جلال سلمي - خاص ترك برس

لأول مرة منذ تأكيد وجوده في منطقة سنجار، أقدمت القوات الجوية التركية في 24 نيسان/ أبريل 2017، على استهداف مواقع حزب العمال الكردستاني "بي كي كي" في المنطقة.

وقد أكّدت الصحفية التركية "سربيل تشافيك جان"، في وقتٍ سابق، عبر إحدى مقالاتها المنشورة في صحيفة ميلييت، على وجود خطة تركية لوأد وجود الحزب هناك، لكن دون الإفصاح عن تفاصيل دقيقة للخطة. وبعد استهداف تركيا لعناصر حزب العمال الكردستاني في سنجار، التقى الصحفي "عبد القادر سلفي" برئيس الأركان وقائد القوات الجوية وقائد الدرك، مستفسرًا منهم عن مسار العمليات العسكرية التركية في العراق، للوقوف على تفاصيلٍ أوسع للعملية.

في مقاله "الخطط التركية حيال سنجار"، حرييت، 25 نيسان/ أبريل 2017، يشير سلفي إلى أن تصريحات القادة تؤكد وجود احتمال كبير لعملية عسكرية في العراق، والهدف الأساسي من ذلك هو الحيلولة دون إنشائه مقرًا جديدًا له في كردستان العراق. وقد أوضح ذلك رئيس القوات الجوية، عبدين أونال الذي أشار إلى أن تركيا لن تسمح، قطعًا، لحزب العمال الكردستاني "الإرهابي" أن يحول سنجار إلى قنديل أخرى، مشيرًا إلى أن الرئيس أردوغان بين أن هناك تحركًا من قبل الحزب لتحويل سنجار إلى معسكر جديد، والعملية العسكرية ستتحدد وفقًا لحجم المخاطر الميدانية.

ورمت تركيا ـ بحسب أونال ـ إلى حل الأزمة سياسيًا عبر التنسيق مع الجهات الرسمية العراقية، لكن لم تُثمر هذه المشاورات في إيقاف تحركات الحزب، مما جعل العملية أمرًا اضطراريًا بالنسبة لتركيا التي لن توقف تنسيقها السياسي مع الجهات المعنية وفقًا لأونال.

وطبقًا لأونال، فإن العملية العسكرية التي تستهدف سنجار، ستكون لها صلة بمصالح الحزب في سوريا أيضًا، فمن غير المجدي استهداف تحركات الحزب في منطقة، والتغاضي عنها في منطقة أخرى. ولعل تزامن استهداف القوات التركية لعناصر الحزب في العراق، وعناصر وحدات الحماية الكردية الموالية له في سوريا يؤكد عزم تركيا إجراء عملية شاملة حيال أنشطة الحزب في العراق وسوريا.

وفي ذات السياق، أوضح رئيس قوات الدرك، ياشار غولار، أن العمليات العسكرية الموجهة ضد عناصر الحزب داخل تركيا آتت أكلها، لكن ذلك لا يعني القضاء على خطر الحزب بشكلٍ كامل، فطالما وُجدت عناصر الحزب في سوريا والعراق بشكلٍ نشط، فالداخل التركي يظل تحت وطأة تهديدها.

ومن جهته، صرح رئيس الأركان العسكرية، خلوصي أكار، بأن الحديث عن التفاصيل الدقيقة للخطط العسكرية سابق لآونه، منوّهًا إلى أهمية تنسيق الموقف التركي مع الأطراف الإقليمية والدولية.

وعلى الأرجح، يشير أكار بتصريحاته أعلاه إلى العراق وقيادة إقليم كردستان والولايات المتحدة على وجه التحديد، ولعل الرغبة التركية في تنسيق موقفها مع الأطراف المذكورة ينبع من حرصها على القيام بعمليةٍ عسكريةٍ تعود عليها بنتائج إيجابية.

خلاصة القول؛ تركيا تقع في مصاف الدول الإقليمية التي تحتاج إلى جسرٍ وثيق يوصلها بدولةٍ أو دولٍ عظمى توفر لها الغطاء الأمني والدبلوماسي والحقوقي خلال تحركاتها العسكرية، ولأن الدول العظمى تحتاج لإبقاء سيطرتها على أقاليم العالم الواسعة والمتناثرة عبر أفلاكٍ، دولٍ، إقليمية، يجتمع الطرفان، أي الدول الإقليمية والعظمى، في إطار مصالح بينية تجعل الدول العظمى تساند الدول الإقليمية في تحقيق هدفها، ولكن من دون التأثير في مصالحها الاستراتيجية، وهذا يعني أن الولايات المتحدة قد تساند تركيا في إتمام عملياتها العسكرية في العراق، ولكن بشكلٍ محدود خشية حدوث تصعيد جميع دول المنطقة في غنى عنه، وقد تدفع لجعل الحل السياسي مقدَمًا على الحل العسكري، لتجنب التصعيد في المنطقة التي تقع سوريا، وليست العراق، على سلم أولوياتها للحل في الوقت الحالي على الأقل. 

عن الكاتب

جلال سلمي

صحفي وباحث سياسي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس