إبراهيم ناصر - مركز أنقرة لدراسة الأزمات والسياسات - ترجمة وتحرير ترك برس

تخبرنا الأحداث التاريخية أن تركيا اضطلعت بدور أساسي في حراسة القرن الأفريقي ضد الأعداء الخارجيين.فخلال العصر العثمانية، على سبيل المثال، عندما سعى البرتغاليون لغزو المنطقة  وتكدير حياة سكانها؛ هرع السلطان العثماني لحماية المنطقة بإرسال قواته البحرية إليها.

وبعد قرن من الزمن، تعود تركيا إلى المنطقة لحمايتها من الأعداء الداخليين والخارجيين،وذلك بإطلاق معسكر تدريب عسكري في العاصمة الصومالية، مقديشو، في شهر سبتمبر الحالي المقبل. وهكذا، فإن القاعدة ستكون ثاني أكبر قاعدة خارجية للجيش التركي في العالم.

ويتفق كثير من المحللين على أن تركيا ليس لها سياسة استعمارية في أفريقيا خاصة في الصومال، وأن هدفها الوحيد هو مساعدة الناس المضطهدين في أفريقيا على إعادة بناء دولهم. أما القوى الاستعمارية، ونعني بها الأوروبيين، الذين يشعرون بالضيق إزاء السياسة التركية في أفريقيا، فإنها تدبر هجمات، مثل هجوم مطعم عزيز إسطنبول في عاصمة بوركينا فاسو، واغادوغو.

ما هو الغرض من إقامة القاعدة التركية؟

يعاني الصومال، كما هو معروف، منذ انهيار نظام سياد بري في عام 1991، من الحرب الأهلية والإرهاب وغياب المؤسسات الحكومية العسكرية أساسا. وفي هذا الصدد، تتوق تركيا إلى إنشاء قاعدة عسكرية في الصومال لتدريب الجيش الصومالي. وفي رأيي أن القاعدة ستؤدي دورا مهما في تعزيز القوات العسكرية الصومالية،وهو ما يسهم في إعادة الأمن إلى الصوماليين.

وإلى جانب الوكالة التركية للتعاون والتنسيق (تيكا) والهلال الأحمر التركي (كيزيلاي)، فإن القاعدة العسكرية التركية في مقديشو ستعزز القوة الناعمة لتركيا في المنطقة. وبالإضافة إلى الوجود العسكري، ستعزز القاعدة من مصداقية تركيا بوصفها لاعبا أساسيا في أمن المنطقة.

إن هدف تركيا من إقامة القاعدة العسكرية في الصومال هو اقتلاع الإرهاب من جذوره قبل الاصطدام به، مثلما فعلت في سوريا والعراق. كما أن تركيا حريصة على القيام بدور مهم في حل الأزمات الإقليمية لأنها تلعب أيضا دورا رئيسيا في حل أزمة الخليج الحالية بإرسال قواتها إلى قطر.

أعلن رئيس الصومال، محمد عبد الله فرماجو، بعد انتخابه بدء عصر الوحدة. وكانت أول خطوة يتخذها دعوة أعضاء منظمة "الشباب" الإرهابية إلى نزع أسلحتهم، بوصفهم تهديدا كبيرا لوحدة الصومال. ولم تظهر منظمة الشباب أي اهتمام بهذا النداء، بل على العكس من ذلك، زادت أنشطتها الإرهابية في مقديشو. لدى الرئيس فرماجة إمكانية كبيرة لهزيمة حركة الشباب، حيث إنه مهتم بإعادة بناء الجيش من خلال الحصول على دعم الأتراك. بالإضافة إلى ذلك، ولتحقيق هذا الهدف، شارك في قمة لندن  لدعم الصومال في العام الماضي. وكان على رأس جدول أعمال هذه القمة  بناء جيش صومالي قوي وتعهد جميع الداعمين (وخاصة تركيا وبريطانيا والإمارات) بدعم هذه المبادرة.

المخاطر المحتملة

يحرص الرئيس فرماجو حرصا شديدا  على مكافحة الجماعات الإرهابية في الصومال بإعادة تشكيل الجيش الوطني الصومالي وتجديده. ومنذ انتخابه رئيسا جديدا، تمكن من خفض عدد الهجمات الإرهابية في الصومال. وفي هذا السياق، قد لا تتعرض القاعدة العسكرية التركية لهجمات إرهابية لأن الأمن قد استقر في بعض أجزاء الصومال، ولا سيما في مقديشيو.

وعلاوة على ذلك، فإن تركيا لديها جنود وقواعد عسكرية في كثير من البلدان، ولا  تتعرض قواتها في هذه الدول إلى هجمات إرهابية ، وهذا يعني أن هذه الدول  تثق  بالقوات المسلحة التركية بسبب محاربتها للإمبريالية والمظالم في جميع أنحاء العالم. بيد أن شن هجوم إرهابي على القوات التركية ليس أمرا مستحيلا.

والخلاصة إن القاعدة العسكرية التركية ستضطلع دون شك بدور مهم في إعادة تشكيل الجيش الصومالي الذي سيعيد الاستقرار في الصومال. ومن المؤكد أن استقرار الصومال سيؤدي إلى أمن القرن الأفريقي.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس