فيردا أوزير – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

الأسبوع الماضي، تعرضت الولايات المتحدة وأوروبا لصدمة قوية. وصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنقرة في أول جولة خارجية عقب انتخابه، ووضع مع نظيره أردوغان حجر أساس أول محطة نووية تركية. ثم أعلنت روسيا أنها ستسلم تركيا منظومة إس-400 في موعد أقرب. وفي اليوم التالي وصل الرئيس الإيراني أيضًا أنقرة، ليعقد الزعماء الثلاثة قمة بشأن الملف السوري.

لم تكن هذه التطورات وحدها وراء صدمة الولايات المتحدة وأوروبا، فروسيا وإيران تتصدران قائمة التهديدات بالنسبة لهما.

الأزمة البريطانية الروسية التي نشبت الشهر الماضي بسبب تسميم العميل المزدوج ما تزال تداعياتها مستمرة، ومن المنتظر أن يفرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقوبات قاسية على روسيا، في حين قررت أوروبا مؤخرًا تشكيل "منطقة شنغن عسكرية" في مواجهة التهديدات الروسية. أصل المسألة هو النفوذ المتزايد لبوتين في الشرق الأوسط والبحر الأسود.

أما إيران فهي في قمة اهتمامات ترامب، الذي يسعى لإلغاء الاتفاق النووي معها، وكسر نفوذها في الشرق الأوسط وعلى الأخص في العراق وسوريا.

مما لا شك فيه أن تقارب أنقرة مع موسكو وطهران في مثل هذه الظروف يثير حفيظة الغرب، بيد أن هذا التقارب لم يأتِ من فراغ.

يشير المسؤولون الأتراك إلى أن السبب الأول في التقارب المذكور هو عدم تحقيق شراكة مماثلة مع الولايات المتحدة. ولم تتمكن تركيا من جعل الولايات المتحدة تعتمد الجيش السوري الحر قوة برية لها.

وفوق ذلك فإن الولايات المتحدة فضلت العمل مع وحدات حماية الشعب، المرتبطة بحزب العمال الكردستاني. وبدأ الكثير من بلدان الاتحاد الأوروبي يتحمس لهذا التعاون.

السبب الثاني الذي دفع تركيا إلى الشراكة مع روسيا وإيران هو ضرورة ضم كل من البلدين إلى عملية الحل السياسي في سوريا. في البداية كانت إيران، وهي أكبر داعم للنظام، تعرقل التعاون التركي الروسي.

على سبيل المثال، في ديسمبر 2016، انتهكت إيران اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصل إليه البلدان. من جهة أخرى  أغلقت روسيا الأجواء السورية أمام تركيا عقب أزمة إسقاط المقاتلة، وهذا قيد تحركاتها إلى حد بعيد. ولهذا فإن التعاون مع هذين البلدين ضرورة تفرضها الساحة.

لكن كل ذلك لا يعني أن التعاون مع روسيا وإيران خالٍ أو سيكون خاليًّا تمامًا من المنغصات. فمن أهم الخلافات الفكرية مع الطرفين رغبة روسيا في ضم وحدات حماية الشعب إلى الحل السياسي في سوريا ومرونتها في التعامل مع الوحدات، في حين تتخذ إيران موقفًا معاديًا للمجموعات السنية في سوريا وتعارض صراحة عملية غصن الزيتون.

ولهذا فإن أنقرة تتبع استراتيجية تعتمد على إقامة توازن دقيق بين الغرب وروسيا. لكن هذه الاستراتيجية تقتضي من تركيا المزيد من العمل مع الغرب على الأخص عندما نضع في عين الاعتبار عضوبتها في الناتو ورؤيتها بخصوص الاتحاد الأوروبي.

عن الكاتب

فيردا أوزير

كاتبة صحفية تركية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس