صالح تونا – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس

كنت أقول دوما، لا يمكنكم تفسير تطورات الأحداث في الشرق الأوسط، دون معرفة ما هي المصالح التي ستحققها "إسرائيل" وأعوانها من هذه الأحداث، ولا شك أنّ الغرب يسعى دوما للمحافظة على أمن خطوط الطاقة التي يستفيد منها، وعلى ثروات المنطقة التي يسيطر عليها، من خلال تعاونه مع "دول نموذجية" بالنسبة له، وهذا ما تقوم به اليوم المملكة العربية السعودية في الشرق الأوسط على سبيل المثال.

يجب علينا أن لا ننسى أبدا، أنّ دول الاستعمار لم تسحب أياديها وأذرعها من المنطقة حتى الآن، فما جرى في الحرب العالمية الثانية من نزاعات علنية للسيطرة على الشرق الأوسط، ما هو إلا أمر بسيط أمام ما يحصل اليوم.

ما يحصل اليوم في الشرق الأوسط سببه أمران:

الأول هو سعي إيران لأن تصبح دولة نووية، والثاني هو سعي الدولة التركية الألعوبة، لتتحوّل إلى "دولة تركية قائدة" في منطقة الشرق الأوسط.

في البداية أرادوا إيقاف المساعي التركية، من خلال حملة دعائية مكثفة للغاية، هدفها النيل من تركيا ومن رؤية اردوغان، فأرادوا إيصال رسالة للناس مفادها أنّ اردوغان قد تغيّر بعد العام 2011، وأصبح ديكتاتورا متسلطا.

في المقابل، قرّر الغرب عدم السماح لإيران بامتلاك الطاقة النووية بأي شكل من الأشكال، ومهما كان النظام الإيراني القائم، فالفكرة بالنسبة لهم مرفوضة من الأساس.

وإيران اليوم، تتحد مع "الشيطان الأكبر" أمريكا من أجل الخروج من أزماتها، بدلا من الاتحاد مع البرازيل وتركيا اللتان قالتا "لا" لمسودة قرار مجلس الأمن الدولي ضدها.

هذا ما يحصل للأسف، فإيران اليوم أصبحت بعيدة جدا عن إيران الإمام الخيميني.

واليوم لا تريد "الشبكة الصهيونية" أن يخفّف الحصار عن إيران، من خلال عبور النفط من شمال العراق عبر الأراضي التركية.

لهذا يرى الغرب ما قامت به داعش "فرصة" ذهبية من أجل إعطاء وعد للمنظمات الكردية بالحصول على دولة والسيطرة على نفطها، وإنهاء الحصار الاقتصادي المفروض على إيران مقابل تخلي إيران عن برنامجها وبحوثها النووية.

ويجب أن نسأل هنا سؤالا هاما لكل الأطراف في المنطقة، وعلى رأسها إيران، لماذا فرض الغرب حصارا اقتصاديا على إيران منذ سنوات طويلة؟ ما ذنب الشعب الإيراني بخلاف ثورته الإسلامية؟

لا شك أنّ الجواب على هذا السؤال، هو مبدأ واضح يجب أنْ يترسخ في عقول الجميع، وهو أنّ الغرب لا يكترث بأي شيء، ولا يهمه أي شيء على الكرة الأرضية، من أجل تحقيق مصالحه ومنافعه.

فعندما نتحدث عن مصالح للغرب، لا يهمهم مفاهيم الحرية، الديمقراطية، والحقوق، وتصبح حقوق الإنسان عندهم لا تساوي مثقال ذرة، وهذا ما بدا واضحا في حرب الخليج، فقد استخدموا مبدأ "الديمقراطية" فقط من أجل التمويه على احتلالهم لمدخرات وخيرات تلك البلاد، ولاحظنا مؤخرا كيف كان دعمهم للديمقراطية في مصر.

هذه هي الحقيقة، الغرب يهدي هذه الليلة "جائزة نوبل للسلام" لمن يحقق أهدافهم، أما إذا خرج نفس الشخص ضد أهدافهم فسيطلقون عليه اسم "متسلط" أو "ديكتاتور" أو "ارهابي" حتى لو جاء بالديمقراطية وبالأغلبية.

ما أريد قوله، هو أنّ الغرب يسعى لتحقيق أهدافه بشتى الوسائل والأساليب، فاليوم يريد تحقيق وبسط سيطرته على المنطقة ليس من خلال التعاون مع عملائه في المنطقة فحسب، وإنما من خلال الإيقاع بين العرب والأتراك والأكراد والعجم، وبين السنة والشيعة.

ولا شك أنّ "عملية السلام" هي نقطة الضعف القاتلة التي يحاول الغرب اللعب عليها من أجل إيقاف تركيا، وهذا ما بدا واضحا وجليا خلال الفترة القليلة الماضية، لكننا نطالب الدولة التركية بعدم الوقوع في هذا الفخ مهما كان الثمن باهظا لذلك.

عن الكاتب

صالح تونا

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس