فيردا أوزير – صحيفة حرييت – ترجمة وتحرير ترك برس

في الوقت الذي يعبث الإرهابيون فيه داخل أراضينا الحبيبة تجد دولة الجوار جمهورية إيران الإسلامية نفسها أمام يوم كبير بانتخابات صباح الجمعة الماضي، ورغم أهمية هذه الانتخابات التي تعد الأهم منذ الثورة الإسلامية عام 1979 إلا أن وسائل إعلامنا المختلفة لم تذكره البتة وتجاهلته رغم تأثيره الكبير والمباشر علينا.

ثقُلت كفة الإصلاحيين مع بروز روحاني وصعوده إلى الرئاسة عام 2013 خلفا لأحمدي نجاد الذي استمر على كرسيه لثمن سنوات، وتأتي انتخابات الجمعة الماضية كأول انتخابات بعد الاتفاق النووي الذي عقده روحاني مع الولايات المتحدة الأمريكية، مما سيزيد من حظوظ ونسبة الإصلاحيين في هذه الانتخابات، ليُطبع بهذا الإنجاز أول بصمات الإصلاحيين في تاريخ إيران الحديث.

تم إجراء انتخابات مجلس الخبراء في النفس الوقت الذي كانت تجري فيه انتخابات البرلمان، ويتكون مجلس الخبراء من كبار علماء المرجعية الشيعية في البلاد، كما ويتم اختيار المرجعية العليا من بينهم في هذه الانتخابات، ولأن مرشحي مجلس الخبراء تمتد ولايتهم لثماني سنوات فإن تأثيرهم على المسار السياسي العام يكون اكبر من البرلمان، ومع صعود قوة الإصلاحيين في المسار السياسي الإيراني فان خليفة المرجعية الدينية آية الله الخميني قد يكون معتدلا، مما سيؤدي إلى تغيير جذري في سياسيات الحكومة والدولة الإيرانية، وهو ما سيؤسس لثورة مضادة لثورة عام 1979.

لن يتوقف هنا التغيير على الداخل الإيراني بل سيشمل سياساتها الخارجية، فكما صرح وكرر الرئيس روحاني في الحملة الانتخابية بأنه سيرفع المستوى الاقتصادي في بالبلاد بعد نجاحه في عقد الاتفاق النووي؛ الأمر الذي سيدفعه إلى تغيير سياسات إيران الحالية العدوانية إلى صورة أكثر دبلوماسية تعتمد على القوة الناعمة بدل القوة المفرطة مثل ما نراه اليوم في دعمهم للأسد والمليشيات الشيعية في العراق ومليشيات حزب الله اللبناني والحوثي اليمني.

يوجه الرئيس روحاني رسائله إلى كل الناخبين حسب ما أوضح الخبير والمحلل في شؤون الشرق الأوسط ومدير مؤسسة بحوث الشرق الأوسط في واشنطن راند سليم، ويقول لهم "يكفينا ما ضيعناه من الوقت، حانت الآن مرحلة التركيز على مشاكلنا لحلها"، ليطلب منهم بهذه الكلمات أن يكونوا أكثر اعتدالًا وتقبلا لفكرة التصالح مع الغرب في ضوء المصالح المشتركة؛ وللحفاظ أيضا على المكتسبات الاقتصادية التي حصلت إيران عليها بعد توقيعها الاتفاق النووي، فأمريكا والغرب منزعجون من استخدام إيران لقوتها الخشنة المفروض في المنطقة.

يزداد تعقيد مهمة الرئيس روحاني مع كل يوم يمضي في بقائه على رأس السلطة، فنتائج الانتخابات الأخيرة التي أعطت تقدما للإصلاحيين لكن دون أغلبية ستجبرهم على الحوار مع المحافظين، لتكون رسالة الشعب واضحة وصريحة بأنه يريد إصلاح ولكن في إطار حفظ التوازن بين القطبين الإصلاحي والمحافظ، فالشعب لم يتخلص بعد من اعتقاده بوجوب سيطرة السلطة الدينية على السياسية؛ وهو ما يدل كما يقول راند سليم على أن الإيرانيين يريدون إصلاحا عن طريق تطوير العملية السياسية لا عن طريق ثورة.

عن الكاتب

فيردا أوزير

كاتبة صحفية تركية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس