ترك برس

تناولت جريدة سعودية عودة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى قيادة حزب العدالة والتنمية الحاكم، ورأت أن تركيا على أبواب عصر جديد، وأن العامين المقبلين ولا سيما الأشهر الستة الأولى منهما ستحمِل كثيرا من المفاجآت على صعيد السياسات الخارجية والداخلية.

وقالت جريدة الرياض، في تقرير لها، إن أردوغان اضطر في 27 أغسطس/آب 2014 إلى الاستقالة من زعامة حزب العدالة والتنمية الذي أسسه مع عدد من أصدقائه في 14 أغسطس 2001 أي بعد ثلاثة عشر عاماً وثلاثة عشر يوماً، ليتسنى له الترشح لمنصب رئيس الجمهورية التركية، وتخلى وقتها عن حلمه -ترؤس الحزب والبلاد في آن معا- ولكن إلى حين.

وأضاف التقرير أنه وخلال السنوات الثلاث التي تلت استقالته من رئاسة الحزب، عمل أردوغان ليل نهار، ودونَ كلل أو ملل على تحقيق ذلك الحلم الذي لم يستطع أسلافه تورغوت أوزال وسليمان ديميريل تحقيقه رغم تمنيهم ذلك علناً.

ورأى أنه لتحقيق الحلم لجأ إلى الشعب الذي كان يدرك أردوغان أنه مل وسئم بل وكره الحكومات الائتلافية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي وأوائل الألفية الجديدة، والتي لم تجلب لتركيا سوى الفقر والدمار السياسي، وأن هذا الشعب يبحث عن الاستقرار السياسي والاقتصادي.

ولأن أردوغان حقق ذلك الاستقرار للشعب خلال حكمه الذي بدأ في عام 2003، ولأنه ليس لأردوغان بديل يملأ مكانه، دعا إلى استفتاء شعبي لتعديلات دستورية تمكن أردوغان من جمعِ السلطات التنفيذية في يديه، وكان له ما أراد، وحصل على موافقة نحو 52% من الناخبين ليبدأ الخطوة الأولى نحو عهد جديد في تركيا، ثم تلت ذلك الخطوة الثانية وهي العودة إلى رئاسة الحزب، وقد تحققت هي الأخرى أيضا.

واعتبرت الجريدة السعودية أن الدور يأتي الآن على الخطوة الثالثة وهي إلغاء منصب رئيس الوزراء وتشكيل برلمان جديد مكون من 600 عضو بدلا من 550 عضوا وذلك عقب الانتخابات الرئاسية والنيابية المنتظرة في عام 2019.

وأشار التقرير إلى أنه للوصول إلى الخطوة الثالثة يتوقع أن يقوم الرئيس أردوغان بعدد من العمليات الجراحية في حزب العدالة والتنمية والحكومة، ووفق ما يدور في كواليس السياسة في أنقرة، فإن أولى العمليات بدأت مع انتخابه من جديد لقيادة الحزب الحاكم، بتغيير 19 عضواً من أعضاء المجلس المركزي لاتخاذ القرار في حزب العدالة والتنمية المكون من خمسين عضواً، وهو الفريق الذي سيعمل معه أردوغان في الحزب في المرحلة المقبلة.

وتابع: يلاحظ في المجلس الجديد خلوه من الحرس القديم للحزب الحاكم فيما عدا أربعة أو خمسة أسماء معروفة بولائها التام للرئيس أردوغان، والحضور القوي للشباب الذي يوليه أردوغان اهتماما خاصا، ويؤكد على احتضانه وإعطائه الفرصة للقيادة داخل الحزب والحكومة.

والعملية الثانية ستطال الحكومة الحالية التي يرأسها - الرجل الوفي لأردوغان – بن علي يلدريم، ويتوقع أن يجري أردوغان تغييراً وزارياً بسيطاً قبل نهاية هذا الأسبوع يطال على الأقل عشرة وزراء من الوزراء الحاليين، على أن يطال التغيير الوزارات الخدمية أكثر من غيرها.

والعملية الثالثة ينتظر أن تطال بعض رؤساء البلديات غير المرضي عنهم، والذين كثرت شكاوى المواطنين منهم، فضلاً عن ضعف أدائهم في الاستفتاء الأخير الذي خسر فيهِ حزب العدالة والتنمية بعض قلاعِه كإسطنبُول وأنقرة وحتى بعض البلدات والأحياء داخل تلك القلاع.

وقالت الرياض: بحكم أنّ رؤساء البلديات وصلوا إلى مواقعهم بالانتخابات الشعبية، فإن أردوغان لن يعمل على عزلهم أو تغييرهم، وإنما قد يلجأ إلى أساليب تأديبية أخرى مع بقائهم على رأس عملهم إلى موعد الانتخابات البلدية في عام 2019 الذي سيكون عام الانتخابات بامتياز في تركيا.

ولفتت إلى أن الرئيس أردوغان وفي خطاب عودته إلى قيادة الحزب الحاكم قال إنه سيرسم خارطة طريق مدتها ستة أشهر، ويتوقع أن تحدد هذه الأشهر الستة ملامح العهد الجديد في تركيا.

وكان لافتاً للنظر تأكيده أنه لا هوادة في محاربة التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها جماعة فتح الله غولان التي أصبحت خطا أحمر بالنسبة له، وأنه لا تصالح أبدا معها، وسيواصل محاربته لها حتى النهاية، أما التنظيم الآخر فهو حزب العمال الكردستاني الذي قال إن سيعمل على محوه تماما، ولن يلغي حالة الطوارئ المعمولة بها في البلاد منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة في يوليو الماضي إلى أن تنعم تركيا بالاستقرار والأمن والرفاه.

داعيا إلى نسيان عملية السلام التي قادتها الحكومة مع حزب العمال الكردستاني لحل المشكلة الكردية في تركيا قبل بضع سنوات ولم تنجح لأسباب كثيرة، مؤكدا أن أي عملية سلام جديدة ستكون وفق ظروفها.

وذهب التقرير إلى أن أردوغان لم يغلق الباب أمام الاتحاد الأوروبي، وتركه مواربا، ولكنه أرسل رسائل مهمة للاتحاد الذي يخوض مع تركيا مفاوضات ماراثونية منذ عام 2005 لضم تركيا إلى عضويته، ويبدو أن قمة حلف الشمال الأطلسي (ناتو) في بروكسل، ولقاءات الرئيس إردوغان مع نظرائه الأوروبيين ستحدد بشكل أوضح مستقبل العلاقات التركية الأوروبية.

وفي كل حال من الأحوال وحتى إن لم تحصل تركيا على عضوية الاتحاد الأوروبي، وهو المتوقع في نهاية المطاف، فإن القيادة السياسية التركية لن تعمل على قطع علاقاتها بالاتحاد ولا بدولِه، وستُحافظ على شعرة معاوية في تلك العلاقات، حسب رأي الرياض.

وخلص التقرير إلى أن العامين المقبلين ولا سيما الأشهر الستة الأولى منهما ستحمِل كثيرا من المفاجآت السياسية في تركيا سواء على صعيد السياسة الخارجية أم السيّاسة الداخلية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!