عبد القادر سلفي – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس

دخلنا مرحلة جديدة وصعبة فيما يخص موضوع الصراع مع تنظيم الدولة الإسلامية. وعلينا أن نحدد معالم هذه المرحلة بشكل صحيح ودقيق.

قامت بعض الجهات بتحليل تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان عقب عودته من الولايات المتحدة حيال مسألة مشاركة تركيا في التحالف، بأن تركيا عازمة على المشاركة عسكريا في هذا الحلف. حيث كشف الرئيس أردوغان في حديثه عن خارطة طريق أو مطالب لتركيا من أجل المشاركة الفعلية في هذا التحالف، والتي تتمثل في البنود الثلاثة التالية:

1 - إعلان منطقة حظر للطيران.

2 - إنشاء مناطق آمنة داخل الاراضي السورية.

3 - تسليح وتدريب المعارضة السورية المعتدلة.

بعد أن أجرى رئيس الجمهورية عدة لقاءات في الولايات المتحدة الأمريكية، بدأت الجهات المختصة في تركيا إلى إعادة النظر في ترتيباتها العسكرية. كما بدأت الحكومة بإعداد ما يتطلب منها تحسبا لما قد يحدث في المستقبل القريب. وسيتم مناقشة هذه التدابير في القمة الأمنية التي سيترأسها أردوغان قبيل التصويت على مذكرة تفويض الجيش التركي للقيام بعمليات خارج الحدود التركية يوم الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر القادم في البرلمان التركي.

أدرجت الحكومة التركية في العاشر من تشرين الأول عام 2013، تنظيم الدولة الإسلامية على قائمة المنظمات الإرهابية. واتخذت الحكومة آنذاك قرارات حاسمة ضد قيادات التنظيم. فقد قررت حجز أملاك قيادات التنظيم في حال وجود أموال لهم في تركيا، وكذلك اتخذت قرارا بمنع السماح لتدفق الأموال إلى داعش عن طريق تركيا. كما اعتبرت الحكومة التركية أن تنظيم داعش يشكل خطرا حقيقيا على الدين الإسلامي. ولهذا قررت تركيا العمل مع التحالف الغربي للقضاء على هذا التنظيم.

الموقف التركي في هذا الشأن واضح جدا.

يجب محاربة هذا التنظيم بالوسائل الملائمة التي من خلالها تستطيع قوى التحالف القضاء الكامل على التنظيم. وعلى الدول المتحالفة التزام مسؤولياتها في هذا الخصوص. واستنادا إلى هاتين النقطتين، نجد أن هناك عدة نقاط هامة في السياسة التركية حيال مسألة مكافحة خطر التنظيم منها:

1 - تركيا لن تشترك في الحملة الجوية والأرضية ضد تنظيم داعش.

2 -  تسعى تركيا لإقناع الولايات المتحدة الامريكية بإقامة مناطق حظر للطيران التي تراها تركيا ضرورية جدا، وذلك لاعتقادها بأن الحرب ضد التنظيم ستستغرق زمنا طويلا. كما أنها ترجح تدخلا بريا بمساندة جوية للحصول على نتائج أفضل. والهدف الرئيسي من هذه المطالب هو وقف تدفق اللاجئين الى الاراضي التركية.

3 – المنطقة الآمنة.

عندما رأت تركيا بأن الولايات المتحدة الأمريكية غير متحمسة لإقامة مناطق عازلة داخل الأراضي السورية، قامت بطرح فكرة إقامة مناطق آمنة.

وربما تكون مشاركة القوات التركية في الحملة البرية من أجل حماية المناطق الآمنة في حال إنشائها.

كلنا نذكر كيف رفضت تركيا المشاركة في عملية إنشاء منطقة حظر الطيران في العراق عقب حرب الخليج الأولى. وقد ظهرت آثار هذه الخطوة السلبية فيما بعد. ولكي لا يتكرر هذا الخطأ، فإن تركيا تريد المشاركة في عملية حظر الطيران وكذلك تريد المشاركة في إقامة وحماية المناطق الآمنة داخل الأراضي السورية.

وفي حال مشاركتنا في مراقبة منطقة الحظر الجوي، فإن طائراتنا المحملة بالسلاح ستنفذ طلعات جوية. وسنمتلك من خلال تطبيق قوة المطرقة، نفس قوة الردع التي تتميز بها الطائرات الأمريكية.

أما فيما يخص المنطقة الآمنة، فسوف تكون على شكل جيوب أو على شكل خطوط ممتدة على طول الحدود. وستنتشر قواتنا المسلحة المجهزة بالعتاد الكامل في عمق ومحيط هذه المناطق. ولهذا الغرض فان القوات المسلحة تقوم الآن بتجهيز ثلاثة ألوية مؤلفة من تسعة ألاف جندي.

وهنا يجب الانتباه إلى نقطة مهمة جدا، فلن تكون تلك المناطق آمنة بمجرد إطلاق اسم المنطقة الآمنة عليها. يجب تحقيق الأمن بشكل فعلي في تلك المناطق من خلال نزع الألغام فيها في حال وجودها، وكذلك يجب إخراج العناصر المسلحة منها. بالإضافة إلى إقامة نقاط تفتيش على مداخل ومخارج تلك المناطق للمحافظة على استمرارية الأمن والسلامة فيها.

كما يجب أن لا ننسى أن سلامة الجنود الذين سيقومون بحماية تلك المناطق أمر مهم جدا. فمن المحتمل أن تكون هناك اعتداءات من قبل أطراف عديدة على هذه المناطق. وتصريحات الرئيس أردوغان التي قال فيها "ربما نستخدم السلاح ونطلق النار" إنما تنطوي ضمن هذا المفهوم.  

من ناحية أخرى، تهدف تركيا إلى نقل اللاجئين شيئا فشيئا إلى تلك المناطق الآمنة. لأن قضية اللاجئين تعتبر من القضايا الهامة في الوقت الراهن.

لقد كان مقصد أردوغان في التدريب والتسليح، هو تجهيز وتسليح المعارضة السورية المعتدلة التي ستتحمل الجزء الأكبر من الحملة البرية ضد تنظيم الدولة.

سيتم رسم معالم المرحلة المقبلة في القمة الامنية التي سيترأسها أردوغان خلال الأيام القادمة. كما سيتم وضع النقاط الأخيرة والإعلان عن الخارطة النهائية التي ستتبعها أنقرة حيال موضوع التعامل مع تنظيم داعش بعد الآن. وفي الثاني من شهر تشرين الاول/ أكتوبر، سيتم التصويت على المذكرة التي ستطلق من خلالها يد القوات المسلحة للقيام بعمليات عسكرية خارج حدود البلاد. وستمنح هذه المذكرة صلاحيات واسعة للقوات المسلحة التركية.

وفي حال تصويت البرلمان لصالح المذكرة، ستقوم الحكومة بتقديم توجيهات للقوات المسلحة. حيث يطلق اسم "توجيهات الحكومة" على مثل هذه التعليمات في العادة.

وبالتزامن مع كل هذه الإجراءات، تصرّ تركيا على إقناع الولايات المتحدة الأمريكية بأن استئصال جذور تنظيم الدولة الإسلامية لا يمكن أن يتحقق دون إيجاد حل جذري للمشكلة السورية والعراقية المتمثلة في أنظمتها الحاكمة حاليا. فلا يمكن الخروج من هذا المستنقع دون إنهاء سياسة إقصاء السنة من السلطة في العراق و إنهاء الحرب الأهلية في سوريا.

وفي المحصلة وبعد سرد كل هذه التفاصيل، أستطيع أن أقول أن تركيا ستشارك في هذا التحالف. لكن المشاركة لن تكون عسكرية، إنما ستكون بالدعم اللوجستي والإنساني.       

عن الكاتب

عبد القادر سلفي

كاتب في صحيفة حرييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس