يحيى بوستان - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

في أعقاب الانقلاب الساقط تساءل كثير من الأتراك ما إذا كانت الولايات المتحدة قد لعبت دورا في أحدث اعتداء على الديمقراطية التركية. وعلى الرغم من أن هذه الادعاء يُطرح بوصفه مجرد نظرية مؤامرة أخرى، فإنه تأسس على حقائق: إخفاق واشنطن في تقديم الدعم العلني للحكومة المنتخبة حتى استعادة السيطرة على الوضع. أقلعت بعض الطائرات التي أطلقها الجنود الانقلابيون من قاعدة إنجيرليك، حيث تتمركز القوات الأمريكية. وفي النهاية لم يكن مجديا أن أطلق قائد القيادة المركزية الأمريكية الوسطى، الجنرال جوزيف فوتيل على مدبري الانقلاب "أقرب حلفاء القوات الأمريكية في الجيش التركي".

وعلى الرغم من أن نائب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، توجه إلى تركيا للنأي بإدارة أوباما عن محاولة الانقلاب الساقط، فإن تصريحاته لم يكن لها أثر يذكر على الرأي العام، بسبب فتح الله غولن العقل المدبر لمحاولة الانقلاب، الذي لا يزال يقيم في ولاية بنسلفانيا. وفي الوقت نفسه زاد تردد واشنطون الواضح في احترام معاهدة تسليم المجرمين مع تركيا، من التوترات. وفي الوقت نفسه يحصر الشعب التركي العلاقة بين الإدارة الأمريكية ومدبري الانقلاب بتسليم فتح الله غولن. وفي كل مرة تظهر فيها عقبة أمام تسليم غولن، يصير الأتراك أكثر اقتناعا بأن واشنطن كانت في الواقع وراء الانقلاب الساقط. يردد الناس في المقاهي " إن لم يعيدوه، فهذا يعني أنهم يخططون معا لهجوم آخر. صارت الولايات المتحدة عدوا لتركيا".

في المقابل يشدد الأمريكيون على أن المحكمة الفيدرالية يجب أن تبت في طلب تركيا بتسليم غولن. وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية عملت السلطات التركية والأمريكية على الإجراءات الشكلية. وفي استجابة لطلبات الولايات المتحدة للحصول على الأدلة، قدمت تركيا عدة وثائق عن ارتباط غولن بمدبري الانقلاب. وخوفا من أن ينتقل العقل المدرب للانقلاب إلى بلد لا تربطه معاهدة لتسليم المجرمين مع تركيا، طلب الأتراك من الولايات المتحدة اعتقال غولن التزاما بما توجبه معاهدة واشنطن، لكن الأمريكيين رفضوا تفعيل التزاماتهم.

وأخيرا توجه وزير العدل التركي، بكير بوزداغ، إلى واشنطن للقاء نظيرته الأمريكية لوريتا لينش، وتقديم أدلة جديدة حول تورط غولن، وتقديم طلب مرة أخرى لتسليمه إلى تركيا.

في أعقاب محاولة الانقلاب الساقط مباشرة كان المسؤولون الأتراك متفائلين بشأن تعاون واشنطن. قال لي مسؤول تركي رفيع في يوليو/ تموز "هناك إشارات إيجابية على إعادة غولن". لكن يبدو أن المزاج يتغير بسرعة، فخلال الأسابيع الأخيرة وجه الأتراك انتقادات لاذعة علنا للولايات المتحدة. قال السيد بكير بوزداغ للصحفيين في وقت سابق من هذا الشهر "إن فكرة عدم تسليم غولن تتقوى كل يوم. هذا عملية ممتدة".

ماذا ستفعل تركيا إذا أخذ الأمريكيون وقتهم في البت في طلب تسليم غولن، وتجاهلوا التزاماتهم بالمعاهدة؟

كيف يتوقع الأتراك أن تفكر الولايات المتحدة فيما يحدث: ماذا لو أن أسامة بن لادن قد دبر أحداث 11 سبتمبر/ أيلول من تركيا؟ كيف سيكون رد فعل الأمريكيين، إذا طلب منهم الأتراك الانتظار حتى الحصول على أمر من المحكمة؟

إن عقد مقارنة بين قضية غولن وبين بن لادن قد يبدو مبالغا فيه، لكنه أداة مفيدة لفهم ما ينتظرنا في المستقبل،ومع ذلك لا يمكن التنبؤ برد فعل الشعب التركي. يحتاج الأمريكيون على أقل تقدير إلى تقبل حقيقة أن علاقة واشنطن وأنقرة ستتلقى ضربة قوية، إن أخفقوا في تسليم غولن. ولجعل الأمور أكثر سوءا، فسوف يدرك الأتراك وكذلك غولن أن رفض واشنطن للتعامل مع طلب تركيا دليل على دعم ضمني له، وهو ما يعني أن بإمكانه أن يدبر حملات في المستقبل من داخل قصره. وفي كلتا الحالتين فإن وجود غولن يغذي التوترات بين تركيا والولايات المتحدة.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس