برهان الدين دوران - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

صرح الرئيس التركي أردوغان بأن مدينة الباب السورية باتت محاصرة من أربعة محاور وأن قوات الجيش الحر المدعومة من قبل تركيا يمكنها إعلان السيطرة على المدينة في أي وقت وأن الهدف القادم هو الرقة ومنبج، وذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي انعقد في مطار أتاتورك الدولي في إسطنبول قبيل مغادرته إلى البحرين في إطار جولته الخليجية، وأفاد أن الهدف النهائي هو تطهير المنطقة بأكملها من تنظيم داعش الإرهابي وتشكيل منطقة آمنة خالية من الإرهاب بمساحة 4-5 كم ومحظورة جويا، وإنشاء جيش وطني محلي للتمركز في هذه المنطقة.

واتضح لاحقا أن مقترح الرئيس أردوغان بإنشاء منطقة آمنة في الشمال السوري والذي عرضه سابقا على كل من ألمانيا وأمريكا وروسيا أصبح حقيقة لا مفر منها، إلا أنه لم يبقَ أي خيار لتركيا غير دخولها الفاعل في الساحة السورية بعدما أثرت الأزمة على الداخل التركي سلبا لثلاث أو أربع سنوات، لكن هذا الدخول فرض تحالفا بينما تتضارب مصالح الدول مع بعضها في الساحة السورية، فكان من أولويات تركيا التحالف مع أمريكا وروسيا.

يرى أردوغان أنه سيكون من أول المنسقين بين بوتين وترامب في حربه ضد تنظيم داعش، ويرى أيضا احتمال زيادة قوة الدور التركي في ساحة المعركة ضد داعش والأهم من ذلك أن ما كان يقال بخصوص وحدات حماية الشعب بأنهم هم الوحيدون الذين يستطيعون قتال داعش سيكون محض خيال فقط.

أضف إلى ذلك الفوائد الناجمة عن إنشاء المنطقة الآمنة بمساحة 4-5 آلاف كيلومتر مربع وهي:

تطهير المنطقة بأكملها من تنظيم داعش، وإبقاء الجيش الحر كعامل فعال في محادثات أستانة وجنيف، والحد من خطر تنظيم وحدات حماية الشعب وحتى القضاء عليه بالكامل، وحل قسم كبير من مشكلة المهاجرين، واستمرار الحل السياسي بين نظام الأسد ومجموعات المعارضة المعتدلة.

وضعت تركيا هدف السيطرة على الرقة ومنبج السورية نصب أعينها، وكلنا يعلم بأن مرحلة التقارب الأمريكي- الروسي القادمة ستكون صعبة وأكبر مثال على ذلك ما شهدناه منذ فترة، حادثة قصف الطيران الروسي لمواقع خاطئة للجيش التركي والنقاشات الحادة التي نشأت عنه.

ومن المحتمل أن يزيد نظام الأسد من تعاونه مع تنظيم وحدات حماية الشعب انتقاما وانزعاجا من تقدم عناصر الجيش الحر المدعومة من تركيا.

وكل هذه المعطيات تتغير مع تغير سياسة ترامب في الشرق الأوسط، فما زال طاقم ترامب غير موحد الرأي تجاه هدفين هما: مكافحة داعش والحد من التمدد الإيراني في الشرق الأوسط، ولهذا فإن المحادثات الهاتفية التي أجراها ترامب مع دول الخليج تدل على جهوده الرامية إلى إيقاف التمدد الإيراني ابتداء من اليمن.

أما بالنسبة إلى النقطة الأهم فهي في العراق وسورية، فعلى أمريكا المساومة مع روسيا في سوريا أما في العراق فيبدو الوضع سهلا بعض الشيء لكن في الواقع يبدو أن الأمر صعب فعلى أمريكا هنا أن تقنع الحكومة العراقية بالتخلي عن خدمات إيران.

يسعى ترامب إلى تشكيل موجة جيوسياسية جديدة في المنطقة، أي يمكنني القول بأن الدول القوية الصامدة في الساحة السياسية ستستفيد وستكون أضرارها أقل.

أرى أن المرحلة القادمة ستكون مرحلة "تحضير" وهذا ما استنتجته من تصريحات أردوغان بخصوص الرقة ومنبج ومن جولته السياحية في البحرين وقطر والسعودية فقد دعا أردوغان في كلمته بمعهد السلام الدولي في البحرين، دول مجلس التعاون الخليجي إلى دعم القضيتين السورية والفلسطينية من أجل حل مشاكل المنطقة، مؤكدا على ضرورة تعاون دول المنطقة لحل مشاكل منطقتهم بأنفسهم.

هذا الدعوة تظهر الدور الفعال الذي ستحمله تركيا على عاتقها في المنطقة، وأهمية تحذير أردوغان لدول المنطقة بالحفاظ على سلامة مستقبلهم، فلجوء دول الخليج إلى أمريكا في كل شيء ليس حلًا.

من يظن أن سياسة ترامب الجديدة بدعوته للقوة والاتحاد تخلص المنطقة من فوضاها  فهو مخطئ.

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس