مريم غيبري – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس

إنّ الذين يتعرّضون لصفعات الشّعب في كلّ استحقاقٍ انتخابي، نجدهم الآن يحاولون مرّة أخرى عقد اتّفاقيات وتحالفاتٍ بين بعضهم البعض كي يستطيعوا مجابهة حزب العدالة والتنمية.

وعلى الرّغم من خيبة الأمل التي أصابتهم نتيجة الاتّفاق والتّحالف مع الكيان الموازي خلال انتخابات الإدارة المحليّة وانتخابات رئاسة الجمهورية التي جرت مؤخّراً، إلّا أنّهم لا يتوانون عن عقد مثل هذه التّحالفات والاجتماع تحت سقفٍ واحد.

كما أنّنا نجد الأحزاب الجديدة التي تمّ تأسيسها من قِبل النوّاب الذين انشقّوا من أحزابهم، تبحث عن أحزابٍ كبيرة لكي تعقد تحالفاً معهم. فبعض هذه الأصوات تُنادي بتحالف حزب الشّعب الجمهوري (CHP) وحزب الاتحاد الكبير (BBP) وحزب السّعادة (SP) مع الكيان الموازي الذي يتزعّمه فتح الله غولن الملاحق قضائيّاً، حتّى أنّنا سمعنا مؤخّراً نيّة حزب الشّعب الجمهورية بالتحاد مع حزب الحرية والتّعاون (ÖDP).

وكلّ هذه التّحالفات لها هدف واحد، وهو الانتصار على حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة، وبالتّالي الإطاحة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان. فهم الآن يسألون أنفسهم لماذا يظفر حزب العدالة والتنمية في كلّ استحقاق انتخابي، ويجيبون على أسئلتهم بالشّكل التالي:

1 – يقولون إنّ حزب العدالة والتنمية يجيد استغلال العامل الدّيني بشكلٍ جيد. أي أنّ حزب العدالة والتنمية حزب إسلامي.

2 – يقولون إنّ الشّعب التركي، شعب جاهل وغير مثقّف. وإنّ المثقّفين قلّة وهم يدلون بأصواتهم لحزب الشّعب الجمهوري. ولكن هذه النّسبة لا تكفي لإيصال حزب الشّعب الجمهوري إلى سُدّة الحكم في البلاد.

3 – يقولون إنّ العامل الثالث لنجاح العدالة والتنمية في الاستحقاقات الانتخابية، هو الاستقرار السياسي. فهم يتمنّون بأن تتعرّض البلاد لأزمةٍ إقتصاديّة، كي يطيحوا بالرّئيس أردوغان في ليلةٍ واحدة كما فعلوا مع رئيس الوزراء الأسبق بولنت أجاويد.

4 – أمّا العامل الأخير لنجاح حزب العدالة والتنمية في الانتخابات بحسب رأيهم، فهو عدم توفّر الحزب البديل للعدالة والتنمية. وهذا بمثابة الاعتراف الرّسمي بفشلهم وعدم ثقة الشّعب بهم.

والآن لنأتي على هذه المبرّرات الأربعة ونتعمّق في الحديث حولها.

المُبرّر الأول:

لو نظرنا إلى الأحزاب الموجودة حاليّاً في تركيا، نجد أنّ عدداً من هذه الأحزاب يعمل باسم الدّين ويدعو إلى تطبيق قواعده أكثر من حزب العدالة والتنمية، ناهيك عن أنّ رئيس حزب الشّعب الجمهوري كمال كلتشدار أوغلو نفسه، قام بإنشاء مسجدٍ في مقرّ حزبه واستقدم "محمد بيكار أوغلو" المعروف بميوله الدّينيّة إلى قيادة الحزب. كما أنّنا نعلم جيّداً أنّ أعضاء حزب الشّعب الجمهوري يخطّطون للذّهاب إلى العمرة بشكلٍ جماعي.

أودّ أن أُذكّر في هذا الصّدد بأنّ هذه الأمّة اختبرت الأحزاب العلمانيّة أكثر من مرّة وسلّمتها السلطة. لكنّهم فشلوا في كل مرّة ولم يستطيعوا النّهوض بالبلاد.

المُبرر الثاني:

يقولون إنّ الشّعب التركي، شعب جاهل وغير مثقّف. فهذا كذب يعرفه القاصي والدّاني ففي كل استحقاقٍ انتخابي يكرّرون هذه المقولة. وبحسب المعطيات الرّسمية فإنّ نسبة المثقّفين الذين يدلون بأصواتهم لحزب العدالة والتنمية، أكثر بكثير من المثقفين الذين يصوّتون لصالح حزب الشّعب الجمهوري. فحزب العدالة والتنمية يحصد أصوات ما يقارب 25 مليون ناخب تركي. لكن إن كان مقصدهم من وراء هذا الادّعاء هو إهانة الشّعب، فهذا شيء قد اعتدنا عليه من اليساريّين.

المُبرّر الثّالث:

التّناقض الحاصل داخل أحزاب المعارضة. إنّ أحزاب المعارضة في تركيا تناقض نفسها عندما تزعم بأنّ الاقتصاد التركي على وشك الانهيار. والصّحيح أنّ اقتصادنا ينمو ويقوى يوماً بعد يوم والأرقام الرسميّة تُفنّد مزاعم المعارضة في هذا الخصوص.

المُبرّر الرابع:

عدم وجود حزبٍ بديل لحزب العدالة والتنمية. الشّعب التركي مُدرك للمؤامرات والخطط التي تُحاك ضدّ رئيسهم وحكومتهم. فالشّعب يرى كيف يتمنّى هؤلاء أن تحدث كارثةٌ تدمّر البلد كي تسنح لهم الفرصة للإطاحة بالرئيس أردوغان وبالحكومة الحاليّة.

إنّ الحياة ليست عبارة عمّا يُشاع في وسائل التّواصل الاجتماعي، فهؤلاء مهما انتقدوا الحزب الحاكم، فإنّ هناك واقع لا يمكن إنكاره وهو أنّ الشّعب التركي يرى الواقع الحقيقي ويعيشه.

عن الكاتب

مريم غيبري

كاتبة في صحيفة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس