محمد بارلاص - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

في معرض الإجابة عن سؤال "من المستفيد من الهدنة في سوريا" المتوقعة دخولها حيز التنفيذ في السابع والعشرين من هذا الشهرنرى الكثير من الأجوبة المحتملة... إذا اقتضت الظروف تحول هذه الهدنة إلى وضع دائم عندها ستكون حتى داعش على قائمة المستفيدين وكذلك  سيكون بشار الأسد الذي سيكسب فترة زمنية إضافية على سدة الحكم، ليس من المهم من الذي سيستفيد من الهدنة بقدر أهمية دخولها حيز التنفيذ لأن الأزمة السورية التي فتحت المجال للتدخل الروسي في المنطقة جعلت من القضية قضية عالمية وليس قضية تركيا وسوريا فحسب.

أزمة الطائرة

هل سبب الأزمة التركية الروسية هو إسقاط الطائرة فقط؟ لا أعرف حقيقة. إن انتهاء الصداقة والعلاقات التركية الروسية التي تطورت بشكل فوق المتوقع في العشرين عامًا الأخيرة عبر حدث مؤسف كهذا أمر يصعب فهمه. فهذه الفترة تشهد توترًا بين أنقرة وموسكو أشد من الذي شهدته  أسوأ سنوات الحرب الباردة... حتى أن أوساطًا مختلفة تتوقع لهذا التصلب والتوتر أن يتحول إلى صراع عسكري ملتهب بين الأتراك والروس.

لا بد من الفهم

أظن أن الجميع قد تفهم سبب القلق التركي من التطورات على حدودها في سوريا ، فالأكراد الذين لم يمنحهم الأسد من قبل هوية نراهم اليوم وتحت راية "حزب الاتحاد الديمقراطي – وحدات حماية الشعب" يحصلون على هيكلية على الحدود التركية بمساندة روسية ومباركة نظام الأسد. تركيا التي تراهم امتداد لحزب العمال الكردستاني وفي سبيل منعهم من تحقيق مأربهم مستعدة للتدخل العسكري وقصف تلك المنطقة. لكن هذه التطورات تنطوي كذلك على احتمالية مواجهة العسكر التركي مع العساكر الروسية مباشرة... وبالتالي ومن هذه الناحية  فإن الهدنة يجب أن تقابل بإيجابية إذ أنها ستكون سببا لمنع هذا الصراع المباشر والجاد بين الجيشين الروسي والتركي.

فهم الحدث

في هذه الفترة يجب علينا أن نحاول كأتراك وروس أن نفهم كيف كان إسقاط طائرة حدثًا كافيًا لحدوث شرخ في العلاقات بين البلدين وأن نستقصي سبب حدوث هذا الصدع في العلاقات. لا يجب أن نكتفي بالتعليق بـ"لقد خدشت كاريزما وجاذبية بوتين" فهذا التعليق لا يكف لشرح السبب ولا لفهمه. ولا بد من البحث عن أجوبة شافية لمثل التساؤولات التالية: "من هو المستفيد الأول من شرخ العلاقات التركية الروسية؟" أو "هل هذا الحدث هو محاولة لتأديب تركيا التي تجاوزت الحد وتلقينها درسا على تطاولها؟".

لا بد للدول المجاورة مثل روسيا وإيران والدول الحليفة كذلك أن تفهم مساعي تركيا الحثيثة ورغبتها في المحافظة على وحدة الحدود والأرض ومحاولتها لحمايتهما. ولا يسعنا إلا الموافقة على كلام رئيس الجمهورية أردوغان  في هذا السياق وهو الذي أشار بكلماته إلى الولايات المتحدة الأمريكية؟

ينبغي أن تكون الهدنة

- نحن نستصعب أن نفهم كيف لدولة تدخلت في فيتنام والعراق وأفغانستان التي تبعد عنها آلاف الكيلومترات بحجة حماية أمنها القومي أن تطالب تركيا بالتزام الصمت إزاء الخطر الداهم الذي يهددها ولا يبعد عن حدودها سوى مئة كيلومتر أو أقل. هذه القضية تشكل لتركيا قضية بقاء وصراع على الوجود. لا أعلم كيف يمكنني أن أشرح بوضوح أكبر لحلفائنا الذين وصلنا معهم إلى مفترق طرق بشأن نظرتهم وتطلعاتهم إلى هذه المسألة، صدقوني أنه يصعب ذلك.

في النهاية أظهرت تركيا بشكل أو بآخر توافقًا مع التطورات خارج حدودها، وما علاقات الصداقة بين أنقرة والمؤسسة الكردية في شمال العراق إلا مثال على ذلك، فهذه التطورات إذا لم تشكل تهديدا لوحدة ترابها الوطني ولم تشكل تهديدا لأمنها القومي فإن تركيا لن تضحي بالسلام  لتشتري الخطر.

باختصار لا بد من الهدنة...

عن الكاتب

محمد بارلاص

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس