أوزجان تيكيت - صحيفة تقويم - ترجمة وتحرير ترك برس

يخطر في بالي سؤال يتكرر كثيرا، "ماذا لو أنّ حزب العمال الكردستاني لم يرجع لحمل السلاح بعد 7 حزيران/ يونيو، ولو أنه لم ينهي عملية السلام، ولم يتسبب بسقوط الشهداء، ولم يرتكب أعمالا إرهابية"، كيف سيكون الوضع السياسي في تركيا وفي سوريا؟ وكيف ستكون معادلات القوى؟ هل كانت أمريكا ستتحالف مع العمال الكردستاني على سبيل المثال؟

أعتقد أنّ النائب عن حزب الشعوب الديمقراطي ألتان تان، قد أجاب عن تساؤلاتي خلال تقرير له مع "خبرترك"، تحدث فيه عن أنّ "العديد من الأطراف في السياسة الدولية لديها مشاكل مع تركيا، وأسباب ذلك، أنّ بعض الأطراف لا تريد أردوغان، وتريد أنْ يخرج من المشهد، وبعض القوى تريد إسقاط العدالة والتنمية من الحُكم، وأخرى لديها مشاكل مع الإسلاميين، وهؤلاء جميعا استخدموا الأكراد كأداة "مشكلة سياسية" مع تركيا".

وما ذكره "تان" فعلا موجود، والأحداث التي نواجهها في الداخل والخارج، سببها ما ذكره النائب، وبما أنّ القوى الدولية التي تحدث عنها معروفة لدينا جميعا، دعونا نعود للسؤال الأول، هل كانت هذه القوى ستقدم الدعم لحزب العمال الكردستاني لو انه استمر في عملية السلام؟ هل كانوا سيستثمرون في حزب العمال الكردستاني لو أنه أنهى الحرب مع تركيا؟

قد تقولون ما هو الهدف من هذا التساؤل، في الوقت الذي تقوم به أمريكا "حليفتنا" بدعم حزب العمال الكردستاني، وهي بذلك تسببت في أزمات في علاقاتها مع تركيا؟ معكم حق بذلك، لكن كونوا واثقين بأنّ معرفة الإجابة عن هذه التساؤلات أمر هام، وسيحدد معالم مستقبل تركيا، واذا اردتم ان اجيب عن التساؤل السابق، فانا أقول "كان من المستحيل ان يقدموا الدعم للعمال الكردستاني لو أنه استمر في عملية السلام".

لو أنّ عملية السلام استمرت، لما اتفقت القوى الدولية والإقليمية مع حزب العمال الكردستاني من أجل محاربة داعش، لأنّ قتل عملية السلام كان هو الشرط الأساسي حتى يحصل العمال الكردستاني على الدعم الذي يحصل عليه الآن، ولأنّ عملية السلام كانت نموذجا سيقود شعوب الشرق الأوسط إلى العيش المشترك والوحدة الوطنية والقومية، ولأنّ تركيا قامت بإضاءة طريق الربيع العربي من خلال عملية السلام والمصالحة الوطنية مع الأكراد، لكنهم وقفوا في وجه تلك الشعوب، وقاموا بتحويل وجهتها وطريقها، لأنّ كابوس الربيع العربي أيقظ القوى العالمية من نومها الذي استمر 100 عام، ولم تنزعج هذه القوى لوحدها فحسب، بل هزّ الربيع العربي عروش الأنظمة المتعاونة مع القوى العالمية لنهب خيرات شعوبها والاستحواذ عليها.

ولذلك عملوا كل ما يستطيعون من أجل أنْ يستمر استعمارهم لشعوب الشرق الأوسط، وقاموا بانقلاب دموي في مصر، وأغرقوا سوريا في حرب أهلية، وأغرقوا أحلام الشباب العربي بالحرية والاستقلال والدولة الديمقراطية في بحر من الدماء.

كان الربيع العربي، وعملية السلام سببا في تعرض مصالح القوى العالمية للخطر، وهذا أجبر أمريكا على الجلوس سويا مع روسيا التي هُزمت في الحرب الباردة، وعلى هذه الطاولة تم اتخاذ قرار باستمرار حرب باردة مصطنعة، على أنْ لا تكون حصرا في الشرق الأوسط، بل تمتد للبحر الأسود ولشرق أوروبا، وبذلك حاصروا تركيا من الشمال، ومن الجنوب، بحصار حرب باردة.

وهذا يعني أنّ القوى العالمية لم تُنهي مؤامراتها على تركيا، وذلك من خلال استخدامها الحرب الباردة الجديدة المستمرة منذ ما يقارب 5 سنوات، ولذلك فإنّ تصريح "تان" بالأمس عن أنّ "المتسب في قلب طاولة السلام، هو تصدأ وتآكل التشكيلات العميقة في العمال الكردستاني وفي الدولة التركية"، يجعلنا نبحث عن امتدادات القوى العالمية العميقة.

عن الكاتب

أوزجان تيكيت

كاتب في صحيفة خبر ترك


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس