ترك برس

تساءل سونر چاغاپتاي، مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، في مقال نشره المعهد "هل يمكن أن تتوصل واشنطن وأنقرة إلى تفاهم حول استعادة مدينة الرقة عاصمة تنظيم الدولة (داعش)؟".

يقول الباحث إن الجواب يكمن في آراء تركيا تجاه الفصائل الكردية المختلفة التي تحارب في سوريا والعراق، من بين مواضيع أخرى. وللمضي قدما في المحادثات مع أردوغان والتوصل إلى اتفاق قابل للتطبيق، اقترح الباحث أن تركز إدارة ترامب على الخطوات الأربع التالية:

الخطوة الأولى: الرقة

في معرض استعدادها لحملة الرقة، ذكرت بعض التقارير أن اختيار واشنطن قد وقع على الأكراد السوريين حليفا رئيسا على الأرض، وتحديدا وحدات حماية الشعب الكردي، والجماعة المظلية الأوسع الخاضعة لها، وهي قوات سوريا الديمقراطية.

على أن أنقرة تعترض على هذا التحالف، وتقول إن وحدات حماية الشعب وذراعها السياسي حزب الاتحاد الديمقراطي على ارتباط وثيق بحزب العمال الكردستاني، المدرج من قبل الولايات المتحدة على قائمة المنظمات الإرهابية، وهي الجماعة التي شنت حربا ضد الحكومة التركية منذ عقود.

وقد تحوّل هذا النزاع القديم من جديد إلى أعمال عدائية ناشطة بعد انهيار وقف إطلاق النار الأخير في تموز/ يوليو 2015. وسعى الرئيس أردوغان أخيرا إلى حشد أصوات لصالحه في الاستفتاء الدستوري الشهر الماضي، وذلك من خلال تعزيز صورته القومية، وبعبارة أخرى تشديد موقفه من الميليشيات الكردية.

ويأمل أردوغان اليوم في هزيمة حزب العمال الكردستاني، من أجل تمهيد الطريق لانتصار حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية عام 2019.

وتُعد هذه الاعتبارات ذات أهمية كبرى لحسابات الرئيس ترامب المتعلقة بسوريا. فصحيح أن الولايات المتحدة يمكنها شن حملة على الرقة بالاستعانة بوحدات حماية الشعب من دون مباركة تركية، إلا أن أنقرة قد تقرر لعب دور المفسد من خلال استهداف الوحدات الكردية عبر وكلائها العرب من الثوار في أماكن أخرى في شمال سوريا.

بالإضافة إلى ذلك، يعتزم الجيش الأمريكي على الأرجح استخدام القواعد التركية، بما فيها قاعدة إنجرليك، لتوفير الدعم الجوي واللوجستي والاستخباراتي الحاسم للميليشيات الكردية،. وبالتالي إذا فقدت واشنطن إمكانية الوصول إلى تلك القواعد، ستضطر عندها إلى دراسة خيارات أخرى أكثر تعقيدا.

الخطوة الثانية: سنجار

يمكن أن يقنع ترامب أردوغان بالتوصل إلى اتفاق حول الرقة بالموافقة على دعم حملة تركية محتملة ضد سنجار، وهي قاعدة ناشئة لحزب العمال الكردستاني تمتد على الحدود العراقية السورية.

وسنجار أقرب بكثير إلى روجاڨا، وهي المنطقة التي أعلن الأكراد استقلالها الذاتي في شمال سوريا، الأمر الذي يتيح لحزب العمال الكردستاني خطوط اتصال ولوجستيات ممتازة مع الأراضي الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب.

وفي حين أن القسم الأكبر من روجاڨا هو عبارة عن أراضٍ مسطحة، وبالتالي فهي عرضة للأعمال العسكرية التركية، فإن منطقة سنجار الجبلية توفر لحزب العمال الكردستاني ميزة الأرض الوعرة الأكثر ملاءمة لتكتيكات الحرب غير النظامية التقليدية التي يخوضها.

ورغم ذلك، سبق أن أشارت أنقرة إلى أنها لن تسمح لحزب العمال الكردستاني بإقامة مقر ثابت له في سنجار. وكانت القوات التركية قد ضربت المنطقة بشكل أحادي في 25 نيسان/ إبريل، ويبدو أنها مستعدة لاتخاذ المزيد من الإجراءات إذا لزم الأمر.

وفي المقابل إذا أرادت أنقرة ضرب قوات حزب العمال الكردستاني في قنديل، سيتوجب عليها الحصول على مباركة إيران، وهو الأمر الذي يبدو غير مرجح نظرا لعلاقات طهران الوثيقة مع حزب العمال الكردستاني.

وعلاوة على ذلك تدهورت العلاقات التركية الإيرانية نتيجة مواقفهما المتعارضة من الأحداث في سوريا المجاورة، إذ أن أنقرة تدعم المتمردين في سوريا والأكراد والعرب السنة في العراق، في حين تساند طهران نظام الأسد في سوريا والحكومة المركزية التي يهيمن عليها الشيعة في بغداد.

ومن المرجح أيضًا أن ينفذ الأتراك عملية في سنجار نظراً للدعم القوي الذي يحصلون عليه من الحزب الديمقراطي الكردستاني» العراقي الذي يهيمن على حكومة إقليم كردستان ويسيطر على المنطقة المحيطة بجبال سنجار.

وقد طلب الحزب الديمقراطي الكردستاني من حزب العمال الكردستاني الانسحاب من سنجار، مستشهدا بمثال كوباني في سوريا – حيث كان مقاتلو «الحزب الديمقراطي الكردستاني» قد دخلوا تلك المدينة في تشرين الأول/أكتوبر 2015 لمساعدة وحدات حماية الشعب على صد هجوم تنظيم «الدولة الإسلامية»، ولكنهم غادروا على الفور بعد إكمال مهمتهم.

ولدعم موقف «الحزب الديمقراطي الكردستاني» من سنجار، حدثت مناوشات بينه وبين قوات «وحدات مقاومة سنجار» هناك في مارس الماضي.

وخلال زيارته إلى البيت الأبيض، سيسعى أردوغان على الأرجح إلى الحصول على الدعم الأمريكي لعملية محتملة قد تنفذها تركيا والحزب الديمقراطي الكردستاني لإخراج وحدات مقاومة سنجار وحزب العمال الكردستاني من سنجار.

وقد يعني ذلك التعهد بمساعدة أنقرة تهدئة الاعتراضات العراقية على العمليات التركية في سنجار، وهي إحدى المناطق العديدة محل خلاف بين بغداد و حكومة إقليم كردستان. وقد يقنع هذا التعهد أردوغان بأن لا يعارض بصورة نشطة حملة من قبل الولايات المتحدة ووحدات حماية الشعب على الرقة.

وبصورة إجمالية، فإن زيادة المساعدات الأمريكية لتركيا ضد حزب العمال الكردستاني، بما في ذلك في مجال الاستخبارات، ستُظهر لأردوغان أنه عقد اتفاقا جيدا مع الرئيس ترامب.

الخطوة الثالثة: غولن

من وجهة نظر الباحث لم تقدم أنقرة  بعد أدلة للولايات المتحدة على أن غولن هو من أمر شخصيا بتنفيذ الانقلاب. ولكن مسألة تسليم غولن ستكون على رأس الملفات التي يحملها اردوغان إلى واشنطن.

ومن شأن إظهار التعاطف مع مخاوف أردوغان بشأن هذه القضية أن يساعد الرئيس ترامب على عقد اجتماع مثمر معه، قد يتضمن اتفاقا محتملاً حول الرقة وسنجار.

الخطوة الرابعة: الديموغرافيا في تركيا

يشير الباحث إلى أن الاستفتاء الأخير على تعديل الدستور في تركيا قد خلق حالة من الاستقطاب الحاد في المجتمع التركي ، ومن هنا ينصح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن يشجع الرئيس أردوغان بشكل غير علني على الاعتراف بتنوع تركيا والسماح بحريات أوسع للتخفيف من حدة التوترات الاجتماعية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!