برهان الدين دوران - ترجمة و تحرير ترك برس

أعلنت تركيا حالة الطوارئ لثلاثة أشهر من أجل مواجهة محاولة الانقلاب ومن يقف خلفها من عناصر منظمة فتح الله غولن، وحالة الطوارئ هو إجراء إداري لجأت إليه الديمقراطيات الغربية في المراحل الحساسة، حيث أعلنتها فرنسا مؤخرا بعد تفجيرات نيس، وكذلك أعلنت أمريكا عن حالة الطوارئ بعد مظاهرات السود.

ولم يكن أمام تركيا خيار آخر غير إعلان حالة الطوارئ، من أجل مكافحة أعشاش منظمة فتح الله غولن التي تغلغلت في مؤسسات الدولة ومفاصلها، وتسببت في محاولة انقلاب أراقت من خلالها دماء المدنيين في ليلة الخامس عشر من تموز/ يوليو.

حالة الطوارئ ستساهم في توسيع صلاحيات الدولة في البحث، والاعتقال، والتوقيف، وأخذ التدبيرات الأمنية، وتأجيل أذونات العاملين، ومنع التظاهر، وغيرها من الأمور، وهناك هدف واحد من توسيع هذه الصلاحيات، وهو العمل على القضاء التام على التنظيم الموازي الذي تم الكشف عن حجم تغلغله بداية من عام 2012.

الإعلان عن حالة الطوارئ يأتي في إطار دولة ديمقراطية حقوقية تسعى إلى حماية نفسها، لكن الإعلام الغربي يصف إعلان تركيا عن حالة الطوارئ بأنه إجراء من إجراءات "الدكتاتورية الإسلامية"، و"تهدف إلى تقوية صلاحيات أردوغان المتشددة"، وبعضهم وصف ذلك بأنه "انتقام أردوغان"، ولم ينحصر هذا الأمر على صحيفة الغارديان أو ذي إكونوميست.

سار الإعلام في ألمانيا وإنجلترا وأمريكا على نفس هذا النهج، ولم يكن مفاجئا لنا أنْ يصفوا إعلان الدولة التركية عن حالة طوارئ بأنه عمل إجرامي ويتهمونها بأنها تريد اتخاذ إجراءات قمعية، ونفس الإعلام هو من وصف بداية محاولة الانقلاب بأنه حراك شعبي، وانتفاضة شعبية!

هؤلاء الذين يحاولون تبرير محاولة الانقلاب من خلال قولهم "حقوق الإنسان أهم من الديمقراطية"، مصابون بالإسلاموفوبيا، ولا يريدون لأي من شعوب الشرق الأوسط أنْ تقوم لهم قائمة، ولا يرضون إلا على أنظمة تقمع الشعوب وتساهم في نهب خيرات البلاد لصالحهم.

هؤلاء اليوم يتهمون أردوغان بأنه يريد تدمير الديمقراطية في تركيا، في الوقت الذي يحمي اردوغان الديمقراطية بروحه وبنفسه، ولذلك فإنّ تغطية الغرب الإعلامية لليلة 15 يوليو/تموز، لم تكن عن جهالة وغباء، بل هي عملية مقصودة.

الإعلام الغربي لطالما كان هدّاما في تناوله لمواضيع الشرق الأوسط، واليوم يقوم بنفس المهمة في تركيا، فبعد كشف أنّ التنظيم الموازي يقف خلف محاولة الانقلاب، وبعد وقوف الشعب التركي بكل أطيافه يدا واحدة وجسدا واحدا في وجه الانقلاب العسكري، يسعى الإعلام الغربي إلى ضرب وحدة الصف هذه، من خلال العزف على وتر أنّ أردوغان "يسعى للانتقام"، وغيرها من الاتهامات التي تهدف إلى زعزعة ثقة الشارع بزعيمهم.

الأكثر من ذلك، أنّ معارضي حزب العدالة والتنمية لا يطالبون بتخفيف حدة "غضب" أردوغان، لأنهم يعرفون أنّ تصفية منظمة فتح الله غولن لا تعني القضاء عليها فحسب، وإنما تعني انتهاء أحداث عنف استمرت طيلة ثلاثة أعوام، ونحن نعلم أنّها كانت تسعى إلى فرملة مسيرة تركيا، وأنّ لها ارتباطات مع قوى ترسم خططا استراتيجية للمنطقة.

القضاء على التنظيم الموازي سيعود بالخير على كل الأطياف السياسية التركية، وسنضمن بذلك ثبات الديمقراطية التركية، لكن هذا لا يتم بصورة كاملة إلا من خلال توافق كافة الأطراف السياسية، ولا شك أنّ تحقيق الاستقرار التام في السياسة الداخلية، سيفتح المجال أكثر للسياسة الخارجية. واليوم نحن نعيش المرحلة التي من خلالها سنفشل كل مخططات الإعلام الغربي الترويجية من خلال يقظتنا الديمقراطية.

اليوم يومنا من أجل نلقن الغرب درسا ونفضحهم بأنهم يصفون أي نظام لا يتماشى مع سياستهم بأنه نظام غير ديمقراطي.

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس