ترك برس

رأى الباحث المتخصص في الشؤون الدولية والاستراتيجية علي حسين باكير، أن هناك إمكانية لأن تلعب قطر دورًا في التقريب بين تركيا وألمانيا، تمهيداً لعودة العلاقات بينهما إلى مسارها الطبيعي.

وفي مقال تحليلي بصحيفة العرب القطرية، قال باكير إن العلاقات التركية - الألمانية تشهد حالة غير مسبوقة من التدهور، ولم يسبق لها مثيل، ربما منذ الحرب العالمية الثانية.

يترافق ذلك مع حملات إعلامية متبادلة بين الطرفين، وتصريحات رسمية متشنّجة، ساهمت في تعقيد الأزمة بين الطرفين، ودفعها إلى مستوى جديد من التصعيد، قاطعةً الطريق على محاولات التهدئة وضبط النفس.

وأضاف باكير أن الأزمة أدّت حتى الآن إلى تضرر العلاقات السياسية بين البلدين بشكل كبير، تبعه تراجع في التعاون العسكري إثر مغادرة القوات الألمانية قاعدة إنجرليك الجوية.

وعلى الرغم من أن كثيراً من المراقبين كانوا يخشون أن تطال الانعكاسات السلبية للأزمة القطاع الاقتصادي والتعاون التجاري بينهما، إلا أن الآثار السلبية التي لحقت بهذا القطاع لا تزال في حدّها الأدنى وفق بعض التقارير التي تناولت هذا الشق بالتحديد.

وبحسب الباحث، يراهن البعض على أن انتهاء الانتخابات التشريعية الألمانية يوم السبت الماضي، سيفتح الباب لإعادة الهدوء والاستقرار إلى العلاقات السياسية بين البلدين، سيما وأن هذه الحملة الانتخابية كان لها أثر كبير في تعميق الخلاف والهوّة بين البلدين في الآونة الأخيرة.

لكن في المقابل، هناك من يعتقد أن الخلافات بين البلدين في بعض الملفات السياسية أصبحت عميقة، ومن غير المتوقع لها أن تُحل من تلقاء نفسها بعد انتهاء هذه الانتخابات.

وتابع باكير.. إذا ما صح هذا الأمر، فسيكون هناك حاجة ربما إلى مساعدة أطراف خارجية. وفي هذا السياق، من الممكن لقطر أن تلعب دوراً في التقريب بين أنقرة وبرلين، تمهيداً لعودة العلاقات بينهما إلى مسارها الطبيعي.

لماذا قطر؟ لأنّ هناك مصلحة قوميّة لها في أن لا يصطدم الطرفان. تركيا وألمانيا بلدان مهمّان بالنسبة لها على الصعيد الإقليمي والدولي، وهذا بحد ذاته دافع لمحاولة الحفاظ على علاقات متداخلة بين الحلفاء في وجه التحديات المتراكمة إقليمياً ودولياً.

أضف إلى ذلك أنّ الدوحة تتمتّع بعلاقات ممتازة مع الطرفين، وقد ظهرت قيمة هذه العلاقات في الأزمة المصيريّة الأخيرة . أنقرة كانت الأسرع في دعم الدوحة، والالتزام بالاتفاقات الاستراتيجية الموقعة بينهما على المستوى الإقليمي، وكذلك كانت برلين الأسرع على المستوى الدولي في رفض إجراءات دول الحصار، ورفض منطق الرئيس الأميركي ترمب في هذه الأزمة.

انتهاء الانتخابات الألمانية قد يساعد الجانب القطري في حال قرر المبادرة للقيام بمهمّة الوساطة، وإذا ما بقي الائتلاف الحاكم قائماً في ألمانيا، فسيكون هناك حاجة بالتأكيد للحفاظ على الحلفاء (تركيا وألمانيا).

لن تكون المهّة سهلة بطبيعة الحال، فالملفات الخلافية بين الطرفين شائكة ومعقدة ومتعددة، لكن من الممكن للدوحة أن تنطلق من الملفات الأقل صعوبة، والأكثر إلحاحاً في حال موافقة الطرفين على ذلك.

الملف الإعلامي ووقف الحملات الإعلامية بين الطرفين يعتبر بداية جيّدة، وفي جميع الأحوال إن لم يتحقق تقدّم كبير في هذا المجال، تكون الدوحة قد منعت على الأقل التصعيد في الأزمة بين الطرفين، وهذا بحد ذاته إنجاز مهم في هذه الفترة.

أما إذا نجحت في ردم الفجوة بين البلدين، فتكون قد حققت مكسباً كبيراً على الصعيد الإقليمي والدولي في هذه المرحلة الحرجة، وفقًا للكاتب.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!