د. ياسر سعد الدين - خاص ترك برس
تركيا الدولة الناهضة والمشروع العملاق والمارد العائد بزخم وعزم من أعماق التاريخ وعبقه وبطولاته وصولاته وجولاته، تركيا لها في الضمير العربي والإسلامي مكانة سامقة ومحبة عامرة وعارمة.
ففي الوقت الذي تعاني فيه الأمة العربية والإسلامية من اختلالات عميقة وهزائم مدوية وأحوال اقتصادية صعبة وسياسية شبه منهارة تكاد تفتن الناس وتزرع في القلوب اليأس، تبدو تركيا أملا كبيرا ومستقبلا مشرقا وقدوة في طريق النجاح وسبيل الإصلاح!!
وقفت تركيا أردوغان مع قضايا الأمة في سوريا وبورما وفلسطين والعراق وفي غيرهم، وكانت الصوت المدوي حين صمت كثيرون واليد الحانية حين أحجموا أو عجزوا أو منعوا من التصرف ومن القيام بواجباتهم الإسلامية والإنسانية.
وقفت تركيا مع المبادىء حين خانها أدعياؤها الغربيون في مصر بدعمهم ومساندتهم القتل والاستبداد والانقلاب على الديمقراطية وحقوق الإنسان وكرامته وحقه في التعبير السلمي. نجحت تركيا الجديدة وبتفوق في الاختبار الإنساني في قضية اللجوء فيما سقطت أوروبا بل ودول عربية بشكل مدوي في نفس الاختبار وإن كان حجمه أحيانا أقل وبكثير مما تعرضت وما تزال له تركيا.
شكلت تركيا وما تزال نموذج إلهام وإسوة حسنة للشباب العربي والمسلم المحبط من تبعية رسمية مهينة ومن فشل تترجم إلى فقر وقهر وهجرات، وفتحت تركيا وبالذات إسطنبول أبوابها للمضطهدين من جميع الجنسيات حتى أنك تخال نفسك أحيانا وأنت فيها كأنك تمشي في زقاق مصري أو حارة شامية أو سوق يماني.
لقد أعطى التوافق التركي ما بين الأصالة والمعاصرة صفعة عملية وعلمية لكل من يزعم أن الإسلام والتمسك بقيمه يشكل عائقا للتقدم أو لتطبيق قيم الديمقراطية بل على العكس تماما برهنت تركيا أن النهوض والنجاح لا يكون إلا بالعودة للجذور وقيم الإسلام والتصالح معها.
ولأسباب كثيرة ومنها ما ذكر أعلاه ولأن تركيا شكلت حاجزا أمام قوى دولية وإقليمية تريد تفتيت المنطقة وذلك من خلال استهداف العرب السنة والذي يشكلون عامودها الفقري، فقد تعرضت تركيا وما تزال لمؤامرات وهجمات إعلامية ورسمية محمومة غربيا ودوليا ومن خلال صهاينة العرب وإعلامهم.
ففي الوقت الذي يتعاطف ويتضامن الإعلام الدولي وإعلام عربي فيه مع قيادات دول غربية كفرنسا وبلجيكا حين تتعرض لعمليات إرهابية، تجده يلوم القيادة التركية ويشمت بها ويغمز من جانبها حين يستهدفها الإرهاب.
استهداف تركيا من خلال عمليات إرهابية احترافية عليها بصمات أجهزة استخبارية دولية يسعى لتوجيه ضربات مدروسة للنموذج التركي وإبعاد الناس عنه وتنفيرهم منه مزعزعا الأمن والاقتصاد من خلال ضرب أحد أهم موارده وهو السياحة، ولعل ضرب مطار أتاتورك تقصد ذلك بشكل واضح ووقح.
التضامن مع تركيا وإسطنبول في مواجهة الإرهاب الأسود هو تضامن مع أنفسنا ومستقبلنا وقيمنا، ولا ينبغي أن يتوقف عند الإدانات اللفظية والمشاعر الصادقة فحسب بل يجب أن يترجم لمواقف عملية.
الإرهاب يريد منا أن نتبعد عن تركيا وأن نهجرها سياحيا واقتصاديا ليشكل الأمر ضغطا على الشارع التركي فيتبرم من مواقف قيادته وربما يسقطها انتخابيا وسياسيا.
الإستجابة لرغبات الإرهاب هو انتصار له وانكسار لنا. على الشخصيات العربية والإسلامية العامة من مفكرين وإعلاميين وفنانين ومنشدين ودعاة الإعلان عن شد الرحال إلى تركيا وإسطنبول وقضاء الإجازات العائلية فيها. على الشخصيات ذات القاعدة الشعبية الكبيرة أن تنقل أنشطتها وفعالياتها ومحاضراتها إلى تركيا وإسطنبول، وعلى الإعلاميين تصوير برامجهم ذات الشعبية الكبيرة في قلب تركيا.
ينبغي أن نقصد البضائع التركية وأن تكون خيارنا الأول وعلى تجارنا وشركاتنا المشاركة في معارض إسطنبول وإقامة أوثق الروابط مع المصدرين الأتراك خصوصا وأن البضائع التركية تجمع بين الجود العالية والأسعار المنافسة.
الحوادث في تركيا أقل بكثير من حوادث السيارات في دولنا ومن حوادث إطلاق النار اليومية في كبريات المدن الأمريكية. تركيا التي قدمت لنا ولقضايانا الكثير تستحق منا أن نقف معها في هذا الأوقات الصعبة والعصيبة لنهزم معها وبها الإرهاب ومن يقف وراءه.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس