أمين بازارجي - صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس

أنا لا أبالغ أبدا، ولا أشوه الحقائق كما يفعل الأوروبيون، وأستطيع القول بكل ثقة، بأننا "نتقدم على أوروبا في موضوع حرية التعبير"، وأنا لست وحدي من يقول ذلك، بل إنّ عمر تشليك، وزير الاتحاد الأوروبي، يؤكد على هذه الحقيقة في كل مرة. ولدينا دلائل، وإثباتات على ذلك.

كنا في الأسبوع الماضي في اجتماع مع عمر تشليك في هولندا، وتحدثنا عن قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (AIHM) المتعلق بحزب باتاسونا الإسباني، كتبنا ذلك، لكن لم نستطيع التعليق عليه لاتساع وكثافة المواضيع السياسية الأخرى.

حزب باتاسونا هو حزب انفصالي إسباني، وهو الذراع السياسي لحركة إيتا الانفصالية، والتي كانت تقوم بأعمال إرهابية من أجل فصل إقليم الباسك عن إسبانيا، والعلاقة بين حزب باتاسونا مع حركة إيتا، تشبه إلى حد كبير العلاقة بين حزب الشعوب الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني.

قررت المحكمة العليا الإسبانية في عام 2003 حظر الحزب، كما رفضت المحكمة الدستورية الاستئناف في 2004، وبعد ذلك تم انتقل الموضوع إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والتي قامت بدورها في عام 2009، بالموافقة على قرار المحكمة الدستورية وأقرته.

واذا أردنا التعريج على الأسباب الحقيقية لإغلاق وحظر حزب باتاسونا فإننا نذكر ما يلي:

1- تصريحات عديدة للمتحدث باسم الحزب يمدح بقوة أعمال العنف.

2- مشاركة مسؤولو حزب باتاسونا في مهرجان إيتا في فنزويلا.

3- رفض تهديدات إيتا الموجهة للحزب الاشتراكي الباسكي من قبل باتاسونا.

4- منح البلديات جوائز وهدايا لإرهابيي إيتا.

انتبهوا! كيف أنّ هذه الأمور تشبه إلى حد كبير ما يقوم به حزب الشعوب الديمقراطي، أليس كذلك؟ نعم متشابه، لكن ما قام به باتاسونا هو صفر على اليسار مقارنة مع ما يقوم به حزب الشعوب الديمقراطي، فمسؤولوه لا يكتفون بمدح أعمال العنف، وإنما هم أنفسهم يمارسون الإرهاب، فمنهم من يعمل على تمرير العناصر الإرهابية من يد القوى الأمنية، ومنهم من يعمل على توفير صفقات سلاح لهم.

أما البلديات لدينا، فهي أيضا لا تكتفي بمنح الجوائز والهدايا، وإنما تغذي الإرهاب، وتقدم الدعم اللوجستي لحزب العمال الكردستاني، ويحفرون الخنادق لهم، ويساعدون على نصب الكمائن ويسهلون العمليات التفجيرية.

الأوروبيون يغلقون الأحزاب السياسية لمجرد أحاديث وكلام، ويصبح ذلك كحق لهم! بينما نحن لا نقوم بذلك، بل نحافظ على حق الحصانة لهم، ونضمن الحق المدافعة القانونية عن النواب الذين يحفزون الإرهاب، ويغذونه، ويدهم تلطخت بدماء الأبرياء، وبعد ذلك ينتقدنا الغرب.

ولذلك أود أنْ أسأل، عندما يتحدث عمر تشليك بأننا "نتقدم على أوروبا في موضوع حرية التعبير"، هل يكون مخطئ؟ بالطبع لا، بل إنّ صاحب كل عقل ووجدان يدرك حقيقة ذلك.

**

لا يوجد حدود لإجراءات أوروبا عندما يتعلق الامر بالإرهاب، وقرار المحكمة الأوروبية بخصوص باتاسونا، وما يجري في فرنسا في الأيام الأخيرة، وما قامت به ألمانيا، واضح للعيان. بينما يأتون ليقدموا لنا المواعظ ويقولون "اذا أردتم أنْ نتحرك سويا، عليكم تغيير قانون مكافحة الإرهاب الذي لديكم". لماذا؟ ألا نملك الحق في مكافحة الإرهاب؟ هل الإنسان عندهم لديه قيمة، وعندنا بلا قيمة؟

هذا اسمه ازدواج في المعايير بغير مبدأ، وسوء نية، وهو بمثابة السخرية من تركيا في وضح النهار! ولذلك خاطبهم رئيس الوزراء بن علي يوم أمس وقال لهم:

"يطلبون منا أنْ نلين أكثر في قانون مكافحة الإرهاب، وكأنهم يطلبون ان يعمل الارهابيون بصورة أكثر راحة، لكن ونحن تحت هذه الظروف، لن يكون هناك أي تغيير في القانون اطلاقا، حتى لو كان نتيجة ذلك التأثير على موضوع التأشيرات".

نعم، أوصلوا تركيا إلى هذا الحد، فاللعبة انتهت، ولا مكان للكلام المعسول، فما قاله رئيس الوزراء، يثبت بانّ تركيا اليوم ليس كما كانت في الماضي، فلا يوجد مسعود يلماز ليقول "فاتنا قطار أوروبا علينا أنْ نسرع"، ولا يوجد تانسو تشيلار ليشير باصبعه ويقول "هيا تركيا إلى الأمام" ليخدع الناس.

نحن الآن نراجع اتفاقية الاتحاد الجمركي مع أوروبا، والتي كانت ضدنا وأدخلها تشيلار، وقد تحدث رئيس الوزراء بن علي يلدريم عن أنّه "حان الوقت لمراجعة اتفاقية الاتحاد الجمركي"، وهو بذلك يقول لأوروبا "انتبهوا لكلامكم".

أوروبا ستجد صعوبة بالغة في إيجاد تركيا القديمة! ولم يعد الآن بينهم "ألمانجي"، وإنما أصبحوا الأوروبيون الأتراك! ولذلك أوروبا ستدرك هذه الحقيقة، أو ستدرك هذه الحقيقة، لا يوجد طريق آخر أمامها.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس