إيغمين باغيش -  يورو أكتيف - ترجمة وتحرير ترك برس

مضى أكثر من 93 عاما على قيام مصطفى كمال أتاتورك بتأسيس الجمهورية التركية. وفي ذلك الوقت وخلال السنوات التالية حدثت ثورة في التراث الدستوري والثقافي التركي.

وعلى مدى العقود الماضية شهدت تركيا طفرات سياسية، حيث تم التأكيد على الاستقرار والقيم الأساسية، ومع ذلك عرفت تركيا أيضا العديد من التحديات التاريخية التي أدت إلى مراجعات دستورية، مثل الدستور الحالي الذي يعود إلى عام 1982 وجاء معظمه نتيجة للتدخل العسكري العنيف.

تأتي التهديدات الأخيرة التي تواجهها تركيا من مصادر مختلفة، منها على سبيل المثال الانقلاب العسكري الساقط في يوليو/ تموز 2016، والحرب الجارية ضد حركة فتح الله غولن الإرهابية " فيتو"، والأعمال الإرهابية الخسيسة التي تشنها جماعات منظمة مثل داعش والبي كي كي ووحدات الحماية الكردية، وهذه التهديدات تطرح دائما على جدول أعمال البرلمان، وتزيد الحاجة الملحة لإحداث تغييرات في الساحة السياسية التركية من أجل منع مزيد من الأخطار.

وفي الوقت الراهن تسبب حالة عدم الاستقرار كثيرا من القلق في أوساط المواطنين الأتراك على حالتهم النفسية، وسلامتهم البدنية ورفاههم الاقتصادي وأمانهم المالي، كما أن حالة عدم الاستقرار تتأثر وتؤثر في كثيرين ممن هم موضع ترحيب في تركيا مثل الهاربين من الاضطهاد في أوطانهم التي تشهد اضطرابات وصراعات، ومن يأتون إلى زيارة تركيا لاستغلال ما فيها من فرص تجارية متنوعة أو من أجل ثقافتها الرائعة وتاريخها وشواطئها.

وقد دفع هذا طليعة العقول البرلمانية إلى حملة لاستعادة الاستقرار والحفاظ على منصة الديمقراطية، ما يلزم مراجعة للدستور ويجعل القيام بإصلاحات أمرا مطلوبا على نحو متزايد، وهذه التغييرات الكبيرة يجب أن تقرر من خلال الاستفتاء المقترح.

دارت العديد من النقاشات حول الدستور الحالي، وهذا يرجع إلى أنه قد مضى عليه أكثر من ثلاثين عاما، وهناك إجماع واسع على أن تغييره أو استبداله أمرا مطلوبا.

يتضمن اقتراح الرئيس أردوغان " لتركيا الجديدة " أساليب القوى السياسية الأوروبية الراسخة التي يمكن أن تندمج مع المتطلبات الفريدة لتركيا التي تحتل مكانا استراتيجيا بين الشرق والغرب، وهنا تكمن الفرصة لتلبية احتياجات المنطقة والسكان.

يمكن مقارنة النظام الرئاسي المقترح في تركيا جزئيا بالنظام الرئاسي في الولايات المتحدة، لكن هناك سمات تختلف عن النظام الأمريكي من أجل توفير إدارة فعالة ومستقرة تحتاجها تركيا. وأبرز سمات الاختلاف في الدستور المقترح إجراء انتخابات متزامنة للبرلمان التركي مع انتخابات الرئاسة، وتعيين نواب للرئيس.

تتكون سلطة الدولة في النظام الرئاسي من ثلاثة أفرع : السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية، وهذا يسمح بأن تصدر التشريعات من الحكومة أو من نواب البرلمان فقط، في حين أن الرئاسة تقوم بدور السلطة التنفيذية. يملك الرئيس السلطة التنفيذية، وسيكون مسؤولا عن تعيين الوزراء أو إنهاء مهامهم، ويكون هؤلاء الوزراء مسؤولين أمام الرئيس مباشرة، ولا يساءلون أمام الجميعة الوطنية الكبرى، ولن يكون هناك دور لرئاسة الوزراء.

ويتيح الدستور الجديد فتح تحقيق مع رئيس الجمهورية استنادا إلى مقترح يصدر بالأغلبية المطلقة من البرلمان الذي يقرر إحالة القضية إلى المحكمة العليا بالاقتراع السري بشرط موافقة ثلثي الأعضاء. وينص الدستور الجديد على محاكمة الرئيس ونوابه والوزارء أمام المحكمة الدستورية.

سيحتفظ البرلمان في النظام الجديد بسلطتين مهمتين : إصدار التشريعات وإقرار الميزانية، ويمارس البرلمان مهامه وفقا لمبدأ الفصل بين السلطات، ومن ثم فإن الرئيس سيعتمد على البرلمان.

أما بالنسبة إلى من يعارضون النظام الرئاسي فإنهم يستندون إلى حجة مخادعة مفادها أن نظام الدولة سيقسم، وسينشئ نظام فيدرالي ، في حين أن التعديلات المقترحة في الدستور لا تتضمن أي تغيير في بنية الدولة الواحدة.

على مدى 94 عاما هي عمر الجمهورية التركية تعاقب على الحكم 65 حكومة، مما يعني أن متوسط عمر الحكومة الواحدة أقل من عام ونصف العام.

وما إن يقبل التعديل الدستوري المقترح ستضمن تركيا وجود الإدارة المستقرة التي تستمر لمدة خمس سنوات على الأقل، وبالتالي سينمو اقتصادنا مع وجود الثقة.

عن الكاتب

إيغمين باغيش

وزير الشؤون الأوروبية التركي السابق وكبير المفاوضين مع الاتحاد الأوروبي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس