د. أحمد موفق زيدان - خاص ترك برس

العنوان العريض للثورة السورية اليوم هو الاحتلال الروسي والإيراني، وتحت هذا العنوان العريض المهم ينبغي فهم ديناميكيات الداخل والخارج، وتحته ينبغي أن تُقيم المواقف الداخلية والخارجية، وتحته أيضاً ينبغي محاكمة التاريخ والمستقبل، فالحقيقة الواضحة الجلية الآن التي يسعى البعض إلى التعمية عليها هي أن سوريا محتلة ومسلوبة القرار، وإدراك ذلك وترجمته عمليًا على الأرض سيُوحد الشعب السوري ويُمتّن جبهته الداخلية، كون العدو المحتل واضحًا ولا يتناطح في كبشين ولا يتناقش فيه إثنان، فلا يمكن لغاز ومحتل يرتكب أبشع الجرائم بحق البشرية في سوريا من خلال التعدي على السيادة وقتل الأطفال وتدمير البنى التحتية بشكل يومي، لا يمكن أن يكون صانع سلام، يتسابق إليه البعض لخطب وده والتعاون معه، وتقديمه كضامن وراع لمفاوضات وصفت بالسلام كذبا وزورا وبهتانًا.

التاريخ لن يرحم والشعب السوري يدرك أن من حمل بندقية إيجار للدفاع عن الأميركيين، سيحملها لحماية مصالح الروس أيضًا، فالأجير همه في آخر اليوم من يدفع له مالًا، والعبد لا يهمه من يكون سيده، شرقيًا كان أو غربيًا، وللأسف بعض الشخصيات والجهات لم تر حتى الآن ما حل بالثورة السورية يوم تعاونت ونسقت مع الموك في الجبهة الجنوبية فكان حصادها جموداً كاملا وقتلا لثورة حوران، أملًا منهم في قتل الثورة السورية بشكل عام، وبإذن الله لن تتحقق أحلامهم الخبيثة.

اليوم نسمع عن وسطاء وسماسرة مأجورين يقومون بشراء ذمم وولاءات قادة وتنظيمات قدمت نفسها على أنها ثورية في البداية فكشف الله حقيقتها وجوهرها، وتناقلت الأخبار والتقارير حتى الغربية منها عن الوسيط السمسار لؤي حسين العلوي وهو يقوم بدور السمسار بين الروس وبين فصائل غدت  بنادق للإيجار، ولكن الشعب السوري الذي أحبط كل المؤامرات الأسدية والصفوية والغربية لقادر بإذن الله على إحباط هذه المؤامرة، وستدفعه أيضًا إلى الالتفاف أكثر فأكثر حول الثوار الحقيقيين الذين يضحون ولا يزالون بدمهم، ويسطرون أروع الأمثلة في الفداء والإباء والرجولة والإقدام، إن كان في ريف حلب الجنوبي، أو في داريا والساحل وحمص وغيرهم.

وبموازاة تحرك روسيا المحتلة لشراء ذمم فصائل عسكرية رخيصة لا تتعدى أصابع اليد الواحدة والذي قوبل بالرفض الواضح من قبل السواد الأعظم من الثوار، تحركت روسيا باتجاه عبيد الساسة السورية، ممن لفظهم حتى العصابة الأسدية المجرمة، فلم يتبق لهم فيها مقعدا، فاشترتهم في قاعدة حميميم لتقدمهم كمعارضة مزيفة ومزورة.

وتهدف روسيا المحتلة من وراء هذه التحركات إلى جمع هذه الفصائل المجرمة التي باعت دينها ودنياها من أجل قتال الدواعش وجبهة النصرة، وبالتالي ستوفر على العصابة الطائفية قتال جبهة النصرة التي فتكت بها في كل منطقة وكل واقعة، ولعل هذا ما دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مخاطبة الغرب بالقول إذا لم يكن لديكم مشكلة مع الاتحاد الديمقراطي الكردي في قتاله لداعش فتحالفتم معه فلم لا تتعاملون مع جبهة النصرة التي تقاتل داعش بأصلب منه.

لكن الأهم من ذلك كله هو الدور التركي الغائب في توحيد الفصائل الشامية، والدور الغائب في لجم كل من تسول له  نفسه العبث بالأمن السوري أو التركي من هذه الفصائل التي غدت فصائل للإيجار تبيع كل شيء من أجل مصالحها الفردية والشخصية، وعلى تركيا أن تضع لهم حدًا، فليس من المنطق والعقل أن يعيشوا على أرض تركيا ويتآمروا عليها، بينما يُحرم أحباب تركيا من السوريين في الخارج  من تأشيرات دخولها لرؤية أحبابهم وأقاربهم.

عن الكاتب

د. أحمد موفق زيدان

كاتب وصحفي سوري


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس