حليمة كوكتشة - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

سيكون الدعاء المشترك لكل الحجاج المسلمين هذا العام، يتعلق بالأوضاع المأساوية التي يعيشها عالمنا الإسلامي، كلهم سيقولون: "اللهم ساعد إخواننا المسلمين في كل مكان، اللهم وحد كلمتهم ولُم شملهم واحمهم من الفتنة ومن التشتت، اللهم اجعل بلاد المسلمين بلادا آمنة مطمئنة يا رب العالمين".

في آخر 3 سنوات قتل في سوريا وحدها ما يزيد عن 200 ألف مسلم. وهذا نتاج ما تركته قوات الاحتلال الأمريكية التي نشرت بذور الفتنة والتشتت والطائفية والمذهبية. فكل ما جرى هو ردة فعل على الظلم الذي مارسه الغرب وأمريكا في المنطقة، وكل ما يجري سببه الطائفية المقيتة التي زُرعت في العالم الإسلامي مسببة شلالات من الدماء.

الإسلام روح هذا العالم

المسلمون يدعون ربهم قُرب الكعبة من أجل تحقيق السلام والطمأنينة في كل البلاد الإسلامية. ولأنهم يدركون أنهم لن يرجعوا من بيت الله بأياد فارغة يدعون الله من قلوبهم التي تحترق ألما على أوضاعهم. لكن المسلمين أيضا مكلفون بتحويل دعائهم إلى فعل على أرض الواقع، مكلفون بأن يسعوا إلى تحقيق ذلك. فإذا أردنا التخلص من الطائفية على يد المتعصبين المتشددين أنفسهم، ستعمل الولايات المتحدة الأمريكية والغرب على تحضير أرضية جديدة فيها منظمات أكثر تشددا وأكثر تعصبا، وحينها سيتطلب منا الأمر مشقة أكبر، لذلك علينا أن نبدأ بأنفسنا أولا، علينا أن نغير ونصلح أنفسنا أولا، وعلينا أن نصلح أوضاعنا بأنفسنا.

مع كل حديث لنا مع وزير الشؤون الدينية التركية محمد غورماز حول الحج، نتحدث دوما بدون إرادة عن أوضاعنا التي تحترق قلوبنا عليها، ونسأل دوما هذا السؤال :"كيف سيصبح حال العالم الإسلامي؟"، وسألنا أيضا سؤالا آخرا ربما يكون أكثر ألما على النفس: "مَن يشاهد حالنا، كيف له أن يفكّر بدخول الإسلام؟". لا شك أن الإسلام روح هذا العالم وهذه الدنيا، لكن الناظر إلى حال العالم الإسلامي لا يرى فيه أي روح أو أي قلب، لهذا كان دعاء الحجاج في مكة كما سيكون في عرفات، من أجل الأمة جميعا، من أجل قلب تجتمع عليه، وروح توهب لها الحياة من جديد، هو دعاء لكي يزدهر العالم الإسلامي من جديد.

ماذا باستطاعة تركيا أن تفعل من أجل ذلك؟ وهل تقع على تركيا أو على وزارة الشؤون الدينية مسؤولية عما يجري في العالم الإسلامي؟ هذه أكثر الأسئلة التي سُئلت لمحمد غورماز، وكيف من الممكن أن نحقق الوحدة الإسلامية القائمة على العدل والسلام؟ وما هي الأدوات اللازمة لتحقيق ذلك؟

السلام، الاعتدال والفطرة السليمة

بعد الصراعات الطائفية التي جرت في العراق قبيل شهر رمضان المبارك، قام غورماز بعقد اجتماع تحت عنوان "السلام، الاعتدال والفطرة السليمة" بمشاركة أكثر من 156 عالما دينيا من شتى بقاع الأرض، وقاموا بتقديم رؤية ومبادرة من أجل إنهاء تلك الصراعات الطائفية في كل الدول، من خلال تشكيل مجموعة اتصال.

مجموعة الاتصال هذه كان هدفها التواصل مع السنة والشيعة في مختلف الدول التي تشهد نزاعات بين الفئتين، سيذهبون أولا إلى العراق، فإيران ثم إلى لبنان. وسيقومون بتحضير تقرير شامل لما قاموا به حتى نهاية هذا العام. وبعد ذلك سيحاولون تحويل هذه المبادرة إلى مبادرة عالمية يتوافق عليها الجميع. قبل ذلك حاولت مؤسسة اسمها "دار تقريب المذاهب" تحقيق ذلك، لكنها تحولت لاحقا إلى مؤسسة شيعية مخالفة الأهداف التي جاءت من أجلها.

مثل هذه التطورات وغيرها مهمة للغاية، فمن خلال مثل هذه المبادرات نستطيع وضع خارطة طريق واضحة المعالم للخروج من الأوضاع المأساوية التي يعيشها عالمنا الإسلامي. وبعد ذلك من الممكن تحويل بنود هذه المبادرة إلى قرارات تتبناها الدول صاحبة النفوذ وصاحبة الشأن.

تعليم الأمور الدينية في تركيا جنبها كل مخاطر الحرب الطائفية من خلال عرض الدين الإسلامي بعيدا عن مفاهيم التفرقة على أساس المذاهب، ولهذا من الممكن أن تتحول هذه السياسة إلى سياسة تمارس في كل الدول التي تعاني من الحروب الطائفية، بل يجب عليها أن تقوم بمثل ما قامت به تركيا.

عن الكاتب

حليمة غوكتشة

كاتبة في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس