علي بايرام أوغلو - يني شفق
خلال اشتراكنا أنا ومسعود "ياغان" في أحد البرامج التلفزيونية كان رده كالتالي على سؤال "ما تعنيه "روجافا" -المناطق ذات الأكثرية الكردية في سورية- بالنسبة لأكراد: لقد كانت قضية "روجافا" حيوية ومؤثرة بالنسبة للأكراد. تغيرت الحالة النفسية مع الزمن. في البداية حصل فراغ في السلطة في "روجافا" فجاء حزب الاتحاد الديمقراطي (تنظيم "بي يه ديه") وملأ هذا الفراغ، حتى غدا " أهم ركيزة في حلم الأكراد".
وقد عمل على تغذية روح الشعور بالحاجة للحزب من قبل الأكراد لحمايتهم من "داعش"، كما كرّس عندهم ضرورة وجود دولة لهم. وقد ساهمت تلك الدعاوي باجتماع كلمة الأكراد في مناطق وبلاد مختلفة، كما جعلتهم أكثر فاعلية، وأكثر اتحادا في وجه الصراع من أجل بسط نفوذهم على المناطق الموجودين فيها. وصارت شعارات "الخيال في فرض الوجود للأكراد" و"تصور الدولة عندهم" و" نبذ الخلافات بين مختلف المجموعات الكردية والتقارب فيما بينهم" تراود أخيلتهم.
هناك عدة لفتات جديرة بالعناية، تخص أحوال الأكراد بشكل عام، وتخص الحالة النفسية التي هم فيها. كما توضح لنا كيف أصبحت قضية "روجافا" داخلة في عملية المفاوضات لحل القضية الكردية في تركيا، كما تحمل لنا بعض التفسيرات المهمة كيف أن قضية الأكراد خارج تركيا قد استقطبت قضية أكراد تركيا. من خلال هذه المحددات يجب التخلي عن بعض التساؤلات المتعلقة بعين العرب -كوباني- مثل ماهي قضية عين العرب؟ ألا يوجد شعب يعيش هناك ويوجد فيها صراع بين الأحزاب.
إن الفهم لأي حل لقضية ما، علينا أولا فهم صاحب القضية، وفهم طريقة تعامله مع تلك القضية، ومن ثم العمل لصنع طرق الحلول المجدية لهذه القضية.
من قبل تحدثنا عن القضية الكردية من خلال مفاهيم أربعة. واحدة منها قضية علاقات الأكراد فيما بينهم. فقد كتبنا عن ذلك الأمر هذه السطور: إن "روجافا" باتت تتقدم لتشكل نقطة التقاء عند الأكراد. كما أنها باتت تفرض نفسها على المجموعات المتصارعة على النفوذ، أو المجموعات التي تعد من الشركاء المحتملين في المنطقة. من الواضح أن هذا العامل أصبح أكثر أهمية في قضية مباحثات الحل وقضية السلام مع الأكراد.
إن تصريحات "ياغان" تلك تملأ المساحة المتعلقة في هذه القضية. إضافة لهذا يعني أيضا إمكانية دخول طرف ثالث على هذه الساحة. مثل دخول الولايات المتحدة والتحالف الدولي في السياسة المتعلقة بـ"روجافا"، ومكان هذه السياسة في الصراع مع "داعش" أيضا قضية تأثير العلاقات بهذا الخصوص مع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري. إن التحالف الدولي وخصوصا الولايات المتحدة ومن منطق المصالح، يتبع في هذا الشأن سياسة منع "داعش" من تحقيق أي انتصار ولو رمزي في المنطقة. ويحاول أن يجبر حزب الاتحاد الديمقراطي للقبول بهذا الواقع الذي تفرضه سياسة التحالف والولايات المتحدة. من العناصر الجديد في قضية عين العرب هي إتاحة المجال لمشاركة مجموعات كردية أكثر في قضية "روجافا" مثل الحزب الديمقراطي الكردي مع بقية المجموعات الكردية، وإدخال محور الجيش السوري الحر في عين العرب، مراعاة لحساسية تركيا.
وفي مجال آخر نتحدث عن ماهية الخطط التي ستسير عليها تركيا ضمن الشروط الجديدة في المنطقة؟ الشيء الواضح هو كالتالي: تركيا الآن وضمن الشروط المتاحة فإنها تساعد وتغض الطرف عن "حزب الاتحاد الديمقراطي" (تنظيم "بي يه ديه") والذي هو مصنف على لائحة الإرهاب لديها. كما يتضح لنا هو منح قضية "روجافا" المزيد من الأهمية والتخطيط لها وذلك على ضوء السياسة المتبعة في سوريا، وهذا من طرف تركيا قد يشكل لتجاوز بعض العقبات الموجودة. عند التفكير بقضية "روجافا" فإن تركيا تنتظر الحلول لبعض القضايا التي تخصها، مثل مجال الحركة لأوجلان، ومجال التحكم في بعض السياسيات، والنظام العام في للبلاد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس