جلال سلمي - خاص ترك برس

تعيش الدول العربية الخليجية على وقع الشعور بالقلق الشديد المتولد عن ثورات الربيع العربي وما أعقبها من حالة عدم استقرار، والناتج عن التقارب الإيراني الأمريكي وما أعقبه من انقلاب للموقف السياسي الأمريكي من التحركات السياسية والعسكرية التي تقوم بها الدول الخليج، في إطار محاولتها الحفاظ على أمنها واستقرارها الاستراتيجيين.

وعقب تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية المحيطة بها، اتجهت دول الخليج نحو البحث عن دول يمكن لها الاتحاد معها، لتتمكن من إيقاف حالة التدهور التي كبدتها الكثير عقب التغيّرات المنوعة التي خيمت على المنطقة.

وفيما يتعلق بالدوافع التي دفعت دول الخليج وتركيا إلى الدخول في اتفاق مشابه للاتحاد السياسي والعسكري، بعد سنوات من انقطاع التواصل، نتيجة اختلاف مواقفهم السياسية تجاه ثورات الربيع العربي، يرى الباحث السياسي في مركز الدراسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية (سيتا) "عبد الله أربوغ"،، أن ثمة دوافع وراء التقارب التركي الخليجي الذي طرأ على الساحة في الآونة الأخيرة، أهم هذه الدوافع هي:

ـ التقارب الإيراني الأمريكي وابتعاد أمريكا نوعًا ما عن الاعتناء بمصالح الخليج الأمنية كما كان في السابق، حيث وضعت سابقًا قاعدة "الخليج أحد ولايات أمريكا، من يعتدي عليه يعتدي على الولايات المتحدة الأمريكية"، لكن هذه القاعدة انتهت، عقب التقارب الإيراني الأمريكي، وغض الولايات المتحدة الأمريكية طرفها عن نشاطات إيران المذهبية في المنطقة.

ـ انخفاض أسعار النفط بشكل ملموس، مما أثر على النفقات العسكرية الدفاعية لهذه الدول وجعلها غير قادرة عن الاستمرار في تخصيص ميزانية هائلة لتأمين أسلحتها الدفاعية المتطورة، ودفعتها أيضًا إلى البحث عن شريك جديد يوفر لها الأمن ويساندها في مواجهة المخاطر المحدقة المحيطة بها من جهات عدة.

ـ الحرب الجيوسياسية؛ تخوض إيران حربًا جيوسياسية شرسة ضد المنطقة، حيث تسعى من خلالها إلى السيطرة على المداخل والمخارج الأساسية للنفط العربي الخليجي، ولتتمكن إيران من السيطرة على هذه المداخل، احتلت اليمن بواسطة الحوثيين، "اليمن حيث مضيق باب المندب"، وعاثت في سوريا، "حيث القرب الجغرافي إلى قناة السويس من جهة حوض البحر المتوسط"، وتوغلت في العراق، "حيث الاقتراب من الخليج العربي وبالتحديد من مضيق هرمز"، وكانت على شفا إخضاع السودان لسيادتها لولا التدخل السريع الذي قامت به السعودية لإنقاذ الموقف. هذه السياسة اضطرت دول الخليج وبقوة للبحث عن رادع جديد بديل لأمريكا، وكان اتجاه قطر لتوقيع اتفاقية تنص على إقامة تركيا لقاعدة عسكرية فوق أراضيها.

ـ التنافس المذهبي بين إيران والمملكة العربية السعودية بشكل خاص، حيث دفع تحريك إيران للخلايا الشيعية النائمة المنتشرة في أقطار الخليج العربي، المملكة العربية السعودية ودون أي تردد للاتحاد مع أقوى قطب سني في المنطقة، ألا وهو تركيا، حتى لو كانت تركيا لا تُحدد سياستها على أساس مذهبي.

ـ انتشار قوة "داعش" في المنطقة بشكل مُقلق، الأمر الذي أرهب دول الخليج وجميع دول المنطقة ولا يساور أحد الشك في ذلك، واتجاههم نحو تحقيق اتحاد شامل يُعد من أفضل الخطوات عقلانية في الوقت الراهن.

وتعقيبا ً على الدوافع التي أوضحها أربوغ فيما يتعلق بالتقارب التركي الخليجي، يمكن لنا رصد بعض النتائج المتوقعة لهذا التقارب على النحو الآتي:

ـ انتباه دول الخليج للفراغ الأمني الضخم الذي تعاني منه، والاتجاه نحو ملئه من خلال الاعتماد على النفس والاعتماد على الدول الإقليمية، وعلى رأسهم تركيا، لأن الدول الإقليمية يمكن لها الالتقاء في نطاق المصالح المشتركة أكثر من الدول غير الإقليمية.

ـ إيقاف إيران عن توسيع رقعتها الجغرافية في المنطقة، وسيكفل الاتحاد العربي التركي ذلك، لأن لا قدرة لإيران على مواجهة حجم القوة الهائلة التي ستظهر في حال وجود اتحاد عربي خليجي تركي حقيقي ومستمر.

ـ إنقاذ بعض الدول العربية، وعلى رأسهم سوريا، من الانقسام وبالتالي الحفاظ على المصالح الاستراتيجية المشتركة لدول المنطقة.

ـ تعزيز التعاون الاستخباراتي والتمكن من القضاء على الإرهاب من خلال الاتجاه نحو مبدأ تكامل الأدوار.

عن الكاتب

جلال سلمي

صحفي وباحث سياسي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس