحها؟ الإجابة على هذا السؤال نعم، إذا تم استخدام تركيا كممر استراتيجي لنقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا.
وألمح الخبير السياسي "محمد فاتح أوروج" إلى أن الشرق الأوسط اليوم يعاني من تدهور مرير في التطورات الجغرافية السياسية الجارية في المنطقة، والتي تسعى روسيا والولايات الأمريكية المُتحدة وإيران استغلالها لصالح مصالحهما، ضاربين بعرض الحائط مصلحة أي دولة في المنطقة، مضيفا ً أنه في ضوء هذه التطورات ليس تركيا هي فقط من بحاجة إلى حليف قوي، بل دول المنطقة الأخرى كافة، بدء ً بالمملكة العربية السعودية مرورا ً بقطر وكافة دول الخليج العربي، بحاجة إلى تآزر سياسي واقتصادي قوي يخرج منه بنيان مرصوص يُمكنهم من شد بعضهم البعض لتشكيل حليف قوي ضد الخطط الانفصالية المداهمة للمنطقة ليس في سورية فقط، بل في العراق واليمن ولبنان وغيرها من الدول التي وقعت ضحية لأطماع بعض الدول الأجنبية.
وأعرب أوروج، في مقاله "الحظ المتعثر للشرط الأوسط"، نُشر في صحيفة "تركيا"، بتاريخ 12 فبراير 2016، عن أمله في تحقيق التحالف السعودي التركي المرتقب نتائج إيجابية لصالح المنطقة، مبينًا أن التحالف السعودي التركي القوي هو الأجدر في إحداث التغيرات التي تسعى تركيا والمملكة العربية السعودية إلى تحقيقها بشكل مشترك.
وأكد أوروج أن تركيا والمملكة العربية السعودية بحاجة إلى ضم كافة الأطراف التي تتقاطع رؤاها مع رؤاهم تجاه المنطقة وما يدور فيها من تغيرات جغرافية سياسية، لتشكيل حلف قوي يخدم المصالح التركية ومصالح الدول الأخرى.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!