ترك برس

تباينت آراء الخبراء والمحللين السياسيين حول أبعاد تصريح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بأن الضربات الجوية الأخيرة على أهداف للنظام السوري تسببت بتباين بين روسيا وتركيا بشأن الملف السوري.

وقال ماكرون، خلال مقابلة تلفزيونية: "بهذه الضربات وهذا التدخل، فصلنا بين (موقف) الروس والاتراك في هذا الملف (...) الأتراك دانوا الضربات الكيماوية ودعموا العملية التي أجريناها".

وفجر السبت الماضي، أعلنت واشنطن وباريس ولندن، شن ضربة عسكرية ثلاثية على أهداف تابعة للنظام السوري.

وجاءت تلك الضربة الثلاثية، ردًا على مقتل 78 مدنيًا على الأقل وإصابة مئات7 أبريل/ نيسان الجاري، جراء هجوم كيميائي نفذه النظام السوري على مدينة دوما، في الغوطة الشرقية بريف دمشق.

الرئاسة الروسية (كرملين)، علّقت على تصريح ماكرون بالقول إن الضربة العسكرية التي وجهتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ضد مواقع تابعة للنظام السوري، لم تنجح في دق إسفين الخلاف بين روسيا وتركيا.

وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف: "ليس سرا أن موسكو وأنقرة تختلفان في عدد من القضايا. هذا لا يمنعنا من تبادل الآراء ومناقشة اختلاف المواقف، وهو لا يؤثر على آفاق التعاون متعدد الأوجه، وتنفيذ المشاريع الكبرى".

الكاتب والمحلل السياسي التركي أنس يلمان، قال إن تركيا تريد الحفاظ على علاقات متينة، خاصة بعد تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي قال فيها إن الضربة الثلاثية فكّت تحالف أنقرة وموسكو.

وأضاف أن تركيا تدرك جيدا أن فرنسا تسعى لاستعادة وجودها في المنطقة بالاستناد إلى أميركا، مؤكدا أن أنقرة لن تسمح لها بذلك، خاصة أنها كانت تدعم الوحدات الكردية في عفرين.

وأكد يلمان، خلال مشاركته في برنامج على قناة الجزيرة القطرية، أن تركيا ستتمسك بتحالفها مع روسيا وإيران ولن تتحالف مع أميركا وبريطانيا وفرنسا، مع الحرص على عدم معاداة الدول الثلاث.

من جهته، قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس-الجنوب خطار أبو دياب إن فرنسا تريد إستراتيجية غربية متماسكة في سوريا، ولا تريد ترك البلاد فريسة سهلة لروسيا وإيران.

وجزم بأن أميركا لن تتخلى عن الساحة السورية، خصوصا مع الحديث عن مواجهة قادمة بين إسرائيل وإيران، معتبرا أن الحفاظ على أمن إسرائيل سيفرض عليها البقاء في سوريا.

وأضاف أن فرنسا لديها الآن بعد الضربة الثلاثية خارطة طريق مع أربع دول هي أميركا وبريطانيا والسعودية والأردن، تقوم على بذل المساعي لإقناع روسيا بأن الحفاظ على مصالحها في سوريا يتطلب مرونة لبناء حل سياسي يضمن حل الأزمة السورية.

وتُشير تقارير إلى أن ماكرون يسعى لأن تكون بلاده ضمن منظومة الدول المبادرة بالحل السياسي في سوريا، ولذلك ركز بعد الضربة الثلاثية على التواصل مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وبقية الفاعلين في الساحة السورية. ودعا مجلس الأمن إلى "استعادة المبادرة على الصعد السياسية والكيميائية والإنسانية في سوريا لضمان حماية السكان المدنيين، وليستعيد هذا البلد السلام في نهاية المطاف".

في المقابل، يرى رئيس معهد الاستشراق لدى أكاديمية العلوم الروسية فيتالي نعومكين، في حديث لوكالة "تاس" إن "التحالف الثلاثي (أميركا وبريطانيا وفرنسا) تمكّن، ولو جزئيا، من تحقيق أحد الأهداف التي سعى وراءها قادته، وهو دق إسفين في العلاقات بين أطراف ثلاثي روسيا وتركيا وإيران، حيث أيدت أنقرة في خطوة كانت متوقعة، الضربة الغربية المحدودة على سوريا".

وأضاف نعومكين أن الخلافات بين الدول الضامنة لعملية أستانا للتسوية السورية، كان من المستحيل إخفاؤها حتى من ذي قبل، مشيرا إلى أن الفضل في "استمرار التعاون في صيغة أستانا، بل وتطويره في ظل هذه الخلافات، يعود لدور موسكو التي نجحت في تدوير الزوايا الحادة عبر دبلوماسية مسار أستانا والزخم الكبير الذي يميز علاقاتها الثنائية مع طرفي ثلاثي أستانا الآخرين.

واعتبر نعومكين أن حل الأزمة السورية لا يزال بعيد المنال، ولا يمكن أن يكون عسكريا، مضيفا أن الاستخدام الأحادي للقوة لا يعجّل في تسوية النزاع في سوريا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!