محمد حسن القدّو - خاص ترك برس

منذ عام 2005 وفعاليات المنتديات الاقتصادية العربية التركية مستمرة، ففي هذه الايام تنطلق فعاليات المنتدى الاقتصادي التركي العربي الحادي عشر وبحضور اكثر من خمسمائة من الإداريين رفيعي المستوى ومن رجال الأعمال والمستثمرين العرب والأتراك. 

تاتي الأهمية المستثناة من هذه المنتدى أنها تأتي بعد تطور العلاقات التركية مع بعض البلدان العربية والتي واقتربت من مرحلة التكامل والتحالف الاستراتيجي بين كل من تركيا والسعودية وتركيا وقطر، إضافة إلى الاستثمارات القطرية الضخمة في تركيا في المجال المالي والفني وأيضا تكمن الأهمية إلى مرحلة ما بعد القطيعة بين تركيا والإمارات العربية المتحدة.

إن بداية مسيرة المنتديات الاقتصادية العربية التركية كانت عبارة عن فتح صفحة جديدة  في العلاقات العربية التركية وهذا مااكده الجانبان العربي والتركي وعلى أعلى المستويات فقد حضر من الجانب التركي رئيس الوزراء آنذاك رجب طيب أردوغان وحضرها بالإضافة إلى المسؤولين العرب ورؤساء ثمانية حكومات عربية الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، كما شملت المنتدى أيضا بداية التطابق السياسي والفكري حول مجمل القضايا ومنها النظرة المتطابقة الموحدة حول تحقيق الأمن والاستقرار والرفاه في الشرق الأوسط.

إن العلاقات الاقتصادية التركية  العربية تتميز بأنها تشمل العديد من النشاطات الإنسانية والاقتصادية، والتعاون والتنسيق بينهما يضفي عليها طابع التكامل الاقتصادي بعد توفر الأرضية المناسبة للطرفين نتيجة الثقة المتبادلة بينهما سياسيا وبروز الدور التركي المساند للقضايا العربية على كافة الأصعدة والمجالات وفي مختلف المحافل الإقليمية والدولية.

إن الضرورة الحتمية للتعاون التركي العربي تأتي بالتزامن مع تبني معظم دول العالم مبدأ الكارتلات الاقتصادية الإقليمية والدولية لغرض التغلب على المشاكل الاقتصادية  ولتطوير عجلة الاقتصاد عبر فتح أسواق جديدة والتخلص من القيود الجمركية، وأن التعاون التركي العربي وهو المتميز أيضا من ناحية التكافؤ المالي وتوفر السيولة النقدية مع وجود الخبرة المتدربة، ولهذا فإن التنوع في أشكال التعاون هي أيضا دافع قوي لاستمرارها وتطويرها، ففي المجال الاستثماري - فبإمكان كل الأطراف أن تستثمر في المكان التي ترغب فيه سواء كانوا أتراك راغبين بالاستثمار في البلدان العربية وبنفس الوقت بإمكان مواطني الدول العربية أن يستثمروا في الأراضي التركية، وذلك لوجود مجالات كثيرة للعمل في هذا القطاع. أما في مجال إقامة المشاريع والمنشآت المشتركة فهي أيضا حلقة مهمة من حلقات التطور والتعاون الاقتصادي وخصوصا عند توفر الإرادة بين الجانبين مع تهيئة مستلزمات نجاحها من الناحية القانونية والإدارية والمعني به تشريع القوانين التي تسهل حركة رؤوس الأموال والتخلص من الازدواج الضريبي.

أما المشاريع التي تعنى بتطوير الطاقة والتي تعد من أهم المشاريع المشتركة بين الطرفين مع وجود عوامل تهيئ لتأسيس أرضية صلبة بينهما من الناحية المالية والخبرة المعرفية وتوفر مصادر الطاقة في معظم البلدان العربية.

وهناك مجالات أخرى للتعاون الاقتصادي والانمائي بين الدول العربية وتركيا وتكمن في مجال التدريب في مختلف القطاعات الاقتصادية والانسانية وحتى العسكرية، بالإضافة إلى تبادل الخبرات بينهما.

إن دول المنتدى العربي التركي تقع في منطقة تعد بمثابة الداينمو الذي يحرك أكبر الفعاليات الاقتصادية والإنسانية في العالم وذلك لتوفر النصيب الأكبر من  مصادر الطاقة في هذه المنطقة، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي الخلاق والمهم والنادر فهي محور ومركز كل أشكال الحركة الإنسانية والاقتصادية بين الشمال والجنوب والشرق والغرب، وبهذا تكون هذه المنطقة متميزة أيضا جغرافيا.

إن اهتمام الدول بظاهرة التكتلات الاقتصادية يعني بالتأكيد وجود عوامل قوية تحتم عليها الانضمام  لهذه التكتلات ورغم أن بداية ظهورها كانت في أوائل القرن الماضي إلا أن الاهتمام بها وبروزها كظاهرة عالمية بدأت في فترة متأخرة من القرن الماضي، لكن بالتأكيد إن ظاهرة العولمة السياسية والثقافية والاقتصادية إضافة إلى تأثير منظمة التجارة العالمية والتي دائما ما تدعو إلى تحرير التجارة، ومع وجود عوامل أخرى ساعدت على تنامي هذه الظاهرة بين الدول، وبالتأكيد أن الدول المتقدمة هي التي كانت السباقة إلى تبني هذه الظاهرة الاقتصادية وأعقبتها الدول النامية.

إن المنتدى الاقتصادي العربي والتركي وإن كان في بدايته وأساسه عبارة عن تعاون اقتصادي أو كارتال اقتصادي إن صح التعبير إلا أنه من الممكن أن تتحول هذه الظاهرة   الاقتصادية إلى تعاون استراتيجي كالتعاون الاستراتيجي بين دول الاتحاد الأوروبي وكذلك بين دول الآسيان، ولهذا لا بد من تطوير مفهوم المنتدى الاقتصادي ووضع آليات لتطويرها مع تسمية لجان دائمة وأخرى مؤقتة لإنجاح هذا التطور الضروري بين الدول العربية وتركيا، والذين يرتبطون برابطة الدين الحنيف وبالتاريخ المشترك والجار الجنب.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس