ترك برس

توقع باحثون ومحللون سياسيون أن يزداد التصعيد بين تركيا وإسرائيل، وأن يصل إلى حدود الأزمة السياسية الحقيقية، بسبب دعم الأخيرة استفتاء انفصال إقليم شمال العراق الذي عدّته أنقرة تهديدًا للأمن القومي التركي.

وشدّد هؤلاء على أن التوتر الجديد يكشف عن هشاشة العلاقات التركية الإسرائيلية، رغم تجاوزها أزمة سفينة "مافي مرمرة" التي قتلت إسرائيل فيها عشرة ناشطين أتراك أثناء إبحارهم في سفينة كسر الحصار عن قطاع غزة الفلسطيني أواسط عام 2010.

جاء ذلك بحسب تقرير لشبكة الجزيرة القطرية، أشار إلى عودة التوتر إلى العلاقات التركية الإسرائيلية من جديد، ولكن هذه المرة من بوابة استفتاء انفصال إقليم كردستان شمالي العراق.

فقد انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعم إسرائيل للانفصال الكردي، وقال إنها الدولة الوحيدة التي تدعم هذه الخطوة، معتبرا ذلك "خيانة" لن ينفع الإقليم اعتماده عليها.

وبحسب الجزيرة، تبدو العلاقات التركية الإسرائيلية مرشحة لمزيد من التوتر، في ظل ابتعاد الموقف الإسرائيلي المعلن بدعم الانفصال عن مواقف حلفائها، بمن فيهم الولايات المتحدة الأميركية التي عارضته من جانبها.

كما ينسجم تصعيد الموقف مع إسرائيل من قبل أردوغان مع نبض الشارع التركي، الذي يشبّه قيام كيان كردي بناء على استفتاء 25 سبتمبر/أيلول الجاري بقيام إسرائيل عام 1948.

فقد عرضت وسائل الإعلام التركية في الأيام الماضية صورا لمحتفلين أكراد كانوا يرفعون العلم الإسرائيلي في شوارع مدن الإقليم الكردي ابتهاجا بإجراء الاستفتاء الذي صوت 92% من المشاركين فيه على انفصال الإقليم، وشنت هجوما لاذعا عليهم واصفة الإقليم "بإسرائيل الجديدة".

وقال الباحث في مركز رؤية للدراسات السياسية، حسن عبيد، إن اتهام أردوغان لإسرائيل على وجه التحديد بدعم الانفصال الكردي، رغم أن هناك دولا أخرى تدعم الانفصال سرا، يعود إلى جملة من الملفات التي تحول دون مزيد من التقارب بين أنقرة وتل أبيب.

ورأى أن عمل تركيا مع إيران على ضرب مسار الانفصال، سيزيد توتر العلاقات مع إسرائيل، لأنه يستهدف حلفاء الأخيرة في كردستان العراق، وسيخلق معركة غير مباشرة تفجر الخلاف بين الطرفين.

وأشار عبيد إلى أن تركيا تدرك أن إسرائيل حافظت على علاقات عسكرية وتجارية غير معلنة مع أكراد العراق منذ عقود، وأنها ما زالت تنظر للأكراد بوصفهم خطاً فاصلا في مواجهة خصوم مشتركين.

ولفت إلى أن اتهام تركيا لإسرائيل يحرض شعوب المنطقة ضد الانفصال بوصفه رغبة إسرائيلية، كما يوصل رسالة للشعوب بأن إسرائيل وحدها هي المستفيدة من حالات ضعف وتفكك دول المنطقة كالعراق وسوريا عبر دعم حركات الانفصال.

وذكر عبيد أن اتهام أردوغان لإسرائيل بدعم الانفصال يمنح أنقرة ورقة ضغط مضادة للضغوط الإسرائيلية، بعدما ظلت تل أبيب تتهم تركيا باستضافة نشطاء فلسطينيين يشكلون خطرا عليها من حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي.

كما أوضح أن تركيا تدرك أن دعم إسرائيل للأكراد يمكن أن يمنحهم يدا عليا على باقي أقليات المنطقة خاصة التركمان، وهو ما يعني واقعيا تهديدا مباشرا لها.

من ناحيته، لم يستبعد الكاتب والمحلل السياسي التركي مصطفى أوزغان أن تتطور الأزمة بين تركيا وإسرائيل إلى حد تجميد العلاقات بين البلدين، وقال إن الأزمة متجذرة في الملف الكردي، لكن ملف استفتاء الانفصال دفع بها إلى الواجهة من جديد.

ورأى، خلال حديثه لشبكة الجزيرة، أن تجذر الخلاف يعود إلى الدعم السياسي والعسكري الإسرائيلي المعروف لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة حزبا إرهابيا.

وأشار أوزغان إلى أن التصريحات الإسرائيلية التي صدرت من أعلى مستويات حكومة تل أبيب أثارت حفيظة تركيا، مذكرا بتصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزيرة العدل في حكومته أياليت شاكيد اعتبرا فيها قيام دولة كردية مصلحة لإسرائيل في مواجهة تركيا وإيران.

ووفقا لأوزغان فإن تركيا تدرك أن اليد الإسرائيلية أينما امتدت فإنها تمتد لتخرب على تركيا وتضر بها، حسبما نقلت الجزيرة القطرية.

كما لفت إلى أن تل أبيب وأنقرة تقفان مواقف متعارضة حيال كثير من القضايا الإقليمية، وأهمها القضية الفلسطينية وملف المصالحة الداخلية الذي تدعمه تركيا وترفضه إسرائيل، إضافة إلى دعم تركيا لدولة قطر في مواجهة دول الحصار العربية التي تدعمها إسرائيل في المقابل.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!