نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

بينما تتالت المؤشرات الملفتة للانتباه على الصعيد السوري، شهدنا تطورات مثيرة في الأيام الأخيرة من العام الماضي. ومن المفيد النظر عن كثب إلى الجانبين الأمريكي والروسي من أجل فهم سير الأمور.

يبدو البلدان اليوم وقد وضع كل منهما خريطة طريقه حيز التطبيق في سوريا. على الرغم من وجود بعض الاعتراضات المتبادلة إلا أنه لا يخفى على عين الناظر "الانسجام الغريب" في ممارسات البلدين.

ويبدو أننا سنخصص المزيد من الوقت في الأعوام القادمة من أجل القضايا المتعلقة بسوريا مع ظهور خفايا هذه العلاقة الغريبة.

وقعت روسيا اتفاقية مع نظام الأسد لاستخدام قاعدتين بحرية وجوية لمدة 49 عامًا، لتحقق بذلك أحد أهدافها السياسية، حيث ربطت بين البحرين الأسود والمتوسط، مجسدة بذلك "التحدي"، الذي تحدثت عنه وثيقة استراتيجية الأمن القومي الأمريكي.

وتبدو روسيا عازمة على حل آخر المشاكل العالقة في سوريا، ومنها تصفية المجموعات "الجهادية" في إدلب وجمع "المعارضة المناسبة" والمنسجمة مع المفاوضات.

ويتضح من التصريحات الروسية أن موضوع إدلب سيشغل الأجندة كثيرًا خلال الأيام القادمة. لأن تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حول تلقي بعض الفصائل "الجهادية" الدعم من الخارج، تشير إلى بعض الخلافات وراء الأبواب المغلقة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تركيا، بحكم موقعها الجغرافي، هي الجهة الوحيدة القادرة على تقديم "الدعم" الذي ادعى الوزير الروسي وجوده.

أما الولايات المتحدة، فهي توجه رسائل إلى روسيا من خلال مواقف معارضة للأسد من جهة، بينما تنشئ إدارة جديدة مع حليفها حزب الاتحاد الديمقراطي على ربع الأراضي السورية من جهة أخرى. وربما تكون هذه الإدارة جزء صغير من مخطط يشمل العراق وسوريا.

نتحدث هنا عن نموذج لا يسمح باقتتال كردي- عربي ويتيح الفرصة لكلا الطرفين بالانفصال عن بعضهما بشكل "متحضر"، عندما يحين الوقت. فالولايات المتحدة وحلفاؤها أعلنوا أنهم لن ينفذوا عمليات عسكرية في مناطق سيطرة النظام، وتركوا غرب الفرات لروسيا.

الاتفاقية التي وقعها الأسد، الرئيس "الرمزي" لسوريا، مع روسيا يبدو أنها ستبقيه في الوقت الراهن ضمن النظام. وفي الواقع يدين الأسد في إبرام هذه الاتفاقية لوقوع القاعدتين الروسيتين الجوية والبحرية في منطقة تحيط بها أغلبية علوية، وليس لمواهبه السياسية والشخصية.

من الملفت للانتباه أن وجود "انسجام" بين الحملات الروسية الأخيرة والمخططات الأمريكية لإعادة تشكيل العراق وسوريا. ويمكننا اعتبار الأحداث التي نشهدها اليوم الإرهاصات الأولى لما سيحدث خلال العقود القادمة.

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس