المستشار خالد شبيب - خاص ترك برس

عندما تكون سوريا بين مخلوفين ورئيس تابع، فظنّ سوءًا ولا تسألْ عن الخبرِ.

مخلوف الأول رجل أعمال بشار الأسد الذي سطا على الأملاك العامة للدولة بذريعة المستثمر الخاص.

مخلوف الثاني وزير الإدارة المحلية حسين مخلوف الذي " زَيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا".

نعم... سطا وزير الإدارة المحلية على الأملاك الخاصة للشعب السوري بمرسوم غير شرعي ولا دستوري ومنافي لأبسط حقوق الإنسان...

بعد عمليات التحديد والتحرير التي تمت منذ أكثر من مئة عام واستقرت الملكية، صدر المرسوم رقم 13 عام 2016.

والذي تم من خلاله إعادة نسخ الملكية إلكترونيا وفتح باب الاعتراض لمدة 4 أشهر فقط في حال أراد أحد أن يعترض على ملكية أي شخص آخر ليتمكن المعترض من نقل الملكية إلى سجله العقاري"، و كان هدف هذا المرسوم (رقم 12) شرعنة سرقة الممتلكات العقارية وتمليكها لأشخاص جدد وجاء لخدمة الذين يريدون الاستيلاء على أملاك الأهالي غير الموجودين في سوريا أو أنهم في المناطق المحررة.

مثال: هناك الكثير من سكان الأرياف لديهم أملاك في المدن الكبرى كدمشق وحمص وحماة... يوجد فيها عشرات الآلاف من المنازل التي يمتلكها أشخاص من الأرياف وبإعادة النسخ إلكترونيا سيتمكن أي شخص قريب من السلطة في دمشق أن يعترض على ملكية أي منزل صاحبه في الريف خلال 4 أشهر ويتمكن بعدها من نقل الملكية لاسمه وبالتالي يستولي على ملكية الأشخاص الحقيقيين.

ثم جاء المرسوم المشؤوم 10 لعام 2018 كجريمة كبرى يرتكبها النظام المستبد في سوريا استكمالا لجريمة التغيير الديموغرافي والتهجير القسري الذي يقوم بها منذ بداية الثورة السورية.

بشار الأسد، بعد أن هجّر السكان الأصليين في كثير من المناطق السورية أصدر مرسوما تشريعيا لسلب أملاك المواطنين المواطنين ومصادرتها بموجب المرسوم رقم 10 لعام 2018، الذي أجاز إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر ضمن المخطط التنظيمي العام للوحدات الإدارية بمرسوم بناءً على اقتراح وزير الإدارة المحلية والبيئة وتعديل بعض مواد المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012.

* يأتي صدور هذا المرسوم بوقت مشبوه يترافق مع عملية التهجير القسري لأهالي الغوطة واستكمالا لعملية التهجير القسري للمدن السنية التي تحيط بالعاصمة دمشق.

* كان المرسوم التشريعي 66 لعام 2012 قد قضى بإحداث منطقتين تنظيميتين في دمشق.

- المنطقة الأولى: تنظيم منطقة جنوب شرق المزة من المنطقتين العقاريتين مزة - كفرسوسة.

- المنطقة الثانية: تنظيم جنوبي المتحلق الجنوبي من المناطق العقارية مزة - كفرسوسة - قنوات بساتين - داريا - قدم.

إن المتابع لحيثيات المرسوم السابقة رقم 66 لعام 2012 لن يجد صعوبة في فهم أهداف النظام المستبد من وراء اصدار المرسوم رقم 10 لعام 2018.

حيث أن منطقة المزة أصبحت مستعمرة لشبيحة النظام الطائفية وكذلك كفرسوسة التي تعتبر منطقة عسكرية لتواجد اغلب الفروع الأمنية فيها بالإضافة الى وزارة الدفاع والإدارات العسكرية العامة وإدارة الجمارك.

كما أن مدينة داريا وحي القدم أصبحتا خاليتين من سكانها الأصليين بعد تهجيرهم قسريا إلى الشمال السوري وحلّت محلهم قطعان طائفية من إيرانيين وأفغان ومرتزقة ما يسمى بحزب الله.

والمتصور من هذا المرسوم أن الدور قادم على أحياء أخرى في دمشق كحي التضامن وشرق النهر والمنطقة الممتدة الى طريق المطار جنوب شرق دمشق وأحياء تشرين والقابون وبرزة وعش الورور شمال شرق دمشق ثم إلى مناطق أخرى في الغوطتين الغربية والشرقية ومناطق العشوائيات التي دمرها في حماه وحلب وحمص وباقي المحافظات.

المادة الأولى من المرسوم:

- تطلب الوحدة الادارية خلال مدة أسبوع من تاريخ صدور مرسوم احداث المنطقة التنظيمية من مديرية المصالح العقارية ومديرية السجل المؤقت أو أي جهة عامة اجاز صك احداثها مسك سجلات توثيق الملكيات إعداد جدول بأسماء أصحاب العقارات مطابق للقيود العقارية او السجل الرقمي متضمنة الاشارات المدونة على صحائفها.

- على الجهات المعنية المذكورة في الفقرة /أ/ السابقة تأمين الجداول المطلوبة خلال مدة أقصاها /45/ خمسة وأربعون يوما من تاريخ تسجيل كتاب الوحدة الادارية لديها.

- تشكل الوحدة الادارية بقرار من رئيسها خلال شهر من تاريخ صدور مرسوم احداث المنطقة التنظيمية لجنة أو أكثر، لحصر وتوصيف عقارات المنطقة وتنظيم ضبوط مفصلة بمحتوياتها من بناء وأشجار ومزروعات وغيرها مع أجراء مسح اجتماعي للسكان في المنطقة ولها أن تستعين بالصور الفضائية والجوية للاستناد إليها في عمل اللجنة واللجان الأخرى وينص قرار تشكيلها على المدة اللازمة لإنجاز عملها.

* أولًا: المآخذ على نص المادة الأولى:

• لقد تم توثيق كثير من حالات التلاعب بالسجلات العقارية في سورية من قبل عصابات النظام لصالح توطين جماعات طائفية داخلية وإثنية أجنبية من إيران ولبنان وأفغانستان وغيرها.

• كما أن عصابات النظام قامت بحرق دور المحاكم ودوائر السجلات العقارية ودوائر السجلات المدنية في المناطق التي ثارت على النظام.

• ما زالت هناك مناطق واسعة خارج سيطرة النظام في ريف حماه وحمص وإدلب وريف حلب الرقة و دير الزور ودرعا وريف دمشق.

• لم يعد خافيا على أحد أعمال شبيحة النظام وجيشه من سرقة ونهب وحرق ممتلكات الناس بالإضافة إلى ما دمرّته الطائرات الحربية والبراميل المتفجرة وصواريخ روسيا وإيران.

• فماذا ستحصي هذه اللجان في ظل دمار كلي لبعض المدن والقرى والمناطق الكبرى، وكيف ستُجري المسح الاجتماعي وهناك أكثر من 13 مليون سوري بين شهيد ومفقود ومعتقل ومهجّر ونازح ولاجئ ومغترب وأغلب هؤلاء مسجّلين على لوائح المطلوبين للفروع الأمنية للنظام.

المادة الثانية من المرسوم:

- تدعو الوحدة الإدارية خلال شهر من صدور مرسوم لاحداث المنطقة المالكين وأصحاب الحقوق العينية فيها بإعلان ينشر في صحيفة محلية واحدة على الأقل وفي إحدى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والموقع الإلكتروني لها وفي لوحة إعلاناتها ولوحة إعلانات المنطقة للتصريح بحقوقهم.

وعلى هؤلاء وكل من له علاقة بعقارات المنطقة التنظيمية أصالة أو وصاية أو وكالة أن يتقدم إلى الوحدة الإدارية خلال ثلاثين يوما من تاريخ الإعلان بطلب يعين فيه محل إقامته المختار ضمن الوحدة الإدارية مرفقا بالوثائق والمستندات المؤيدة لحقوقه أو صور عنها “إن وجدت” وفي حال عدم وجودها عليه أن يذكر في طلبه المواقع والحدود والحصص والنوع الشرعي والقانوني للعقار أو الحقوق التي يدعي بها وجميع الدعاوى المرفوعة له أو عليه.

- يجوز لأقارب أصحاب الحقوق حتى الدرجة الرابعة أو بموجب وكالة قانونية ممارسة الواجبات والحقوق المنصوص عليها في الفقرة السابقة نيابة عن أصحابها.

ثانياً: المآخذ على المادة الثانية من المرسوم:

• بالنسبة لموضوع مهلة الثلاثين يوما الممنوحة للمواطنين لتقديم الوثائق والمستندات:

إن خروج اكثر من 50% من الأراضي السورية عن سيطرة النظام ألجأته إلى نقل مراكز الدوائر الرسمية من الدوائر العقارية والمحاكم ودوائر الأحوال المدنية وغيرها إلى مراكز المحافظات أو إلى محافظات أخرى ومن المعروف أنه في الحالة العادية فإن اقصر رحلة للمسافر العادي ضمن مناطق سيطرة النظام تستغرق يوماً كاملا لكثرة الحواجز وتشعب الطرق، فكيف بالمطلوبين أو المواطنين الذي يقطنون المناطق المحررة أو المحاصرة او اللاجئين في مخيمات النزوح او الدول المجاورة لذا فإن هذا الشرط شرط تعجيزي يهدف إلى حرمان أصحاب الحقوق من الحفاظ على حقوقهم.

• إن خطورة هذا المرسوم تكمن في هذه المادة أعلاه حيث أنها توجب على أصحاب الحقوق العينية على العقارات تقديم الوثائق والمستندات المؤيدة لحقوقهم إلى الوحدة الإدارية خلال ثلاثين يوما من تاريخ الإعلان وجعلها مهلة سقوط الحق.

• باب كبير للوحدة الإدارية لوضع يدها على العقارات وسلبها لصالحها وفق نص المادة (22) المعدل للمادة 35 من المرسوم 66 لعام 2012 الذي نص على أنه:

"يجوز للوحدة الإدارية وضع اليد على الأملاك العامة ومقاسم المشيدات العامة والمقاسم المخصصة للمنذرين بالهدم الخالية من الأبنية بعد إحداث المنطقة التنظيمية، ولها أن تضع يدها على الأملاك العامة ومقاسم المشيدات العامة المبينة بعد إنجاز تقدير المنطقة".  

• وحصر حق أصحاب الحقوق المتضررين المطالبة بالتعويض أمام القضاء العادي وفق المادة (8) من ذات المرسوم:

(... ويبقى للمتضرر الذي لم يكن طرفا في النزاع أمام اللجنة أن يداعي مسبب الضرر بالتعويض عن الضرر الذي أصابه أمام القضاء العادي".

* أما بالنسبة للوثائق المطلوبة وهي صكوك الملكية من سندات تمليك أو أحكام قضائية أو حصص إرثية تحتاج إلى وثائق حصر الإرث التي تتطلب إثبات وفاة المورث ومن هم الورثة المستحقين،
 فهذا الطلب يهدف إلى تعطيل حق أصحاب الحقوق في إثبات ملكيتهم لها للأسباب التالية:

- الوضع القانوني للمتوفين:

فمن المعروف أن أكثر من مليون شهيد سقطوا في هذه الحرب وأن أكثر من 90% من حالات الوفاة لم تسجّل في السجلات الرسمية وما زالوا أحياء في الأوراق الرسمية وهم أموات حقيقة فكيف سيتم تسوية أوضاعهم القانونية وكم من الوقت تحتاج هذه الإجراءات.

- الوضع القانوني للمفقودين:

هناك عشرات الآلاف من السوريين ممن لا يعرف مصيرهم فكيف سيتم إثبات حياتهم أو موتهم أو فقدانهم وما زالت الحرب مستمرة وما زال النظام يتعامل مع أكثر من نصف السوريين على انهم خارج القانون ويحرمهم جميع حقوقهم وهناك أحكام قانونية أخرى في قانون الأحوال الشخصية أو القانون المدني تنظم ذلك ولا يمكن القيام بتلك الإجراءات في الأوضاع الحالية التي يعيشها السوريون.

- الوضع القانوني للمعتقلين:

تدل الإحصائيات على أن أكثر من ثلاثمئة ألف أغلبهم مجهول المصير فمنهم من نفذ بحقه الإعدام ومنهم من مات تحت التعذيب ومنهم من ينكر وجوده النظام فكيف سيتم تسوية الوضع القانوني لهؤلاء والنظام لا يمنح شهادة عن حالة وفاة لمعتقل سواءً توفي نتيجة الإعدام أو التعذيب أو المرض أو وفاة طبيعية.

- أما الوضع القانوني لحالات الزواج والطلاق والولادة:

كثير من السوريين النازحين او المهجّرين او اللاجئين لم يستطيعوا تسجيل وقائع زواجهم أو طلاقهم أو مواليدهم في السجلات الرسمية وهناك أكثر من مليون واقعة زواج ومثلها من حالات الولادة وعشرات الآلاف من حالات الطلاق.

المادة الثالثة من المرسوم:

- يتم انتخاب خبراء مالكي العقارات في المنطقة التنظيمية بدعوة عامة من الوحدة الإدارية للمالكين الذين حددوا موطنهم المختار في صحيفة يومية على الأقل لانتخاب ممثليهم ويعد الانتخاب صحيحا بأكثرية أصوات من لبى الدعوة ويحدد في الدعوة مكان الانتخاب وزمانه.

- إذا لم يلب أصحاب عقارات المنطقة التنظيمية الدعوة لانتخاب ممثليهم في لجنة تقدير القيمة يقوم رئيس محكمة البداية المدنية الأولى في المحافظة بتعيين الخبيرين المشار إليهما.

ثالثاً: المآخذ على المادة الثالثة:

• نفس المآخذ على المادة السابقة ينطبق على هذه المادة وبالتالي حرمان المهجرين والمعتقلين واللاجئين والنازحين وورثة الشهداء والمفقودين من حقوقهم  الثابتة شرعا وقانونا.

المادة التاسعة والعاشرة من المرسوم:

المادة التاسعة من المرسوم:

• تقوم الوحدة الادارية بما يلي:

"وضع نظام لتشغيل واستثمار وصيانة البنى التحتية في المنطقة التنظيمية وتقديم الخدمات... يحدد فيه مآل عائدات الاستثمار حسب الحال وذلك بالاتفاق بين الوحدة الإدارية والمؤسسات والشركات المختصة بتقديم الخدمات المشار إليها في الفقرة السابقة ويبين هذا النظام تفاصيل العلاقة بين إدارة المنطقة التنظيمية وتلك الجهات ضمن الأنظمة والقوانين الناظمة لعملها".

المادة العاشرة من المرسوم:

"يحدث لدى الوحدة الإدارية بقرار من وزير الإدارة المحلية والبيئة صندوق خاص لكل منطقة تنظيمية لتغطية وتمويل كل النفقات المبينة في المادة /19/ من المرسوم التشريعي رقم /66/ لعام  
 /2012/ المعدلة وفق أحكام هذا القانون ولإشادة أبنية السكن الاجتماعي والبديل وكل نفقات المنطقة التنظيمية.

- يتم تمويل الصندوق من:

1- القروض من المصارف المعتمدة.

2- الإيرادات الناتجة عن عقود المبادلة أو المشاركة التي يبرمها مجلس الوحدة الإدارية لغاية تمويل الصندوق مع الأشخاص الاعتباريين المختصين مقابل تمليكهم حصصا في المقاسم التنظيمية العائدة للوحدة الإدارية وقيمة ما تبيعه من مقاسمها بالمزاد العلني".

رابعاً: المآخذ على المادتين التاسعة والعاشرة من المرسوم:

•تمويل صندوق التعويضات للوحدة الإدارية من قبل المصارف والشركات مقابل تمليكهم حصص في المقاسم والاستثمار في المناطق التنظيمية يفتح الباب للشركات الأجنبية للاستثمار بعقود صورية تخفي النوايا الخبيثة للنظام من وراء سن هذا المرسوم وهي إتمام عملية التغيير الديموغرافي لصالح الشركات والمجموعات الطائفية الداخلية والأجنبية.

الخلاصة وما يجب عمله:

ما سمي بالمرسوم رقم /10/  لعام 2018 الصادر مؤخرا غير دستوري أصلا وصادر عن سلطة غير شرعية، يضاف على الجرائم ضد الإنسانية التهجير القسري والتغيير الديموغرافي لشرعنة سلب الأملاك من أصحابها الحقيقيين.

ما يجب القيام به:

أولا: قيام جهات قانونية متخصصة بنسخ السجلات العقارية إلكترونيا في المناطق التي يتمكتون من الوصول إليها وهي خارج سيطرة النظام وحفظ السجلات العقارية بعد نسخها والاحتفاظ بنسخة وإعطاء الحكومة المؤقتة نسخة ثانية.

ثانيا: الاحتفاظ بسندات الملكية من قبل الملاك  لحين تجهيز ملفات خاصة بها لحين سقوط الحكم المستبد في سوريا وتقديم الملفات الى قضاء عادل حينها.

ثالثا:  يجب على الحكومة المؤقتة والشخصيات الثورية المعروفة على المستوى العالمي الإسراع والتحرك فورا لمخاطبة الجهات الدولية صاحبة الاختصاص لتثبيت حقنا لديها وللقيام بدورها لاعتبار هذا المرسوم وغيره باطلا ولاغيا وكل المراسيم ذات الصلة والمتخذة ضد الشعب السوري منذ عام 2011 قيام الثورة حتى الآن. والطلب من مجلس الأمن عقد جلسة خاصة للنظر بهذا الموضوع.

ونختم بالقول:

إن من يسلبُ حقاً بالقتالْ

كيف يحمي حقهُ يوماً إذا الميزانُ مالْ

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس