ترك برس

ينتظر جميع المسلمين قدوم عيد الأضحى المبارك، ففيه يتقرّب العبد من ربه بذبح الأضاحي والقرابين وتوزيعها على الفقراء والمحتاجين، ولعيد الأضحى نكهة خاصة في العهد العثماني، فكان للعثمانيين عادات وتقاليد متنوعة في عيد الأضحى نذكر منها ما يلي:

ضرب المدافع في يوم عرفة

كانت تضرب المدافع في العهد العثماني وفي عيد الأضحى على وجه الخصوص ابتداءً من يوم عرفة وحتى صلاة عصر اليوم الرابع من العيد.

كما كانت الأضاحي الخاصة بالسلطان وعددها تسع، تجهز من قبل موظفي القصر ويتم تغذيتها والاعتناء بها جيدا قبل موعد الذبح، اثنتان منها تذبح في يوم عرفة في قصر طوب كابي (Topkapı Sarayı) وتوزع على إحدى المدارس الدينية، والسبعة الباقية تذبح في اليوم الأول في القصر بمراسم عثمانية  أمام صخرة "بينك".

وتُجلب الأضاحي من مزارع تربية مواشي في الأناضول وأراضي الدولة العثمانية في ولاية أرضروم، ويتم توزيعها على مدرسة دار السعادة الدينية. وحسب الإحصائيات فقد وصلت أعداد الماشية التي أحضرت من هناك في عام 1827 إلى قرابة 94 ألفًا و700. 

 توزيع هدايا العيد في الجوامع

ومن العادات العثمانية الجميلة في العيد أيضًا توزيع الهدايا قبل حلول العيد في الجوامع، فكان يمنح الضباط العسكريون وموظفو الدولة راتبًا إضافيًا "كإكرامية" قبل قدوم عيد الأضحى بقليل في عدد من الجوامع مثل أيا صوفيا والسلطان أحمد ومحمد الفاتح وغيرها من المساجد الكبيرة.

وكانت توزع اللحوم والسكر والحلوى للعسكر، وكان يُعطى أفراد الشرطة طرابيش أو ما يعادلها من المال.

وكانت الدولة في العهد العثماني تخفف من أحكام السجناء أو تعفو عنهم بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، وكان يتم توزيع الحلوى على المساجين في اليوم الأول.

صلاة العيد

في ليلة يوم العيد الأول يجوب حارس كل حي حيّه مناديًا على الناس ومذكرا بضرورة القيام لصلاة العيد، وكان يفعل الحراس ذلك حتى الصباح مستعملين الطبول والأشعار. 

ومع حلول وقت صلاة العيد يتوجه الكبار مصطحبين معهم الصغار إلى الجوامع ويرتدي الجميع ثياب العيد ويتعطرون بالمسك والعنبر. كما كان موظفو الدولة يتوجهون إلى قصر السلطان بناءً على دعوته مرتدين ثيابهم الرسمية حسب مهامهم ومراتبهم في الدولة. 

وكانت مراسم تبادل تهاني العيد تتم في قصر طوب كابي حتى منتصف القرن التاسع عشر، واعتبارا من عام 1867 أصبحت تقام في صالة المعايدة الكبيرة في قصر "دولمابهاتشة" (Dolmabahçe Sarayı)، إلا أنه في عهد السلطان عبد الحميد كانت مراسم العيدين تقام في "قصر يلدز" (Yıldız Sarayı).

وكان السلطان يختار أي الجوامع التي سيصلي فيها صلاة العيد، وبشكل عام كان السلاطين يختارون جامعي أيا صوفيا والسلطان أحمد. وكان من عاداتهم إقامة صلاة الفجر في غرفة مقتنيات النبي محمد ﷺ في اليوم الأول من العيد.

وكانوا يتوجهون إلى المقابر بعد الانتهاء من صلاة العيد مباشرة.

 وثيقة تنبيهات العيد (Bayram Tenbihnamesi)

قبل حلول عيد الأضحى كان السلطان يصدر وثيقة تنبيهات خاصة بالعيد مكونة من عدة نقاط لتنبيه الناس على مراعاة بعض القواعد قبل وخلال أيام العيد. وتحض هذه القواعد الناس على ضرورة البدء بأعمال التنظيفات في المنازل والقصور والتحلي بالأخلاق الحميدة خلال أيام العيد.

الحرص على عدم إلحاق الأذى بالذبيحة

كان الناس في العهد العثماني يشترون الأضحية قبل سنة من ذبحها، وحسب عاداتهم فبعد شراء الأضحية تصبغ بالحناء وتغذى بشكل جيد، لكن ما نشاهده في أيامنا الحالية من تجاوزات ومن تعذيب الأضاحي قبل الذبح مستحيل أن نراه أيام العثمانيين، حتى أنه كان جر الحيوانات بالحبل جرم يعاقب عليه القانون، بالإضافة إلى ضرورة التأكد من سلامة الأضحية من العيوب والأمراض وفحص عيونها وأن تكون ذكرا. 

وكان السلطان يختار الكبش صغير الحجم وليس كبيرًا لسهولة تكاثره وللذة لحمه.

 دفتر الديون (Zimem Defteri)

ومن العادات الجميلة أيضا التي تظهر التعاون والتكافل الاجتماعي بين الناس ومساعدة الآخرين في العهد العثماني وخصوصا في العيد، هي تسديد ديون البقالة والباعة، فيدخل الشخص إلى أي بائع لا على التعيين في حي آخر ويطلب من البائع فتح دفتر الديون ويختار اسما عشوائيا ويسدد جميع ديونه.

 لحوم الأضاحي لا تؤكل مباشرة

في ديننا لا يجوز أكل اللحم المدمى ولهذا السبب لا يجوز أكل لحم الأضحية مباشرة، بل كان يُنتَظَرُ اللحم "ليرتاح" كما يقال. وكانت تُقسّم الأضحية إلى ثلاثة أقسام، قسم للشخص وعائلته وقسم يوزع للفقراء والمحتاجين وقسم يوزع للأقارب والأصدقاء.

مربى النارنج (Turunç Reçeli)

كان الناس يحرصون على عدم القيام بزيارات العيد عند أوقات طعام الغداء. كما أنهم كانوا يأكلون مربى النارنج من أجل المحافظة على عدم تضرر الجهاز الهضمي من كثرة أكل اللحوم.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!