فيردا أوزير - صحيفة حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس

"ترك سقوط الإمبراطورية العثمانية جراحًا مفتوحة، هذه الجراح قد غطيت دون أن تتعافى، وربما سبب ذلك هو وقوف قادة الدول عاجزين عن تلبية مطالب واحتياجات وحقوق الناس واكتفاؤهم بمشاهدة مشاكل المنطقة دون التفكير في حلها".

هكذا  قال الدبلوماسي والحقوقي السويسري "أنطون كيلر" مستشار "مجلس ولاية موصل" وممثل عنه في الأمم المتحدة. كيلر، الذي وهب حياته لخدمة قضية الموصل، وجاهد لنقل هذه القضية إلى الأمم المتحدة.

موصل المتغيرة

كان ما قاله كيلر صحيحا، فقد تعرض العراق قبل 10 سنوات لسياسات صدام المجحفة بحق الأكراد والشيعة، ثم تعرض العراق للاحتلال الأمريكي عام 2003 وتم إسقاط نظام صدام وبدأت حرب داخلية، وهذه المرة الشيعة يهمشون السنة، ليدخل العراق في دوامة معقدة ابتداءً بالموصل.

ولذلك كما قال كيلر لم يتم إنتاج سياسات تهدف لتنفيذ طلبات الشعب أبدا، واليوم يوجد في العراق صراع عرقي بين العرب والأكراد والتركمان، وأيضا صراع مذهبي بين السنة والشيعة.

وحسب المقولة الإنكليزية المشهورة "إذا وجدت نفسك في حفرة فتوقف عن الحفر فورا"، فعوضا عن متابعة الحفر من الضروري التخطيط للخروج من الحفرة، فالخروج من هذا الصراع الذي أغرق العراق ليس بمتابعة الحفر، بل بالتوقف عن القتال وتهدئة الوضع.

مشروع ولاية الموصل

طارق تشلنك مؤسس "إيكو بولتيك" يزور الموصل ويعمل على قضيتها منذ عام 2007 وحتى هذه اللحظة، ويقوم تشلنك بإكمال مسيرة كيلر ومتابعة الدور الفعال الذي كان يقوم به.

يُذكرنا تشلنك كيف كان شمال العراق متعايشا في ولاية الموصل في العصر العثماني بين أغلبية تركمانية وكردية، أما في عهد صدام حسين فقد تم تعريب الموصل وكركوك الغنيتان بالبترول، أي كان يهجر التركمان والأكراد ويسيطر على ممتلكاتهم.

وبعد عهد صدام قام الأكراد بتكرار ما فعله صدام وسيطروا على المنطقة التي أصبحت الإدارة الكردستانية، ولهذا السبب تغيرت ديموغرافية سكان المنطقة وأصبحت بأغلبية كردية، أما بالنسبة للعرب والتركمان فقد انصهروا داخلهم، لكن المنطقة تتشيع الآب يوما بعد يوم.

ولهذا يقترح "تشلنك" تشكيل برلمان يجمع هذه الأطياف والعرقيات ويمثلها كلها من أجل كسر هذه العقدة الفاسدة، وهذا الطرح هو الحل الأمثل للدول المقسمة كالعراق، سوريا ولبنان.

ويرى تشلنك أن أنقرة تؤكد ضرورة طرح هذا المشروع من الآن على طاولة الحوار حتى لو تحقق بعد سنين، كما أن إعادة إحياء مجلس ولاية الموصل فيه فائدة كبيرة، إضافة إلى أن هذا المجلس هو المجلس الوحيد المستقل والمشكل من المدنين فقط منذ عام 1932.

أما أنطون كيلر فيرى في تركيا لاعبًا مناسبًا لهذا الدور التاريخي فيقول: "تركيا بدفاعها عن مشروع ولاية الموصل تستطيع بموقعها الاستراتيجي خلق توازن بين العرقيات والعناصر المختلفة في الموصل، وهذا طبيعي بالنسبة لتركيا".

نموذج للشرق الأوسط

تستطيع أنقرة نقل هذا المشروع إلى أجندة الأمم المتحدة وكسب أحد أعضاء مجلس الأمن الدائمين لصالحها كأمريكا أو روسيا أو بريطانيا أو فرنسا إلى صفها لتدعم ما ستقوله في مجلس الأمن، وبهذا الشكل تكون أنقرة قد استخدمت القوة الناعمة مع العناصر الأخرى التي تعيش في الموصل غير السنة والتركمان، وأيضا تكون قد منعت تشكل فكرة "تركيا تحمي السنة والتركمان فقط"، وأيضا تكون قد اتخذت خطوة إيجابية تجاه الأكراد، وتكون أيضا خففت من عداء المعارضة الشيعية لأنقرة، ومع الوقت من الممكن أن تدعم بغداد أنقرة.

ونختم بكلمات أنطون كيلر:

"كانت ولاية الموصل منذ عصر السلطان سليمان القانوني والإسكندر الأكبر نقطة تقاطع ديني وثقافي واقتصادي أما الآن فمن الضروري تشكيل نموذج للموصل في الشرق الأوسط يناسب احتياجات ومتطلبات الناس في المنطقة، وهنا لا أتكلم عن إحياء الإمبراطورية العثمانية من جديد، لكن من الضروري الاستفادة من تجارب وخبرات العصر العثماني من أجل الموصل".

عن الكاتب

فيردا أوزير

كاتبة صحفية تركية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس